موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الثلاثاء، ٣ يونيو / حزيران ٢٠٢٥
والدة الطوباوي كارلو أكوتيس توجه نصيحة للشباب: لا تكونوا مجرد دمى في عالم تيك توك
"المهم هو مساعدة الشباب على إدراك أنهم مدعوون ليكونوا قديسين. كارلو صديق لهم، يشعرون بقربه منهم، شخص استطاع، في بساطته، أن يحوّل حياته إلى شيء استثنائي".
أنطونيا أكوتيس، والدة الطوباوي كارلو أكوتيس

أنطونيا أكوتيس، والدة الطوباوي كارلو أكوتيس

أبونا :

 

تحدثت أنطونيا أكوتيس، والدة الطوباوي كارلو أكوتيس، الذي سيتم إعلان قداسته قريبًا، في كاتدرائية القديس باتريك في مدينة نيويورك يوم الخميس 29 أيار الماضي. وقد أجرت معها صحيفة "ذا ريجيستر" مقابلة تناولت فيها النصائح التي يمكن أن يقدمها كارلو أكوتيس، خصوصًا لجيل الشباب، في ظلّ التحدّيات العصرية المتعلقة بالتكنولوجيا والإيمان.

 

ويُعتبر هذا المراهق، الذي كان بارعًا في استخدام الحاسوب، وتوفي بسبب السرطان عن عمر يناهز 15 عامًا، في عام 2006، قدوة لشباب اليوم بفضل حكمته في التعامل مع التكنولوجيا واهتمامه بنشر عبادة القربان الأقدس. وقد اعترف البابا فرنسيس بمعجزة مرتبطة بشفاعة كارلو، وتمّ تحديد تاريخ إعلان قداسة أول قديس من جيل الألفية في 27 نيسان.

 

ومع ذلك، تمّ تأجيل إعلان القداسة بسبب رحيل البابا فرنسيس.

 

 

وفيما يلي نص المقابلة:

 

 

Credit @earthlylynx

تحدث البابا لاون الرابع عشر عن تحدي الذكاء الاصطناعي. كيف نحمي كرامة الإنسان في مواجهة التكنولوجيا؟

 

لا شك أنّ هذا يمثّل تحدّيًا، كما كان الحال في زمن الثورة الصناعيّة، أو عند اختراع المصباح الكهربائي. ومع ذلك، أؤمن بأنّ الإنسان خُلق على صورة الله ومثاله. نحن نمتلك، على الأرجح، موارد لا حصر لها، لأنّ المسيح هو من يقودنا. لذا، يجب على من يكون قريبًا من المسيح ألا يخشى شيئًا. الذكاء الاصطناعي هو وسيلة، وإذا استخدمه الإنسان للخير، فقد يصبح موردًا إضافيًا للنفع.

 

بالطبع، أعتقد أنه عندما يتواجد الخير، قد يظهر أيضًا الشر. تكمن المشكلة في السماح للشر بالهيمنة. نشهد هذا في الإنترنت، الذي يمكن أن يكون شيئًا رائعًا، إذ يتيح الوصول إلى أي معلومات في ثوانٍ. لكن له جانب مظلم، كما نعلم، مثل المواد الإباحيّة أو العصابات التي تخدع الناس وتسرق أموالهم. هذا هو الشر. حيث توجد الحنطة، يوجد الزوان أيضًا.

 

ولكن، كلما اقترب الناس من المسيح وتغيّروا بفضل عمله، زادت انتصارات الخير. يجب أن نعي تمامًا أنه بدون المسيح، لا يمكننا القيام بأي شيء. من يدرك هذه الحقيقة يكون في طريق القداسة. لكن أحيانًا نجد صعوبة في فهم ذلك، لأنّ الإنسان يضلل نفسه ويعتقد أنه يمكنه الاستغناء عن المسيح. إذا تمكّنت الكنيسة، في مواجهة تحدي الذكاء الاصطناعي، ومن إدراك أنّ المسيح بيننا -وأنّ الله معنا في القربان الأقدس- فلا داعي للقلق، لأنّ المسيح دائمًا يحقق الانتصارات.

Credit @earthlylynx

خلال يوبيل الشباب، رأينا العديد من الشباب في روما يرتدون قمصانًا عليها صورة كارلو. كيف تفسرين هذا الانجذاب الذي يكنّه شباب العالم لكارلو؟

 

لا شكّ أنّ كارلو كان من عمل الله، بمعنى أن الرّب، من خلاله، يدعو العديد من الشباب.

 

المهم هو مساعدة الشباب على إدراك أنهم مدعوون ليكونوا قديسين. كارلو صديق لهم، يشعرون بقربه منهم، شخص استطاع، في بساطته، أن يحوّل حياته إلى شيء استثنائي. عندما يكون المسيح هو المحور، يصبح كل شيء استثنائيًّا. تتحوّل الحياة.

Credit @earthlylynx

وما هو دور الأهل والمربين؟

 

يشبه الشباب آلة كمان ستراديفاريوس، التي تحتاج إلى عازف ماهر ليخرج منها أجمل الألحان. إذا لم يتوفر العازف، ستتحوّل الأصوات إلى ضجيج. نحن الكبار، نتحمّل مسؤولية العزف على هذه الآلات، لأنهم مخلوقات الله على صورته: فريدة، ومميزة، ولا تتكرر. يكمن التحدي في توعية الشباب بأنّ الله يحبهم حبًّا لا محدود له، وأنّهم مميّزون، ولهم كرامة، وأنّ حياتهم تحمل قيمة كبيرة.

 

من الضروري أن يتذكر الشباب خالقهم. عليهم أن يفهموا أن هناك "آخر" في العالم يجب أن نلتجئ إليه. لا يمكننا أن نعيش في عزلة عن الآخرين. وهذا يتطلب منا الانفتاح على الحب، والحياة، والناس، لأنّ الحب هو العنصر الأكثر أهميّة. يقول يسوع: يجب أن نحب الله فوق كل شيء، وأن نحب قريبنا كما نحب أنفسنا. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن نعلم الشباب عن الفضائل، وأن ندرك أنه يمكن التغلب على الميول السلبية الموجودة بداخلنا –التي هي نتيجة الخطيئة الأصليّة- من خلال القوة التي يمنحنا إياها المسيح في الأسرار.

Credit @earthlylynx

فكّر كارلو وكتب كثيرًا عن ماذا يعني الموت للمسيحيين. هل يمكنك إخبارنا بذلك؟

 

يجب على الشباب أن يدركوا أن الحياة هبة يجب استثمارها بشكل كامل - ليس لأمور الدنيا فحسب، بل من أجل الأبدية. كان كارلو يُشير إلى أنّ كل دقيقة تمرّ تمثّل فرصة ضائعة لتقديس أنفسنا، لذا يجب علينا عدم تضييع هذه الحياة. ينبغي أن نعيش كل يوم وكأنه يومنا الأخير.

 

علينا أن نكون مستعدين كل يوم ذلك اللقاء الأخير مع المسيح، ويجب أن نعتبر ذلك أجمل ما يمكن أن يحدث لنا، لأنّ الحياة الأبدية رائعة. يخاف الناس من الموت بسبب عدم إيمانهم بالحياة الأبدية وبكلمات يسوع. كان كارلو يمتلك إيمانًا عميقًا، حيث كان يعلم أن الموت هو الانتقال إلى الحياة الحقيقية، ولذلك عاش حياته دائمًا لإرضاء الله وجاره. كان دائمًا يضع في اعتباره أن الحياة فانية، فهي هبة من الله وقد تنتهي في أي لحظة، في وقت لا نعرفه. لذا، لا ينبغي أن تُهدر في أمور لا يرضاها الله.

Credit @earthlylynx

تُعتبر من أبرز مشاكل الشباب هي الوقت الطويل الذي يقضونه أمام الشاشات، سواء كانت التلفاز أو الهواتف الذكية. ما هو تقييمك، وما رأيك في نصيحة كارلو حول هذه المسألة؟

 

يجب أن نتذكّر ونستعرض قصة بينوكيو مجدّدًا. وكما أن كارلو إيطالي، فإنّنا نتذكر الكاتب المبدع كارلو كولودي [المعروف بمغامرات بينوكيو] الذي ابتكر شخصية مانجيافوكو (آكل النار) [في كتابه] والدمى. لا ينبغي أن نكون دمىً في أيدي آكل النار، سواء كان ذلك متعلقًا بأحدث فيديو على تيك توك أو فيسبوك. نحن كائنات حرة خلقنا على صورة الله ومثاله، ويجب أن ندرك أهميّة التحكم في حياتنا. يجب علينا أن نرفض السماح للآخرين بالتحكم في مسارنا.

 

تتمثّل المشكلة في تعزيز الحس النقدي لدى الشباب. كيف يمكن تحقيق ذلك؟

 

من خلال الدراسة والمشاركة في العمل والصلاة والمناقشات، وخصوصًا مع الكبار. ينبغي أن يتحوّل الشباب من ضحايا إلى سادة على وقتهم الفراغ. يجب عليهم أن يدركوا أن لكل واحد منا روحًا تحتاج إلى تغذية من خلال الصلاة والقراءة، وقبل كل شيء، من خلال الأسرار المقدّسة، التي هي بمثابة دواء (كما ذكر القديس إغناطيوس الأنطاكي) للخلود. تُعتبر الأسرار المقدسة دليلاً على اختيار الله لنا لنيل النعمة الدائمة. كان كارلو يؤكد أننا كائنات حرة، مخلوقة على صورة الله ومثاله، وأنه يجب علينا أن نعيش الحياة بأنفسنا، دون أن نصبح نسخًا طبق الأصل من حياة شخص آخر.