موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
وُلِدَ رافائيل في 9 نيسان 1911، في مدينة بُرجُس شمالي اسبانيا، كإبنٍ أكبر من أصل ثلاث بنين وبنت وحيدة، لأبٍ هو رافائيل أرنيز ويعمل مهندسًا معماريًا وأمٍ هي مرسيدس بارون وتعمل كاتبة صحفية. نال سر المعمودية يوم 21 نيسان 1911، باسم "رافائيل للقديس ألڤارو خوسيه لسيدة الحبل بلا دنس والقديس لويس جونزاغا". ونال المناولة الاحتفالية بمسقط رأسه أيضًا في 25 تشرين الأول 1919.
درس بمدارس تديرها الرهبنة اليسوعية. لاحظ مدرسيه موهبته الفنية، إلا أن ضعف صحته وكثرة نوبات الحُمّىَ كانت سببًا في جعل دراسته متقطعة. أخذته والدته للاستشفاء في بيت جدته عام 1921، وبعد الشفاء أخذه الوالدان إلى كنيسة بمدينة سارجوسا ليشكرا الله ويضعاه في عناية مريم العذراء.
في مرحلة المراهقة ظهرت مواهبه الفنية في الرسم، وكذلك ظهر هدوئه وميله للعُزلة والتأمل بعكس طبيعة هذه المرحلة العمرية. كذلك كان خفيف الظلّ يميل إلى الدعابة المتسمة بالاحترام واللياقة. لكل تلك المواصفات كان يُعامل بكثير من الاحترام كشخص بالغ رغم صغر سنّه.
عام 1923 انتقل مع عائلته للعيش في مدينة أوڤيادو القريبة من مسقط رأسه، والتحق بكلية القديس أغناطيوس اليسوعية وأتم فيها تعليمه الثانوي عام 1929.
في إجازة ما قبل الإلتحاق بالجامعة ذهب للاستجمام لدى عمه "ليوپولدو" وزوجة عمه "ماريا" وكانا دوق ودوقة مدينة ماكيدا شمال غرب اسبانيا. هناك بدأ رحلة تأملية مع الذات ومحاولة اكتشاف كيفية الإتحاد التام بالمسيح يسوع، وقد شجعه عمه وزوجته على الانتباه لصوت الله وعدم إهمال نواة الدعوة الرهبانية داخله، وبالفعل بدأ التواصل ولأول مرة مع رهبنة الترابيست في ديرهم بمدينة فالنسيا. جذبه في هذه الرهبنة تحديدًا الحفاظ الشديد على الصمت وكانت أثر في نفسه الألحان وقت صلاة المساء أشد الإرتياح الشديد لهذه الرهبنة. قرَّر رافائيل أنه سوف يلتحق بها بمجرد إنهاء دراسته الجامعية.
في 26 نيسان 1930، بدأ دراسة الهندسة المعمارية بالجامعة في العاصمة الإسبانية مدريد، إلا أنه اضطر للإنقطاع عن الدراسة في كانون الأول من نفس العام بعد إصابته بعدوى بكتيرية تسببت في تعطُّل البنكرياس وإصابته بمرض السكر، وظلَّت تلاحقه الأمراض وتقطع دراسته بين الحين، لكنه أتمها عام 1934 وتخرَّج كمهندس معماري، وبعدها مباشرةً قدّم طلبًا للالتحاق بالرهبنة، ونال الموافقة ليصير في مرحلة الابتداء في نفس العام.
تطوَّرت حالة مرض السكر بعد دخوله الدير بأربعة أشهر فقط، وصارت تحدث أزمات قاسية للمرض في أوقات متقاربة. فألزمه رئيس دير الابتداء بالاستراحة في منزله لعدة أشهر لنوال الرعاية الطبية اللازمة مما أشعر رافائيل بالحزن الشديد، وخلال تلك الفترة تم استدعائه للجيش بسبب الحرب الأهلية الإسبانية، لكنه أُعفيَ من الخدمة بسبب سوء حالته الصحية.
عاد رافائيل إلى الدير على مراحل، حيث مكث بالدير من 29 أيلول إلى 6 كانون الأول 1936. وغادر بسبب المرض ثم عاد من 7 شباط إلى 15 كانون الأول 1937. وبرغم كل معاناة المرض، فقد كان صافي الذهن، شفاف النفس، متحرر من قيود الجسد، وكتب في الفترة ما بين كانون الأول 1937 ونيسان 1938 خطابات روحية تأملية بلغ عددها 33 خطابًا.
في عودته الأخيرة للدير، قبيل وفاته عام 1938، وبسبب وضعه الصحي، تم قبوله بالدير بعد إلحاح شديد منه بصفة ناسِك وليس راهب، ليأخذ المُتكأ الأخير ويكون على هامش حياة الدير. برغم ذلك أظهرت هذه الظروف صدق دعوة رافائيل ومحبته الشديدة للحياة الديرية وتقواه الحقيقية، فلم يستطع رئيس الدير أن يحرمه ارتداء الزي الرهباني واعتباره راهب في 17 نيسان 1938.
زاره والده ورأه للمرة الأخيرة بعد ارتداء الزي الرهباني بأربعة أيام في 21 نيسان 1938، وفي اليوم التالي أصابته حمّىَ شديدة تسببت في فقدان الوعي والهذيان، وتوفيَّ بعطر القداسة في 26 نيسان 1938، وهو بعمر السابعة والعشرين.
وصفه البابا القديس يوحنا بولس الثاني بأنه: "نموذج إنكار الذات وصدق الدعوة وقداسة الشباب، حتى أنه بذل كل طاقته للتأمل والتنسُّك ولم يستطع نطق النذر الرهباني بسبب اعتلال صحته. لقد وصل الأخ رافائيل أرنيز بارون لجوهر الدعوة الرهبانية حيث العطاء بلا أخذ والقداسة بلا اعتزاز وكبرياء، كان يسوع المسيح بالنسبة له رفيق رحلة الحب المُطلق".
تمت بشفاعته معجزات عديدة، وأُعلِن طوباويًا عن يد البابا القديس يوحنا بولس الثاني 1992. ثم تم إعلان قداسته عن يد البابا بندكتس السادس عشر عام 2009. تعيّد الكنيسة الجامعة للقديس رافائيل أرنيز بارون يوم 26 نيسان من كل عام، وتدعوه شفيعًا لليوم العالمي للشباب وشفيعًا لمرضى السكر.
فلتكن صلاته معنا.