بثت قناة "اي دبليو تي إن" (EWTN) الكاثوليكيّة، مقابلة شيّقة مع الراهبة ديردري بيرن، (Sr. Deirdre (Dede) Byrne)، فأحببتُ أن أشارك قرّاء "موقع أبونا" الأغر بملخصها، وأحيطكم علمًا ببعض المعلومات عن هذه الراهبة، التي حصلت على شهادتها في الطب من كلية الطب بجامعة جورجتاون. وقد درست فيها بمنحة دراسية من الجيش الأمريكي، كما أكملت تدريبها على الإقامة الجراحية في نفس الجامعة.

تُعدّ قصةُ الأخت ديردري بيرن، والتي اعتاد من يعملون معها على مناداتها باسم "ديدي"، قصة استثنائية للإيمان والخدمة الإنسانيّة. فهي ليست مجرّد راهبة كاثوليكيّة، بل كانت أيضًا تعمل في الجيش الأمريكي برتبة عقيد وجرّاحة معتمدة من البورد الأمريكي، كرّست حياتها لخدمة المرضى والمحتاجين في أصعب الظروف، وقد تقاعدت الأخت ديدي بيرن من الجيش الأمريكي عام2009  برتبة عقيد، بعد مسيرة امتدت لقرابة 29 عامًا من الخدمة العسكرية كجرّاحة.

تنتمي الأخت بيرن إلى رهبانيّة "العاملات الصغيرات للقلوب المقدسة" (Little Workers of the Sacred Hearts)، حيث نذرت نفسها لخدمة المحتاجين. مسيرتها المهنية مليئة بالتفاني والإخلاص، فخلال خدمتها في الجيش الأمريكي، شاركت في بعثات إغاثة طبية في مناطق النزاع والكوارث حول العالم، مثل أفغانستان والعراق والسودان وهايتي. كما قدمت المساعدة الطبية في موقع "جراوند زيرو" (Groiund Zero) بعد هجمات 11 سبتمبر الإرهابيّة. حاليًا، تواصل خدمتها من خلال عيادة مجانية تُقدم الرعاية للمرضى الفقراء، ومن لا يستطيعون شراء التأمين الصحي، في واشنطن العاصمة.

ومن الجدير بالذكر أن تقريرًا صدر عن مجلة "سراكوس لو ريفيو"، أفاد بأن الأخت بيرن رفعت دعوى قضائية ضد رئيسة بلدية واشنطن، موريل باوزر، في آذار 2022، بسبب رفض منحها إعفاءً دينيًا من لقاح فيروس كورونا. وهدّدتها بسحب رخصة ممارسة مهنة الطب منها. لا بل أنها منعتها من ممارسة أية إجراءات طبية على المرضى، حتى أنها منعتْها من إجراءات حقن المحاليل الوريدية للمرضى.

وهنا هرع أبرع المحامين لنصرتها والدفاع عنها لدى القضاء الأمريكي. فقد استند محامو الأخت بيرن في دعواهم إلى قانون استعادة الحرية الدينية الصادر عام 1993 (RFRA) والتعديل الأول للدستور الأمريكي، والذي ينص على استعادة الحرية الدينية على مبدأ أساسي هو: حماية الممارسات الدينيّة: يمنع القانون الحكومة الفيدرالية من فرض أعباء كبيرة على ممارسة الفرد لشعائره الدينية. هذا يشمل حتى القوانين التي يتم تطبيقها بشكل عام على الجميع، ولا تستهدف ديناً معيناً بشكل مباشر.

وبالفعل، بعد أيام فقط من رفع الدعوى، مَنَحَت السلطاتُ في واشنطن الأختَ بيرن الإعفاء الديني، مما سمح لها بالعودة لممارسة عملها كطبيبة وجرّاحة بحرية.

أثَـرت قصةُ الأخت بيرن في حياة الكثيرين، ومن بينهم الدكتورة ليزا ماري كرزون، مديرة برنامج القيادة في المدارس الكاثوليكية بجامعة مادونا، في مدينة ليفونيا بولاية ميشيغان. فقد ألهمتها شجاعةُ الأخت بيرن وتفانيها لكتابة سيرتها الذاتية في كتاب بعنوان "أخت، جندية، جراحة" (SISTER SOLDIER SURGEON). يسلطُ الكتابُ الضوءَ على صفاتها الحميدة، وشجاعتها في ساحة المعركة، وإسهاماتها في حركة "الدفاع عن الحياة"، حيث تعتبر من أبرز قياداتها.

قصة الأخت ديردري بيرن هي شهادة حيّة على أنّ الإيمان يـُمكن أن يتجسّد في العمل الجاد والتضحية من أجل الآخرين. إنّها نموذج للمرأة التي جمعت بين نذورها الرهبانية وخدمتها العسكرية، لتترك بصمة لا تُنسى في حياة كل من قابلتهم، سواء في ساحة المعركة أو في عيادة الفقراء.