موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الثلاثاء، ٢٣ فبراير / شباط ٢٠٢١
23 شباط: القديس بوليكاربس، الأسقف الشهيد

إعداد الأب وليم عبدالمسيح سعيد الفرنسيسكاني :

 

ولد القديس بوليكاربس عام 70 ميلاديّة.

 

يُروى عنه: "أن سيدة تقية تدعى كاليستو اشترته بناءً على رؤيا، وأودعته بيتهـا، إذ ظهر لها ملاك من االله في أحد الليالي وقال لها في حلم: "كاليسـتو، اسـتيقظي واذهبي إلـى بوابة الأفسسيين، وعندما تسيري قلـيلاً سـتلتقين بـرجلين معهمـا ولـد صـغير يُدعى بوليكـاربوس. اسـأليهما إن كـان هـذا الولـد للبيع. وعنـدما يجيبانـك بالإيجـاب ادفعي لهمـا الـثمن المطلـوب، وخـذي الصبي واحتفظي بـه عنــدك إنـه طفـل شرقي". أطاعـت كاليسـتو الرؤيـا فوجـدت كـل مـا قيــل لهــا عنــه فــى الرؤيــا، واشــترت بوليكــاربوس وأودعتــه منزلهــا، وعنــدما كبــر جعلتــه مــدبّرًا لمخازنها.

 

وحدث مرة أنها سافرت لأمـر مـا وسـلمت مخازنهـا لـه، فتجمـع حولـه الأيتـام والأرامـلّ، والتـفّ حولــه المحتاجين وكــل ذي حاجــة، فكــان بوليكــاربوس يعطــيهم بســخاء. فلمــا رجعــت الســيدة كاليسـتو أخبرهـا العبـد زميلـه بمـا حـدث وبمـا فعلـه بوليكـاربوس، لكنهـا عنـدما اسـتدعته وفتحـت المخازن وجدتها مملوءة كما كانت. فأمرت بعقاب العبد الـذي وشـى ببوليكـاربوس، لكـن للحـال طلـب منهـا بوليكـاربوس أن تعفـو عنه، معترفًا لها بحقيقة الأمر وبما حدث، وبأنه أفرغ جميع المخازن في عطائه للفقـراء. لـذلك اندهشت كاليستو من هذه المعجزة، حتى أنها تبنّت بوليكاربوس وكتبت وصـيتها بـأن يـرث كـل ما تملكه بعد وفاتها. أمّا هو فلـم يشـغله هـذا الأمـر، لأنـه كـان مسـيحيًا حقيقيًـا لـم يتـأثر بـالغنى ومحبة المال.

 

يُذكر أن بوكـولس، أسـقف سـميرنا، رسمه شماسًـا، فشـهد للمخلـص بـالكلام الكـرازة والتعليم، كما بحياته وقدوته الطيبة، مواجهًا الأمم واليهود والهراطقة. لذلك سيم كاهًنا في سن مبكرة، وقد شهد له الأسقف قائلاً: "إنه يستحق أن يكون مشـيرًا ومشاركًا له في التعليم".

 

سيم أسقفًا وهو في حوالي الثلاثـين مـن عمـره، بعـد أن اشتهر بأعمال الرحمة والمحبّة والعطاء. استضاف القديس أغناطيوس، أسقف أنطاكية، بينما كان مُقادًا إلى روما حيث مات شهيدًا، فأُعجب هذا الأخير بإيمانه، ووصفه بالراعي الصالح، ذي إيمان راسخ، وبأنه المجاهد القوى لأجل المسيح.

 

ذهب بوليكاربس إلى روما للنظر في قضية عيد الفصح مع البابا أنيقيوس.

 

كُتبـت وثيقـة استشـهاد القـديس بوليكاربس بعـد استشـهاده بفتـرة وجيـزة، وتسـجلت بهـا وقـائع شـهادته بعـد وقت قصير جدًا، لأن الكاتب قد ذكرها بالساعة واليوم والسنة والأحداث والكلمات والوصف. وأشارت الوثيقة إلى مشاعر وكلمات القديس بوليكاربوس، وكيف أنّه تطلـع للاستشـهاد كهبـة إلهيّة، وكيف شـكر االله عليـه بفـرح، مثبتًـا شـكره بكلمـة آمـين. كما تظهر الوثيقة سـمو شخصـية بوليكـاربوس الشـهيد، شارحة طريقـة القـبض علـى الأسـقف، وكيـف أنّ الجنود تعجبوا من هيبته ووداعته وعذوبته.

 

ونأتي إلى مقولة القديس الذهبية التي قالها عندما طلب منـه أن يلعن المسيح: "لقد مضت 86 عامًا أخدم فيها المسيح، وشرًا لم يفعل معي قطّ، بل أقتبل منه كل يوم نعمًا جديدة، فكيف أجدف على مالكي الذي يخلصني؟". وحينمـا هـددوه بالحرق والطرح للوحوش، قال: "إنّي لا أخـاف النـار التي تحـرق الجسد، بل تلك النار الدائمة التي تحرق النفس، وأمّا ما توعدتني به من أنك تطرحني للوحوش المفترسة، فهذا أيضًا لا أبالي بـه؛ إحضر الوحوش، واضرم النار، فها أنا مسـتعد للحريق والافتراس".

 

وحينما حاول الجند تسـميره علـى خشـبة حتى لا يتحرّك مـن شدة عـذابات الناار، قال لهم: "اتركوني هكذا، فإنّ ذاك الذي وهبني قوة لكي احتمل شدة حريق النار، هـو نفسـه سيجعلني ألبث فيها بهدوء دون حاجة إلى مساميركم". إلا أنّ الجنود أوثقوا يديه وراء ظهره، وحملوه واضعين إياه علـى الحطب، كما لو كان ذبيحة على مذبح، أمّا هو فرفع صلاته للرّب، شاكرًا إيّاه أنه سمح له أن يموت شهيدًا.

 

صلاة القديس بوليكاربوس وقت الاستشهاد: "أيها الرب الإله القدير، يا أبا يسوع المسيح، أباركك لأنك أهلّتني لأن أكون في عداد شهدائك، فأخذ نصيبي من كأس مسيحك لقيامة الروح والجسد في الحياة الأبدية، لحياة غير قابلة الفساد بقوة الروح القدس".