موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
"أولادي الأحبّة، رياحُ الشرّ والكراهية والاضطراب تهبُّ على الأرض لتدميرِ الحياة. ولهذا أرسلني العليّ إليكم لأقودَكم نحو طريقِ السلامِ والوحدة مع الله والإنسان. أنتم يا صغاري يداي الممدودتان: صلّوا وصوموا وقدِّموا التضحيات من أجلِ السلام، الكنزِ الذي يشتاقُ إليه كلّ قلب. أشكرُكم على تلبيتِكم ندائي" (رسالة مريم العذراء في مديوغوريه إلى العالم، ٢٥ أكتوبر ٢٠٢٣).
ليتنا نصغي إلى سيّدتنا مريم العذراء منها السلام، ونُكثّف صلواتنا وأصوامنا وتضحياتنا، ونتغيّر من الداخل... وهي تُصلّي معنا من أجل السلام، فينظر الربّ إلينا بنظرة الرضا ويجترح العجائب ويقدّم لنا الحلّ البديل من عنده تعالى، لينتصر السلام على الحرب وتسود المحبّة بدل المصالح الاقتصادية.
يُفيد الأطبّاء النفسيون أنّ الأشخاص حتّى الذين يعيشون على بعد آلاف الأميال من الحروب والأحداث المأساوية، يتفشّى العديد من الحالات المرضيّة بينهم، إذ يُصابون بالأرق والسهاد بعدأن يأخذهم الفزع والرعب، فيتهافتون على العيادات النفسية طلبًا للعلاج من الاضطرابات الذهنية. للأسف الشديد نحن نعيش في عالم يهزّه الخوف والهواجس والقلق والاضطراب.
ما الداعي إلى هذا الخوف الخانق؟ بعد دفن السيّد المسيح، اجتمع تلاميذه معًا خلف الأبواب المغلقة، خوفًا على حياتهم، وقد امتلأوا بعدم اليقين واليأس. ولكن فجأة وجدوا أنفسهم في حضرة الربّ الحيّ، ومع كلماته الأولى اختفى خوفهم وتلاشى: "السلام لكم" (لوقا 24: 36) "لا تخافوا" (متّى 28: 10). الجواب على مخاوفنا الفردية يكمن في الإيمان الشخصي بالربّ الحيّ الممجّد.
والردّ على الخوف الجماعي هو الإيمان الجماعي بالربّ القدير. كما أنّ الردّ على التوترات والمخاوف الوطنية والدولية هو أن يعرف العالم الباري تعالى القادر على كلّ شيء. ونحن لا نعبد المسيح الميت. نحن نعبد المسيح القائم من بين الأموات، الذي كسر قوّة الخطيئة والموت والجحيم، وهو حيّ إلى الأبد. لماذا إذن يجب أن نخاف؟
ولقد عرف القديس بولس رسول الأمم والإناء المختار المفتاح: "فإنّ الله لم يُعطنا روح الخوف، بل روح القوّة والمحبّة والفطنة" (2 تيموتاوس 1: 7). قد لا نواجه أبدًا نفس المخاطر التي واجهها المؤمنون الأوائل، وينبغي ألاّ نسلك طريق الجبن، وألاّ نستسلم للخوف. ونتذكّر الآية: "إذا كان الله معنا، فمن يكون علينا؟" (رومة 8: 31).
خاتمة
نسأله تعالى أن يرحمنا بعظيم رحمته ويُدير دفّة السفينة البشرية لما فيه خير جميع البشر آمين!