موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الخميس، ١٦ فبراير / شباط ٢٠٢٣
تأمل المطران جمال دعيبس في اليوم الثاني من لقاء الجمعية السينودسية القارية
المطران جمال دعيبس، النائب البطريركي للاتين في الأردن (تصوير: موقع أبونا)

المطران جمال دعيبس، النائب البطريركي للاتين في الأردن (تصوير: موقع أبونا)

المطران جمال دعيبس :

 

"وَسِّعي مَوضِعَ خَيمَتِكِ"

 

يذّكر النّبيُّ أشعيا الشّعبَ أنّه شعبٌ محبوبٌ أوّلًا وذلك من خلال التّذكير بالماضي وبما صنعه الله مع شعبه. من خلال قصّة الله مع الشّعب يظهر لنا، من ناحية أمانة الله للعهد، فهو إله الأرض كلّها، هو الفادي القدّوس وهو صانعنا. ومن ناحية أخرى يظهر خيانة الشّعب وقلّة التزامه بالعهد، وذلك بالتّذكير ب "خزي صباكِ" و "عار ترملّكِ". الله هو صانعنا، وهو الذي يدعونا للعهد معه، ولكن وبعد عصياننا وخيانتنا لهذا العهد، فهو فادينا الذي وان كان قد "هَجَرنا للهنيهة" فإنّه "بمراحم عظيمة يضمنا".

 

قصّة شعب العهد القديم هي قصّتنا. نحن شعب الله الذي دعانا منذ بداية البشارة الإنجيليّة. عشنا في هذه البلاد ألفي عام كنيسة تشهد لإيمانها بالمسيح وقيامته. ولكنّنا اليوم نشعر إنّنا نعيش أوضاعًا صعبة بسبب تناقص أعداد المسيحيّين، وكأنّنا أصبحنا مثل الامرأة العاقر؛ وبسبب أوضاع بلداننا، وبعض مدننا أصبحت خَرِبَة من الوجود المسيحيّ.

 

كلمات النّبي أشعيا تذكّرنا بأمانة الله ويزرع الرّجاء في قلوبنا. فالله لم ينسانا، ولم يتخلّ عنا. ها هو يدعونا من جديد الى أن نهتف بالله فادينا، ربّ القوّات وسيّد التّاريخ. فنحن كنّا أوّل من آمن بالقيامة وأوّل من بشّر بالإنجيل، فهل يرذل الله "زوجة الصبا"؟ الرّبّ هو فادينا، يكرّر النّص في أشعيا. إذا اتّكلنا على أنفسنا، فسنراوح مكاننا ونصارع الصّعاب كمن يصارع الرياح، وسنفشل. "فطوبى للإنسانِ المتَّكِلِ علَيكَ يا رَبَّ القُوَّات" (مز 84، 13). حينها "فنكونُ كالشَّجَرَةِ المغْروسةِ على مَجاري المِياه، تُؤْتي ثَمَرَها في أَوانِه ووَرَقُها لا يَذبُلُ أَبدًا" (مز 1، 3). الرّبّ هو الذي دعانا، وهو الذي يخلّصنا، علينا أن نثق به ونضع اتّكالنا عليه.

 

دعوة الله لنا ليس للانتظار بسلبيّة ليتدخّل هو في التّاريخ ويغير مجراه. دعوة الله لنا هي لنكون شركاء معه في عمله. لنحمل المسؤوليّة ونسير مع الرّبّ، ولكنّه يطلب منّا حمل هذه المسؤولية بشكل جماعيّ، بطريقة "سينودسية". "وسّعي أرجاء خيمتك"، هذه هي دعوة الله لنا، أن نوسّع الآفاق في حياة الكنيسة. أن لا نستثني أحد من محبّة الله، أن لا نستثني أحد من حضن الكنيسة الأمّ. أن تكون كنائسنا مرحبّة بالجميع، كلّ حسب المواهب التي نالها ليخدم الله ويبني شعب الله الذي هو الكنيسة.

 

لنقف أمام الله بكلّ تواضع، ولنقرّ بأنّنا لم نكن أمينين لعهدنا معه. قسمنا جسد المسيح، مع أنّنا جميعًا واحدٌ في المسيح، "فلَيسَ هُناكَ يَهودِيٌّ ولا يونانِيّ، ولَيسَ هُناكَ عَبْدٌ أَو حُرّ، ولَيسَ هُناكَ ذَكَرٌ وأُنْثى، لأَنَّكم جَميعًا واحِدٌ في المسيحِ يسوع" (غلاطية 3، 28). ولنجدّد ثقتنا بمن هو خالقنا وفادينا، من هو سيّد التّاريخ والذي منه كلّ شيء وله كلّ شيء، له المجد أبد الدهور. آمين