موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الإثنين، ٢٥ يناير / كانون الثاني ٢٠٢١
كيف أسامح؟ لستُ أدري!.. بقلم أشخين ديمرجيان

أشخين ديمرجيان :

 

تعهد الملياردير "إيلون ماسك" (مؤسس  Tesla  وSpaceX) بمنح 100 مليون دولار جائزة لأفضل تقنية لالتقاط انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.. هل سيُنقذ البشريّة؟!

 

سألني صديق أُسيء إليه بشدّة من المقرّبين: "لستُ أدري كيف أسامح؟ وأنا في صراع ما بين وصيّة الله في التسامح مهما كانت الإهانات والإساءات، وطبيعتي البشريّة التي ترفض أيّ تلميح من قريب أو بعيد عن الصفح؟ وكذلك رغبتي في أن أكيل الصاع صاعين مقابل الألم والخيانة والطمع لأني مجروح من والدي وأشقّائي..."، "وكيف أتعامل مع المُعتدين الذين هضموا حقوقي؟".

 

أجبته: لستَ ملزمًا بأن تتعامل معهم بعد اليوم أو تتحدّث إليهم. حاول أن تنال حقوقك عن طريق المعارف والأصدقاء فالصفح لا يعني التنازل عن الحق والصواب. وفي نفس الوقت، ورغم شعورك بمرارة تعصر قلبك، حاول أن تسامحهم في خلوتك الوجدانية أمام الله، كما يسامحنا الله على خطايانا فتنال بركة الربّ ورضاه. حاول أن تسيطر على مشاعرك السلبيّة من غضب وغيظ وبغضاء... لتتحوّل مع الزمن إلى مشاعر ايجابيّة. تلك الانفعالات السلبية "نار" تحرقنا وتدمّر صحّتنا... واذا أطلقنا لها العنان تتحكّم في حياتنا وقراراتنا: "فالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله". وتذكّر أنّ المرء عندما يأخذ بثأره يتساوى مع خصمه وينزل إلى مستواه، لكنّه حين يسامحه يكون هو الأفضل عند الله والناس.

 

المعادلة ببساطة هي أن نستبدل الأحزان التي تؤلمنا بمشاعر الرحمة والتعاطف الحقيقيين تجاه مَن أساء الينا، اقتداءً بالسيّد المسيح الذي علّمنا المقدرة على المسامحة. وقد كتب رسول الأمم القدّيس بولس الإناء المختار: "البسوا عواطف الحنان واللطف والتواضع والوداعة والصبر. احتملوا بعضكم بعضًا، واصفحوا بعضكم عن بعض إذا كانت لأحد شكوى من الآخر. فكما صفح عنكم الربّ، اصفحوا أنتم أيضًا. والبسوا فوق ذلك كلّه ثوب المحبّة فإنّها رباط الكمال..." (قولسّي 3: 12 وتابع).

 

عندما سُئل الدكتور "جيمس سيمبسون" الاسكتلندي عن أهمّ اكتشافاته العلميّة – وهو أوّل من استخدم الكلوروفورم (البنج المخدّر 1870 -1811) في العمليات الجراحية سنة 1874 -  قال: "أعظم اكتشاف غيّر حياتي هو أنّني كنت خاطئًا... ولكنّ السيّد المسيح جهّز لي وصفة معجزة ومجانية لشفائي وخلاصي: غفران الخطايا بالندامة وسرّ الاعتراف".

 

خاتمة


"فإن تغفروا للناس زلاّتهم يغفر لكم الله وإن لم تغفروا للناس لا يغفر لكم الله زلاّتكم" (متى 6: 14-15) . بما أننا كلّنا خطأة علينا أن نغفر... لا يحقّ لنا أن نتصرّف حسب رغباتنا وعلى هوانا. بل ينبغي أن نتّخذ المواقف المناسبة، ونستوعب تعاليم السيّد المسيح لا حرفًا ميّتًا بل حياة مفعمة ايمانًا، ومحبّة وجدانيّة روحانيّة تسمو بنا فوق أباطيل العصر. ولا نتسرّع في قراراتنا لئلاّ يفضي بنا التسرّع إلى الضلال. ولا نخافنّ على العدل فقد ورد في الكتاب المقدّس: "لا تنتقموا لأنفسكم أيها الأحبّاء، لي الانتقام وأنا الذي يجازي" يقول الرّبّ (عبر 10: 30 ، رو 12: 19).