"إن أردت أن تدخل الحياة فاحفظ الوصايا" (من أقوال السيّد المسيح).

يوصينا القدّوس العليّ بتتميم وصاياه في كلّ لحظة من لحظات حياتنا قبل المثول أمامه يوم الدينونة: اذا رجعتَ إلى الربّ وسمعتَ لصوته، على حسب كل ما يأمرك به، بكلّ قلبك وكلّ نفسك، يزيدك الربّ إلهك خيراً في كل عمل من أعمال من أعمال يديك.

ويتابع الرب عزّ وجلّ وصيّته:

"إنّ هذه الوصية التي أنا آمرك بها اليوم ليست فوق طاقتك ولا بعيدة منك. لا هي في السماء فتقول: مَن يصعد لنا إلى السماء فيتناولها لنا ويُسمعنا إيّاها فنعمل بها؟ ولا هي عبر البحر فنقول: مَن يعبر لنا البحر فيتناولها لنا ويُسمعنا إيّاها فنعمل بها؟ (أي في قعر البحر لا يستطع أحد أن يصل إليها). بل الكلمة قريبة منك جدًّا، في فمك وفي قلبك لتعمل بها (أي لو ردّدتها  سوف تحبّ كلمة الربّ وتنفّذها).

أنظر! إنّي قد جعلت اليوم أمامك الحياة والخير، والموت والشّرّ .بما اني أوصيتك اليوم أن تحبّ الرب إلهك وتسير في سبله وتحفظ وصاياه وفرائضه وأحكامه لكي تحيا وتنمو ويباركك الرب إلهك. وإن تحوّل قلبك ولم تسمع وابتعدت وسجدت لآلهة أخرى وعبدتها، فقد أُعلن لكم اليوم أنّكم تهلكون هلاكاً ولا تُطيلون أيامكم في الأرض.

وقد أشهدتُ عليكم اليوم السماء والارض بأنّي قد جعلت أمامكم :الحياة والموت، البركة واللعنة، فاختر الحياة لكي تحيا، مُحبًّا الرب الهك وسامعًا لصوته ومتعلّقًا به، لأنّ به حياتك وطول أيامك" (تثنية الاشتراع : 30 : 8 وتابع).

وصيّته تعالى ممكنة وليست من المحال، بإذن الله، وإن أبدى الإنسان استعداده لاتّباعها، ترافقه نعمة الله حينئذٍ كي تسانده، والله عزّ وجلّ يدلّ الإنسان على الطريق القويم ثمّ يترك له حرّيّة الإختيار في اتّخاذ القرار المصيري، ولا يفرض عليه وصيّته فرضًا ، مع العلم أنّ الثبات في الله يمنح الحياة الأبديّة .

خاتمة

لا طريق للخلاص إلاّ بالتوبة والرجوع إلى الله وفهم كلامه ليس بالذكاء العقلي فقط بل بخضوع الإنسان لمشيئة الله والطاعة لوصيّته التي تحدّد أحداث حياته وأحكامه ورؤاه المستقبليّة وتجعله إنسانًا جديدًا ينبذ شرّ ماضيه ويلملم ما فيها من آثام وأخطاء وعيوب "مَنْ كان من الله، استمع إلى كلام الله" (يو 8: 47). الحقّ الحقّ أقول لكم: "مَن يحفظ كلامي لا يرَ الموت أبدًا" (يو 8: 51).