موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الثلاثاء، ١٠ مايو / أيار ٢٠٢٢
عكس الريح والأنواء: تحدّي التحدّيات
مقدمة التقرير السنوي لمجلس كنائس الشرق الاوسط لعام 2021
د. ميشال أ. عبس

د. ميشال أ. عبس

الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط :

 

يبدو أنّ كل سنة تأتي إلى منطقة الشرق الأوسط، ولبنان منها، مقدّر لها أن تكون أسوأ من سابقاتها على كافة الصُعُد، السياسي منها والأمني كما الإقتصادي والإجتماعي والبيئي، ممّا ينعكس يأسًا متصاعدًا لدى الناس الذين يعيشون بشكل مستمر انحدارًا لمستوى حياتهم وانحسارًا لمدى تطلّعاتهم وآفاق مستقبلهم.

 

لذلك أصبحنا، كلّما ودّعنا سنة، نتساءل إلى أيّ مدى سوف تكون السنة التالية أسوأ وعلى أيّ صُعد.

 

سنة 2021 ليست إلّا واحدة من السنوات العجاف التي تمرّ على الجزء الأكبر من الشرق الأوسط الذي ما فتئ يخضع منذ عقود لمحاولات تدمير وتفكيك وإفقار وتشريد وتهجير. إنّ نظرة جيوسياسيّة إلى الأحداث التي ذخرت بها المنطقة منذ زمن بعيد، تجعل المرء يشعر أنّ هناك خطّة منهجيّة مبرمجة للقضاء على الحضارة والوجود الإنسانيّين في بعض هذه المنطقة، وقد يكون نقص الوعي عند شرائح كبيرة من شعوبها هو العنصر الأساس لهذه الخطّة.

 

إزاء هذا الواقع، لم يكن أمام مجلس كنائس الشرق الأوسط، وهو المكوّن من الكنائس المتجذّرة في عمق هذه المجتمعات، إلّا أن يستمرّ بإداء الدور الذي اضطلع به منذ تأسيسه، وعلى كافة الصعد.

 

كل الأبعاد حاضرة في عمل المجلس.

 

البعد الإغاثي - التنمويّ الذي يتعامل عبره المجلس مع الحاجات الملحّة للجماعات المتضرّرة والمهجّرة، أكان على صعيد الغذاء أو الدواء أو الوقاية الصحيّة وصولًا إلى التربية والتعليم والتأهيل المهني وغيرها من مجالات الدعم القاعدي لحياة أفضل للناس.

 

البعد اللاهوتي وعبره تقام صلاة الوحدة بشكل دوري سنويًا، كما يجري تطوير العلاقات المسكونيّة بين كنائس المنطقة كما العلاقات المسيحيّة الإسلاميّة، إضافة إلى التشاور بين مختلف الفئات الكنسيّة حول التطلعات المستقبليّة، واسماع صوت الشباب من منظار التربية المسيحيّة. إضافة إلى ذلك، شمل البعد اللاهوتي - المسكوني لعمل المجلس تمتين العلاقات بين معاهد وكليّات اللاهوت التابعة للكنائس الأعضاء.

 

البعد الإعلامي والتواصلي يقوم بتغطية نشاطات المجلس كما نشاطات الكنائس وكلّ ما هو على صِلة بالإهتمامات التي يضعها المجلس على رأس سلّم أولوياته. تقوم النشرة الأسبوعيّة للمجلس بإيصال صوته ونشاطاته إلى جمهوره الواسع كما تتكفّل صفحات التواصل الإجتماعي للمجلس بالتفاعل مع مجتمع مسكونيّ ومهتم يزداد حجمه وتنوّعه بشكل مستمرّ.

 

من جهة أخرى، يجري تطوير الإدارات الداعمة لعمل الدوائر بشكل متواصل وذلك من أجل مواكبة النمو الذي تشهده نشاطاتها، إذ لا نماء من دون تنمية، كذلك من أجل أن يكون الأداء التنظيمي - الإداري مطابقًا للمعايير المعمول بها دوليًّا.

 

الإدارة الماليّة تقوم بتطوير طرائقها على الدوام وكلّما وجدت مستجدات في عالم إدارة المال والمحاسبة والمراجعة الحسابيّة.

 

الأمانة العامة، من جهتها، واكبت هذا التطور عبر حزمة من النشاطات والتدابير التي من شأنها أولاً تدعيم وترسيخ هذه الفعاليات وثانيًا، دفعها قُدمًا من أجل تحقيق أقصى قدر من الإنتاجية والنتائج. 

 

في هذا السياق جرى تطوير سياسات وأنظمة العمل الداخليّة واسُتحدثت وظيفتي تنسيق المشتريات وتنسيق الموارد الإنسانيّة. إضافة إلى ذلك، ومن أجل مؤازرة البرامج في بلورة المشاريع وكتابة نصوص مستندة إلى معطيات علمية، جرى استحداث وظيفة مفوّض الأبحاث التي ترفد الأمانة العامة والدوائر بالمعطيات الضرورية لكتابة المشاريع إضافة إلى تزويد الشركاء المحليّين والدوليّين بمعطيات تجعلهم يُكَوِنون صورة واقعيّة عن حال المنطقة على كافة الصعد، الإقتصادي منها والإجتماعي والديموغرافي والبيئي وغيرها.

 

في موازاة ذلك وبسبب الصعوبات الناتجة عن الحجر كما عن مشاكل الطاقة في لبنان، عمدنا إلى تدابير إداريّة تزيد من مرونة فريق العمل وترفع قدرته على التعامل مع العقبات والتحدّيات.

 

من جهة أخرى تشكّل الإجتماعات الوسيلة الفضلى للتفاعل بين أعضاء الفريق كما تشكّل أيضًا ضمانة أن يأتي اتخاذ القرارات بشكل تشاوري يكرّس المشاركة على كلّ الصعد. لذلك عمدت الأمانة العامة إلى تنسيق الإجتماعات على كافة المستويات، لفرق الدوائر ولمدراء الدوائر وللعاملين حسب الدول حيث يتواجد المجلس أو لفرق إختصاص أو حسب الموضوع الذي تجري معالجته. كلّ الإجتماعات أخذت الطابع الإقليمي، خصوصًا الإجتماع الأسبوعي لمدراء الدوائر، كما حضر الأمناء العامون المشاركون العديد من الإجتماعات مع فريق العمل أو مع الأمين العام وشاركوا في التفاعل وفي صنع القرار.

 

أمّا الشِّق الذي أخذ حيزًا كبيرًا من العمل والمجهود فهو على صلة بإيصال رأي المجلس وإسماع صوت الحركة المسكونيّة الشرق أوسطيّة إلى العالم من منطلق تحليل الأحداث والمستجّدات وإعطاء الرأي بها وذلك في بعدها الإنساني والإجتماعي والثقافي وبالإستناد إلى تعاليم السيّد المسيح وكتابات الرسل وآباء الكنيسة.

 

لقد قمنا بذلك عبر المقالات الأسبوعيّة التي كتبها الأمين العام والتي نشرت في "مومنتوم"، نشرة المجلس الأسبوعيّة التي انطلقت قبيل بداية العام. إضافة إلى ذلك كان للأمين العام ظهور إعلامي واضح بشكل يتماشى مع ضرورات العمل، كذلك المحاضرات العامة التي ألقاها، محليًّا ودوليًّا.

 

كلّ ما ورد أعلاه وارد في التقرير بتفاصيله الدقيقة ويظهر أمرًا أساسيًّا مفاده أنّ هذا المجلس جسم حيّ وفاعل في محيطه، يتفاعل مع تحدّياته ويرد عليها بالتحدّي أيضًا. هذا المجلس هو   مؤسّسة لها مجتمعها المكوّن من الكنائس ومن المؤسّسات الشريكة دوليًّا ومحليًّا وهو قادر على أن يؤدي واجبه وإتمام المهام المناطة به حتى لو صارع الرياح والأنواء.

 

إنّها القيم التي نضحت بها كلمات وسيرة المخلّص.