موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
بمناسبة عيد الميلاد المجيد 2021 وجّه بطريرك موسكو وسائر روسيا كيريل رسالة إلى رؤساء الأساقفة والرعاة والشمامسة والرهبان وجميع المؤمنين أبناء الكنيسة الأرثوذكسية الروسية كتب فيها أتمنى للجميع عيدًا سعيدًا في عيد ميلاد المسيح. إنَّ الخليقة كلها تفرح في هذه الليلة المشرقة، لأن الرب قريب، ويصل الآن، خلاص العالم وانتظار الأمم. لقرون، انتظر البشر مجيء المخلص: إذ طردوا من الجنة، فقدوا ارتباطهم بالخالق، ونسوا فرح الشعور اليومي بالحضور الإلهي، وسماع صوته ومخاطبته وسماع رده على الفور، فرح أن يعرفوا أنهم بأمان لأن الرب هنا وقريب منا.
تابع بطريرك موسكو وسائر روسيا يقول إن هذا الشعور بالأمان والحماية والهدوء هو ما نفتقده اليوم، فيما تستمر آفة مدمرة في تعديل الحياة اليومية، وأصبح من الصعب أن نتكهّن ونضع الخطط، وأصبح غياب اليقين في المستقبل يسبب توترًا مستمرًا ومقلقًا. ومع ذلك، في هذه الظروف الصعبة، شعرنا بشكل خاص بهشاشة الحياة البشرية، وأدركنا أن كل يوم جديد هو عطية من الله لا تقدر بثمن؛ وفهمنا ثقل الوحدة وأهمية القدرة على التفاعل بانتظام مع والدينا ومع المقربين منا. وإذ نتأمّل اليوم في الطفل يسوع الذي يرقد في المذود، تحيط به أمه الطاهرة والقديس يوسف، نفهم أن وحدها محبة الله والبشر هي القادرة على تقويتنا في التجارب، وعلى طرد الخوف من قلوبنا، وعلى إعطائنا القوّة لكي نقوم بأعمال صالحة.
أضاف بطريرك موسكو وسائر روسيا يقول إنَّ والدة الله الكلية القداسة قد وجدت نفسها أيضًا في صعوبة في إحدى أهم لحظات حياتها: في مدينة أجنبية، في مكان مهجور، في مغارة للماشية. ومع ذلك، بدت لها تلك المغارة المتواضعة أجمل القصور، لأن قلبها كان مُفعمًا بالحب لابنها وإلهها: وهذا الحب غير كل شيء من حولها، ولم تلاحظ العذراء عدم ملاءمة المغارة وفقرها المدقع. إنَّ امتنانها للخالق وحنانها للمولود الجديد، سمحا لها برؤية صلاح العناية الإلهية في جميع الظروف التي وضعها فيها الرب.
تابع بطريرك موسكو وسائر روسيا يقول اليوم إذ نمثل في فكرنا أمام مغارة المخلص، الذي يقف بقربها الخالق مع الخليقة بأسرها - البشر والحيوانات والملائكة خدام مصدر الوضوح الإلهي - نشعر أن محبة الله تحيط بنا، وأننا متحدين حول المسيح. لنُزل قيود الخوف وعدم الثقة، والقلق واليأس عن أرواحنا، ولنصغِ إلى صوت ابن الله الذي جاء إلى الأرض الخاطئة ليدعو إليه جميع المتعبين والمثقلين، واعداً إياهم بالراحة. هو يأتي ويعلمنا كيف نعيش لكي تصبح طوبى الفردوس التي فقدناها حقيقة مجدّدًا، لا بل لكي يتمكن الإنسان أيضًا، بطريقة سرّيّة تفوق الوصف من أن يتَّحد بالرب.
أضاف بطريرك موسكو وسائر روسيا يقول إنَّ ملك السماء الذي ظهر على الأرض قد فعل كل شيء من أجل خلاصنا. يبقى علينا فقط أن نقبل محبته، ونجيب عليها بأفعالنا، ونعيش بحسب الوصايا، رحماء وثابتون في الإيمان تُحركنا الرغبة في أن نكون مع الله ومستعدين لا لكي ننال النعم الوافرة من يديه الأبويتين، وإنما أيضًا لكي نتغلّب على الصعوبات، ثابتين في الرجاء به وواثقين به.
وختم بطريرك موسكو وسائر روسيا كيريل رسالته بمناسبة الميلاد بالقول أيها الأحباء، أتمنى لكم مجدّدًا عيدًا سعيدًا في عيد ميلاد المسيح. يشهد القديس لاوون الكبير: "لا يبقينَّ أحد بعيدًا عن هذا الفرح، لأن سبب الفرح عينه هو مشترك بين الجميع. ليبتهج القديس، لأنه يقترب من الانتصار، وليفرح الخاطئ، لأنه قد دُعيَ إلى المغفرة". ليهبكم الرب صحة النفس والجسد، وليمنحكم فرحًا لا ينضب وقوة الروح، وليعطيكم القوة لتتمِّموا أعمالكم وتواصلوا المضي قدمًا على درب الخلاص.