موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأحد، ٦ ابريل / نيسان ٢٠٢٥
خواطر عن المرأة

أشخين ديمرجيان :

 

لدى تصفّح الكتاب المقدّس نجد أنّه يمدح المرأة التي تزيّن ذاتها بثياب الحشمة، ويشيد بالفضيلة: "وأريد من المرأة أن تزيّن ذاتها بثياب الحشمة مع ورع وتعقّل، لا بضفائر أو ذهب أو لآلئ أو ملابس كثيرة الثمن، كما يليق بنساء متعاهدات بتقوى الله باعمال صالحة" (1 تيموثاوس 2: 9-10). كلمة الله واضحة وصريحة، تُنادي باعتدال المرأة في الهندام والزينة بلا مبالغة أو إثارة. وكلّ مَن تعارض هذا الرأي من الجنس اللطيف ولا تُطبّقه إنّما تقاوم كلام الله عزّ وجلّ.

 

للأسف قراءتنا للواقع في هذا العصر تجعلنا نرى أنّ الانسان كلّما ازداد تطوّره التكنولوجي، نقصت لديه القِيَم الأخلاقيّة والايمانيّة، وانحطّت كذلك نظرته للمرأة ودورها الايجابيّ، ورسالتها السامية -التي أرادها الله- في تنشئة الأجيال وبناء المجتمعات، أليست هي الأمّ "التي تهزّ العالم بيمينها والسرير بيسارها" على رأي نابليون؟

 

لماذا يتنكّر الانسان للصفات الجميلة التي ينبغي أن تتحلّى بها المرأة؟ ولماذا يرفض تعمّق المرأة في دور الأمومة وفي رعاية شؤون عائلتها؟ ونرى اليوم أنّ المجتمعات في الغرب بخلاف وصايا الإنجيل الطّاهر وتوجيهات الكنيسة تتنكّر لسرّ الزواج المقدّس، وقد تجاوز الانفلات والانحلال الأخلاقي كلّ الخطوط الحمراء، وضربت الأنانيّة رقماً قياسيّاً برفض تكوين الأسرة أو إنجاب الأطفال، مع أنّ الهدف من الحياة الجنسيّة إنّما هو التكاثر والتناسل في التّعبير عن الحب والوفاء والتقدير المتبادلة، والخروج عن هذه القاعدة يشكّل عودة الى الوثنيّة التي كانت تجهل عظمة سرّ الزواج بل كانت تحتقره إلى أن أنارت المسيحيّة العقول .

 

وبعد أن اكتسب الغرب حضارته من تعاليم السيّد المسيح، بدأ يحيد عنها رويداً رويداً بعد أن كان للمسيح وللإنجيل والكنيسة الفضل في التمدّن وإزالة العبوديّة ورفع شأن المرأة التي كانت حبيسة البيت في زمن الإغريق القديم. واليوم، صار الغرب في البيئات التي ضربها الانفلات والشّذوذ، صار ملحداً أنكر الإيمان بعد رفضه للوصايا العشر. ولكن بقي الغرب محتفظاً شعورياً أو لا شعورياً ببعض المبادىء المسيحيّة التي ترسّخت في جذوره ومنها محبّة القريب وقبول الآخر من أيّ لون أو دين أوعرق. وجعل من "قبول الآخر" نوع من الديانة الجديدة، وتألق بفتح حدوده وإعطاء جنسيته من غير تمييز ولا حساب، غير مكترث بضياع هويته الوطنية في الكثير من البلاد. وبهذه الثغرة دخلت مرّة أخرى الأفكار المعادية للدين والإيمان في سبيل تدمير العقيدة، بذريعة "الانفتاح على الآخرين".

 

في القرن الماضي، ساهمت حركات التحرّر النسائيّة في رفع الغبن عن المرأة، أمام المجتمع الذكوري، الاّ أنّ الغالبيّة العظمى من بنات حواء اليوم سقطنَ في ظلم أعظم، حينما رضخنَ للمجتمع الذكوري الذي راح يحوّلهنّ الى سلعة رخيصة تروّج بدورها لسلع أخرى، من خلال وسائل الإعلام المرئيّة.

 

خاتمة

 

ليت حواء توسّع آفاقها، كي تكتسب إشراقتها من جديد، بولادة جديدة في الإيمان الذي يمنحها كرامتها الحقيقيّة .