موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الثلاثاء، ٢٠ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢٢
رموز وعبر من الفنّ الراقي

أشخين ديمرجيان :

 

في اللوحة (الرمزيّة) للرسام "وليام هولمان هانْت" بعنوان "نور العالم"، يظهر السيّد المسيح واقفاً داخل حديقة في منتصف الليل، حاملاً بيده اليسرى مصباحًا، ويطرق بيده اليمنى بابًا خشبيًّا لبيت مهجور، قد نمت فيه الأعشاب وطالت وتكاثفت الأغصان في الأشجار، حيث لم يتمّ فتح الباب منذ فترة طويلة.

 

وُلد الرسام الانجليزي الشهير "وليام هولمان هانْت" في لندن عام 1827 للميلاد. شجّعه والده على القراءة والرسم منذ الصغر. في السابعة عشرة من عمره التحق وليام بالمدرسة الأكاديمة الملكية في بريطانيا. وفي عام 1846 أرسل وليام إلى تلك الأكاديمية تحفته الفنية الأولى وكانت بعنوان "أستمع".

 

زار "هانْت" سوريا وفلسطين عام 1854 للميلاد، لمشاهدة الأماكن التاريخية المذكورة في الكتاب المقدّس. تأثر جدًا بزيارته تلك، وكانت تلك السنة بداية نجاحه الباهر وتميّزه حيث قدّم للعالم تحفته الرائعة لوحة "نور العالم". ورسم فيما بعد  مواضيع عديدة من الكتاب المقدّس. توفّي سنة 1910 للميلاد، ودُفن في كاتدرائيّة القدّيس بولس في لندن بعد جنازة رسمية وشعبية مهيبة.

 

لوحة "نور العالم" تُذكّرنا بآية من الكتاب المقدّس في (رؤيا 20:3): "هاءنذا واقف على الباب أقرعه،  فإنْ سمع أحد صوتي وفتح الباب، دخلت إليه".

 

لدى افتتاح المعرض، عندما أزيح الستار عن اللوحة، انتقد بعض الحضور تلك اللوحة الشهيرة قائلين: "سيّد هانت، لوحتك غير كاملة، لقد نسيت أن ترسم مقبض الباب!".

 

أجابهم هانْت: "لا لم أنسَ رسم المقبض، لأنّ الباب المُغلق يرمز في لوحتي إلى النفس البشريّة، ويمكن فتح الباب من الداخل فقط بمحض إرادة الإنسان ورغبته في الإيمان". يمنح الله الإنسان مطلق الحرية كي يختار بكامل إرادته إمّا الإيمان به تعالى وبوصاياه أو بعدم الإيمان.

 

قال أغلب المؤرّخين أنّ هذه اللوحة هي أعظم تحفة معبّرة خلال القرن التاسع عشر وذاع صيتها في كلّ أنحاء العالم. وكتب وليام "سكوت": للمرّة الأولى تتحوّل لوحة فنية إلى موضوع يتبادل عنه الناس الكثير من الأحاديث في جميع أنحاء إنجلترا وفي العالم أجمع.

 

أعاد وليام رسم اللوحة مرّة أخرى عام 1904 للميلاد، بتعبير أعمق لتخرج في ثوب جديد رائع وأكثر تأثيرًا من اللوحة الأولى.

 

استُخدم الفن الرمزي على نطاق واسع وعلى مرّ التاريخ في جميع أشكال الفنون الجميلة، لأنّه يسهّل توضيح الأفكار المعقّدة والمفاهيم الصعبة بطرق لافتة للنظر لجميع المشاهدين أو القرّاء، أو المستمعين.

 

 

خاتمة

 

العبرة هنا أنّ الله العليّ لا يفرض ذاته أو وصاياه علينا، نحن أحرار في ترك أبواب قلوبنا مُغلقة. مع أنّه تعالى يُذكّرنا دومًا بمحبّته لنا. وبذلك يعلّمنا أن نعامل الآخرين بلطف من غير أن نقحم أنفسنا قسرًا وعنوة.

 

اشتكت امرأة لكاهن أنّها تشعر في كلّ خطوة من خطوات حياتها وكأنّها تمشي في الظلمة. صلّى الكاهن بحرارة، وبوحي من روح القدّوس قال لها: "أعرف ما هي مشكلتك تمامًا وأعرف الحلّ". توقّفت عن البكاء وأصغت إلى كلامه. أردف قائلاً: "أنتِ تُديرين ظهرك للشمس فترين ظلّك أمامك، وكلّما حاولت الهروب من ظلّك لا تستطيعين. واجهي الشمس "النور" كي تسيري في النور".

 

قال السيّد المسيح حينما كلّم تلاميذه وكلّمنا: «أنا هو نور العالم. من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة» (يوحنّا 8: 12-16). وكلّما ابتعدنا عن السيّد المسيح وتعاليمه، نبتعد عن النور، ونلتحف بظلام الخطيئة بمبتغى الجسد والنزوات فيخيّم علينا اليأس.