موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الإثنين، ١٠ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠٢٥
المونسنيور عكشة يكتب: تكريس بازيليك القديس يوحنا في اللاتران

المونسنيور خالد عكشة :

 

توجد في روما أربع بازيليكات بابوية أو كبرى. قد تتفاجأون عندما تعلمون أن أهمها ليست بازيليك القديس بطرس، بل هي بازيليك القديس يوحنا في اللاتران. فهي الوحيدة التي تحمل لقب "البازيليك الرئيسية". ثم هناك بازيليك القديس بولس خارج الأسوار، وبازيليك القديسة مريم الكبرى.

 

نتساءل إذن: ما سبب هذه الأولوية لبازيليك اللاتران، على الرغم من الأهمية التي لا يمكن إنكارها لبازيليك القديس بطرس؟

 

تحمل بازيليك القديس يوحنا اللاترانية لقب: "أم جميع كنائس روما والعالم ورأسها"، وهذا للتأكيد على أهميتها الجوهرية والفريدة للكنيسة الكاثوليكية وتاريخ روما.

 

وهي أيضًا كاتدرائية البابا بصفته أسقف روما، وفيها "كرسيه" (عرشه)، الذي يرمز إلى رسالته كراعٍ ومعلم.

 

من الناحية التاريخية، تعتبر بازيليك اللاتران أقدم البازيليكات البابوية الكبرى الأربع، وأول كنيسة رسمية بناها قسطنطين في روما بعد مرسوم ميلانو (عام 313)، حيث بدأ بناؤها عام 314، واكتمل وكُرِّست عام 324. علاوة على ذلك، كان مجمّع اللاتران، الذي يشمل الكاتدرائية والقصر اللاتراني، المقر الرسمي للباباوات لحوالي ألف عام، من القرن الرابع إلى القرن الرابع عشر، مما جعله القلب النابض لحياة الكنيسة. كما استضاف اللاتران عبر القرون خمسة مجامع مسكونية، سُميت "اللاترانية".

 

باختصار، بازيليكا القديس يوحنا في اللاتران ليست مجرد معلم تاريخي وفني ذي قيمة كبيرة، بل هي بالدرجة الأولى الرمز المادي والروحي لأولوية أسقف روما، ولاستمرارية الكنيسة منذ قرونها الأولى.

 

وإضافة إلى ما سبق، فإن هذا الاحتفال الجليل له أبعاد أخرى، تعبّر عنها ليتورجيا اليوم، بأنتيفوناتها وقراءاتها وصلواتها، التي تدعونا إلى التأمل في المعاني المختلفة لكلمة "كنيسة".

 

المعنى الأول والأكثر شيوعًا للكنيسة هو المبنى المقدس حيث يجتمع المؤمنون لإقامة العبادة الإلهية، مثل هذا المكان المقدس الذي نتواجد فيه الآن.

 

• المعنى الثاني هو جماعة المؤمنين الذين يعلنون إيمانهم بالمسيح، مثل جماعتنا. وهذا هو المعنى اللاهوتي الأساسي.

 

 

ثم لدينا نوعان من الكنيسة-الجماعة:

1. الكنيسة الجامعة، أي جميع الكاثوليك في العالم.

2. الكنيسة المحلية، وهي جماعة المؤمنين في منطقة جغرافية معينة، والتي يمكن أن تكون أبرشية أو رعية.

 

إلى جانب الكنيسة الكاثوليكية، هناك الكنيسة الأرثوذكسية والجماعات الكنسية البروتستانتية، التي لدينا معها مشترك كبير، على الرغم من وجود اختلافات يسعى الحوار المسكوني إلى توضيحها وتقليلها.

 

نجد الغنى اللاهوتي والروحي لاحتفال لهذا اليوم ملخصًا في المقدمة:

 

"في جودك اللامحدود، شئت أن تسكن حيث يجتمع شعبك للصلاة، لتُكمّل فينا، بالعون المستمر للنعمة، هيكل الروح القدس المتلألئ بقداسة الحياة. إنك تقدس دائمًا الكنيسة، عروس المسيح، التي ترمز إليها الكنائس التي نبنيها لك، لكي تكون أمًا سعيدة لكثرة من الأبناء وتُستقبَل منك في المجد".

 

لنجتهد، أيها الإخوة والأخوات، بأن نكون دائمًا مسكنًا للروح القدس وحجارة حية في بناء كنيسة المسيح، لمجد الله الآب.