موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
في إطار الزيارة التي يقوم بها إلى جمهورية جنوب السودان، ترأس أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان (رئيس الوزراء) الكاردينال بييترو بارولين، يوم الخميس 17 آب 2023، قداسًا إلهيًا من أجل السلام والمصالحة وذلك في مدينة رمبيك، عاصمة ولاية البحيرات.
وأمضى الكاردينال بارولين يومين في مدينة ملكال الشمالية لإظهار قرب الكنيسة من الأشخاص المتضرّرين من الكوارث الطبيعية، وأيضًا من الكوارث التي من صنع الإنسان، كما ومن اللاجئين والنازحين داخل البلاد. وعند وصوله إلى رومبيك، الخميس، أعرب الكاردينال عن سعادته بفرصة العودة إلى جنوب السودان للمرة الثالثة خلال ما يزيد قليلاً عن عام واحد.
وزار الكاردينال باولين الدولة الأفريقية لأول مرة في تموز 2022 بدلاً من البابا فرنسيس، بعد أن أجبر الأب الأقدس على تأجيل رحلته الرسوليّة المخطط لها بسبب صحته. وعاد الكاردينال بارولين بعد ذلك إلى جنوب السودان خلال زيارة البابا فرنسيس من 3 وحتّى 5 شباط 2023.
وانطلق في عظته خلال القداس من قراءة اليوم من إنجيل القديس يوحنا الذي يحدثنا عن ترائي يسوع للتلاميذ حين قال لهم "السَّلامُ علَيكم... خُذوا الرُّوحَ القُدُس. مَن غَفَرتُم لَهم خَطاياهم تُغفَرُ لَهم، ومَن أَمسَكتُم عليهمِ الغُفْران يُمسَكُ علَيهم". وقال إنّ التلاميذ قد تجمعوا خائفين في دار مغلقة الأبواب ولكن مخاوفهم تبددت ما أن جاء يسوع ووقف بينهم قائلا: السلام عليكم.
وتابع: إنّنا ومثل التلاميذ الأوائل يمكننا أن نختبر هذا التحول، وأن مخاوفنا يمكن أن تتحول إلى فرح بفضل حضور الرب القائم الذي يأتي إلينا في الاحتفال بالقربان المقدس. وأضاف أن كلمات يسوع إلى التلاميذ، السلام عليكم، هي اليوم موجَّهة إلينا.
وتوقّف بعد ذلك عند أسباب الخوف، فقال إنّ غياب العدالة والسلام في حياتنا وفي العالم هو ما يخلق لدينا الخوف ومشاعر العجز، مشيرًا إلى أنه ليس من السهل بلوغ السلام والأمن لأن هذا يتطلب التزامًا من قِبل الجميع. وأضاف أن البشر يثقون بشكل أكبر في السلام مقارنةً بالمغفرة، أي أننا نثق بشكل أكبر في أدواتنا لا في التحول الذي يأتي من بركة الرب القائم.
وعاد الكاردينال بارولين إلى الاختلافات وعدم الوفاق في عالمنا والتي هي نتيجة أسباب كثيرة مثل اللامساواة الاقتصادية والتطلع إلى السلطة وتجاهل الآخر والأنانية والتكبر وغيرها. إلا أن المخاوف قد تأتي أيضًا من داخلنا، من شكوكنا وتساؤلاتنا، وقال إنّ الإنسان حين يعيش في الخطيئة فهو يعيش في خوف، وحتى حين يبدو قويًا وناجحًا فليس هذا سوى قناع لأن الخطيئة تجعل الإنسان ضعيفًا وغير قادر على التعاطف مع الآخرين في معاناتهم، أو على الكفاح من أجل العدالة والسلام والشركة، وعلى بناء جماعة أكثر أخوّة.
وتوقّف عند المغفرة فقال إنّنا وكي ننال مغفرة الله ولنسير على درب المصالحة علينا الاعتراف بخطايانا والابتعاد عن أساليبنا القديمة لندخل مع الرب القائم جديد الحياة الذي حمله إلينا، لافتًا إلى ضرورة التخلي عن طموحاتنا الشخصية وعداواتنا، وأن ندرك أن أي ضرر يَلحق بأخ أو أخت هو ضرر للمجتمع بكامله يجعل السلام حلما صعب المنال. فإن لم ننزع سلاح قلوبنا ونتخلَ عن العنف كوسيلة لحل الاختلافات فسندمر أنفسنا، وإن لم ننمُ معًا في أخوّة فسنفقد كل شيء وسنهلك. وذكّر بدعوة البابا فرنسيس إلى اللاعنف باعتباره الأسلوب الوحيد لتجاوز الاختلافات وحل المشاكل.
وفي الختام، شدّد الكاردينال بييترو بارولين على أن تصالح البشر مع الله وفيما بينهم هي جوهر الاحتفال بالأسرار، وأضاف أن كوننا أعضاء في الكنيسة هو أكثر من مجرد المعمودية أو المشاركة السلبية في الاحتفالات، داعيًا الجميع إلى اتباع خطى المسيح بلا خوف في بحثهم عن العدالة والسلام.