موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الإثنين، ٢٤ مارس / آذار ٢٠٢٥
ما بين الإيمان والصحة

أشخين ديمرجيان :

 

أثبتت البحوث بالحجج الدامغة أنّ الإيمان والالتزام الديني لهيئات روحانيّة عاملان لهما أثرهما الإيجابي على الصحة الجسدية. وهاكم بعض المبادىء التي تؤكّد ما نُشير إليه:

 

المعتقدات الدينيّة تفيد صحّة الإنسان لأنّ يد الله تتدخّل في كل شؤونه إن أراد. تأتي الدراسات العلميّة لتؤكّد أنّ المعتقدات الدينيّة التي تنادي بإله "كلّي القدرة على شفاء الأمراض" تولّد في المؤمن مشاعر ثقة وفرح تُكسبه الصحّة النفسيّة والجسديّة، وتدفعه الى الاعتناء بصحته.

 

أضف الى ذلك أنّ اتجاهاتنا العقليّة، أي طريقة تفكيرنا هي التي تشكّل حياتنا، لأن الحالة التي نعيش فيها هي انعكاس لأفكارنا ومشاعرنا وأقوالنا وأعمالنا. وتأتي القيم الروحانية لتحثّنا على أن نتسامى ونتنقّى  في جميع المجالات سالفة الذكر، وتُعطي حياتنا معنى واتجاهاً جديدين فنصبح خلقا جديدا. خاطب السيد المسيح أحد كبار علماء الشريعة اليهود بقوله: "المولود من الجسد جسد هو والمولود من الروح هو روح. لا تتعجّب يا نقوديموس أني قلتُ لك ينبغي أن تولدوا من فوق. الريح تهبّ حيث تشاء وتسمع صوتها لكنك لا تعلم من أين تأتي ولا الى أين تذهب. هكذا كلّ مَن وُلِد من الروح" (يو 3: 6-8).

 

وحينما نحقّق ذلك تُصبح حياتنا مديدة في معظم الحالات ، لأننا نكتسب صحّة جسديّة وعقليّة وروحيّة ونعمّر طويلاً. أما إذا خَلَتْ حياتنا –لا سمح الله– من المعتقدات الدينيّة فإننا لا ننجح في حياتنا ولا نزدهر اذ انه لا معنى لحياة تنتهي بالقبر. وعليه يُبقي الايمان صوت ضمائرنا مدوّياً في أعماق أرواحنا، يحثّنا على العودة الى طريق الصواب.

 

للإيمان البسيط علاقة متينة بالصحّة لأنّه يجعلنا نتبنّى أفكاراً وتوقّعات إيجابيّة ملؤها التفاؤل والأمل.  نظرة الفرد الى نفسه كإنسان مؤمن تؤثّر إيجابيّاً على صحّته، بدءاً من التأثير على زيادة شعوره بالرضى، الى التقليل من الشعور بالاكتئاب، الى تحسين ضغط الدم، الى التقليل من نسبة الوفيات والمضاعفات بعد الخضوع لعمليات جراحة القلب. وهذه كلها حالات نذكرها على سبيل المثال لا الحصر.

 

وفي الأبحاث التي تناولتْ "علاقة الفرد الشخصيّة مع الله وقناعته بوجود قوّة عليا"، تُبيّن أنّ الأفراد الذين يتمتّعون بحياة روحيّة عميقة يعانون الآلام أقلّ من غيرهم، ويعمّرون طويلاً، لأنّ صحّتهم الجسديّة والروحيّة جيّدة، وقدرتهم على مواجهة الأمراض والتغلّب عليها ممتازة. كلّ ذلك بفضل عباداتهم وممارساتهم الدينيّة بالإضافة الى مطالعاتهم الروحيّة’ التي تقوّي النفس وتغذّيها وتقرّبها الى الله.

 

كما أن إيمان المؤمن العميق في "العناية الإلهيّة" يجعله يفهم بقناعة تامّة أنّ كلّ ما يحدث له، هو في نهاية الأمر لصالحه حتى لو لم يكن ذلك بادياً للعيان لأوّل وهلة. وإذا كان إيماننا بالله مزيجاً متوازناً من المحبّة والرهبة فهو يؤثر تأثيراً كاملاً وإيجابيّاً على النفس (أنظر أعلاه رقم 3). وإذا ما تقولَبَتْ نظرتنا للحياة في قالب متوازن من التفاؤل والإيجابيّة، فإنّ أفكارنا وأقوالنا الناجمة عن نظرتنا تلك  توجد وضعاً إيجابيّاً مريحاً وتجلب لنا أحداثاً واختبارات إيجابيّة جديدة. ومن ثمّ تأتي أفعالنا لتؤثر على الأشخاص المحيطين بنا، فنصنع  بذلك مجتمعاً أفضل. وفي نهاية المطاف ينعكس ذلك إيجابيّاً على صحّتنا.

 

الاختبارات الروحانيّة تفيد الصحّة بتفعيلها طاقة شافية. الأبحاث التي أجريتْ في هذا المضمار قليلة، اذا ما قورِنَت بغيرها من الأبحاث، ولكنها جاءت لتُثبت أن حالة المؤمن في أثناء التأمّل أو الصلاة تؤثّر على أجهزة المناعة والأعصاب حيث تتدفّق فيه أفكار إيجابيّة تنبّه القوى الشافية التي تبدأ عملها في جسمه وتُطلق القوى الروحانيّة العميقة الكامنة في قلبه، فتتسم حياته بقوّة جسميّة وذهنيّة وروحانيّة يستمدّها من قوّة الله.

 

 

خاتمة:

 

قوّة الله لا يُضاهيها أي مظهر آخر من مظاهر القوّة!

 

قوّة الله العليا حقيقة عظيمة  تفيض علينا طاقة كبيرة من الشفاء والتجديد والراحة...

وتعيننا للتغلّب على كلّ ما يجابهنا من صعاب مهما كان نوعها...

 

قوّة الله العليا حاضرة على الدوام، قبل أن يكتشفها العلماء، فلنبحث عنها لنجد الإجابة على حلّ معضلاتنا.

 

قوّة الله العليا غريبة مدهشة! لكنّها أكيدة تهب لمَن يؤمن بها أعظم المعجزات...

 

قوّة الله قدرة ورحمة! في أي ظرف أو حال، تهب لنا الصحّة والأمان،

وتُنعش حياتنا بفيض من الأمل واليقين والثقة، وتغمر كلّ كياننا بموجة من السلام والفرح.

 

قوّة الله شديدة! وإذا وضعنا حياتنا وإرادتنا بين يديّ الله،

سيفيض قوّته السامية علينا، ويُنعش حياتنا ويجدّدها كليّاً ، ويخلقنا خَلقاً جديدًا.

 

قلباً جديداً اخلق فينا يا الله وروحًا مستقيمة جدّد في أحشائي.