موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٢٧ يونيو / حزيران ٢٠٢٤
الكاردينال بيتسابالا: نقف إلى جانب من يعملون من أجل الخير في هذا الليل المظلم
يتحدّث بطريرك القدس للاتين عن الوقت الحرج الذي تمرّ به الأرض المقدّسة، وعن مدى صعوبة إيجاد طرق للخروج.
الكاردينال بيتسابالا في غزة

الكاردينال بيتسابالا في غزة

حاوره أندريا تورنييلي :

 

"إنّ هذه اللحظة مؤلمة للغاية، فنحن نعيش في ليلة طويلة للغاية. ولكننا نعلم أيضًا أن الليالي تنتهي. إنّه الوقت الذي يجب أن تعمل فيه الكنيسة مع جميع أولئك الذين هم على استعداد لفعل شيء جميل وجيّد لصالح الجميع...". بهذه الكلمات تحدّث الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، أثناء مروره بروما، لوسائل الإعلام الفاتيكانيّة حول الأوضاع التي تشهدها الأرض المقدّسة.

 

 

ما هو الوضع هذه الأيام في الأرض المقدسة، وخاصة في غزة؟

 

لم يتغيّر الوضع كثيرًا مقارنة بما كان عليه في الأشهر الأخيرة الماضية، مع صعود وهبوط. غزة الآن مقسمة بين شمال وجنوب، ورفح، ومدينة غزة. كانت هناك فترة كان يأتي فيها المزيد من المساعدات الإنسانيّة، خاصة في الشمال. والآن أصبح الأمر معقدًا بعض الشيء مرة جديد. اللحوم، على سبيل المثال، مفقودة. كما أنّ المياه تمثّل معضلة.

 

إنّ الوضع بشكل عام لا يزال متدهورًا للغاية، ومن الصعب جدًا رؤية مخرج. ولا يبدو لي أن المفاوضات تؤدي إلى شيء وأن هناك رغبة حقيقية لدى الأطراف في التوصل إلى نتيجة. وهذا هو ما يُدرك، مع الأخذ في الاعتبار أيضًا الجبهة اللبنانية التي تسخن أكثر فأكثر. إنّ التوقعات ليست مشجعة للغاية.

 

 

كم عدد الضحايا هناك؟ يشكّك البعض في الأرقام المقدمة، لكن الصور التي تصل تظهر الدمار...

 

دمار. إنّ مدينة غزة مدمرة، والضحايا كثيرون.

 

من الصعب إعطاء أرقام، لكنها كثيرة، وهذا واضح. والحقيقة هي أن الضحايا المدنيين دائمًا ما يكونون كثيرين.

 

 

كيف يمكن إعادة بناء النسيج الاجتماعي والتعايش مع الأخذ بعين الاعتبار ما حدث، ولكن في الوقت نفسه التغلب على ما حدث؟

 

أعتقد أنه من السابق لأوانه الحديث عن هذا الأمر، ففي الوقت الحالي هناك حرب مستمرة وصدمة. سوف يستغرق الأمر بعض الوقت لفهم مقدار الصدمة التي أثّرت على الجميع وعواقبها. إنّ إعادة الإعمار ستكون ضرورية. هناك تصميم على إعادة البناء، وأنا أدرك ذلك بوضوح شديد. ولكن بأية طريقة وبأي معايير ومع من؟ لا يزال من السابق لأوانه الحديث عن هذا الأمر.

 

 

وماذا عن الوضع في الضفة الغربية؟

 

الضفة الغربية هي دائمًا على حافة الانفجار، والمشاكل مستمرّة، عمليًا بشكلّ يومي، خاصة في بعض مناطق الشمال، في منطقة جنين ونابلس. إنّ المواجهات بين المستوطنين وسكان البلدات العربيّة مستمرّة، وهذا يخلق حالة استنزاف لن تؤدي إلى أي خير.

 

 

لقد ذكرت فتح الجبهة الشمالية في وقت سابق. لقد شهدنا جدلاً ساخنًا للغاية داخل إسرائيل حول آفاق المستقبل. ما الذي يمكن توقعه؟

 

الجدل الداخلي قائم في إسرائيل وفي لبنان أيضًا: لا أحد يريد الحرب، لكن يبدو أن لا أحد يستطيع إيقافها، وهذه هي المشكلة. وبطبيعة الحال، إذا تم فتح الجبهة الشمالية، فمن المؤكد أن ذلك سيكون مأساة، وخاصة بالنسبة للبنان، الذي يُهدّد بالتحوّل إلى غزة أخرى، على الأقل في الجزء الجنوبي منه. أنا لست خبيرًا في الشؤون العسكريّة، لكن المشهد لا يزال متوترًا للغاية، ودائمًا على وشك المزيد من التصعيد.

 

 

كيف هي حياة المسيحيين في مثل هذا السياق؟

 

المسيحيون ليسوا شعبًا منفصلاً، بل يعيشون ما يعيشه الآخرون. نحن نعلم الوضع في غزة، مع كل أسف، ولكنه يمثّل أيضًا مشكلة كبيرة في الضفة الغربية، خاصة من الناحية الاقتصادية. هناك حالة من الشلل، والعمل نادر أو معدوم، وهذا يجعل آفاق الهجرة جذابة بشكل متزايد، وللأسف خاصة بالنسبة للمسيحيين.

 

 

دعونا ننظر إلى فترة ما بعد الحرب. ماذا يمكن للمجتمع الدولي أن يفعل؟ من يستطيع أن يساعد أكثر في تحقيق السلام؟

 

إنّ صنع السلام، في هذه اللحظة، يبدو لي هدفًا بعيد المنال. في الوقت الراهن، يتعيّن على السياسة والمجتمع الدولي أن يعملا في المقام الأول على وقف الصراع. ومن المؤكد أن صنع السلام والتوصّل إلى آفاق سياسيّة أكثر جديّة سيستغرق وقتًا طويلاً. كما يتعيّن على المجتمع الدولي أن يجد وسيلة لحمل إسرائيل وحماس على وقف الصراع والتوصّل إلى وقفٍ لإطلاق النار يمثّل خطوة أولى نحو شيء أكثر اتساقًا وصلابة واستقرارًا.

 

 

وهل ستؤثر نتيجة الانتخابات الأميركية المقبلة أيضًا على هذا السيناريو؟

 

من المؤكد أن الانتخابات الأميركية سيكون لها تأثير. ولكنني أعتقد أن الحلول يجب أن تكون محليّة، بين الطرفين، بين إسرائيل وحماس.

 

 

هل تصل المساعدات إلى غزة؟

 

يتمّ العمل في هذا الصدد، كما تلتزم البطريركيّة اللاتينيّة بإيصال المساعدات. ومن المقرّر أن يدخل غدًا أول مخزون من عدة أطنان من المواد الغذائية والضروريات الأساسيّة. هناك الكثير من العمل الذي يتعيّن القيام به، هناك أكثر من مليوني شخص.

 

 

كيف ينظر بطريرك القدس للاتين إلى ما يحدث؟ ما هو منظور رجل الإيمان أمام كل هذا؟

 

الأمل هو ابن الإيمان. اللحظة مؤلمة جدًا، نحن نعيش في خضم ليلة طويلة جدًا. لكننا نعلم أيضًا أن الليالي تنتهي. إنّه الوقت الذي يجب أن تكون فيه الكنيسة حاضرة في المنطقة، وأن تكون قريبة، وأن تعمل مع كل أولئك الذين هم على استعداد لفعل شيء جميل وجيّد للجميع. عندما يقيم الجميع حواجز ضد بعضهم البعض، يجب على الكنيسة أن تبقي يدها ممدودة دائمًا إلى الآخر. هذه هي رسالتنا المولودة من خبرة الإيمان، وهذا ما نحن مدعوون للقيام به في هذه اللحظة.

 

 

هل تشعرون أنكم برفقة الكنيسة الجامعة؟

 

نعم، لقد كان الأب الأقدس دائمًا قريبًا جدًا منا وسيبقى قريبًا جدًا. كما هو الحال في العديد من الأبرشيات في جميع أنحاء العالم.