موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأحد، ١٩ فبراير / شباط ٢٠٢٣
"أدِر لصافعك الخدّ الآخر!"، بقلم المرحوم الأب العلاّمة بيتر مدروس

إعداد أشخين ديمرجيان :

 

من السهل أن يسيء المرء فهم هذه الآية التي نطق بها السيّد المسيح: "مَن لطمك على خدّك (الأيمن) فحوّل له الآخر". يجدر ألاّ نأخذها حرفيًّا، بما أنّه هو نفسه لم يدِر لخادم رئيس الكهنة خدّه الآخر، بعد صفعة من ذلك الخادم، بل ناقشه وحاوره ولامَه. ولكنّه لم يردّ على الصفعة بالصفعة، ولا على الإهانة بالإهانة، وهذا معنى الآية الأوّل.

 

ويحقّ للمسيحيّ الدفاع المشروع عن النفس كما قال المعلّم: "مَن كان له ثوب فليبِعه ويشترِ سيفًا" (لوقا 22: 36).

 

من جهة أخرى، عندما أمر يسوع بإدارة الخدّ الآخر كان –على ما يبدو– يُشير إلى حادثة حصلت في زمانه، تحت الاحتلال الروماني. كان حينها المحتلّون الرومان -وأحسب أنّ الحدث تمّ مع الوالي بونطيوس بيلاطوس، قد ألقوا القبض على شبان عبرانيين زورًا وبهتانًا، ظلمًا وجورًا- كما يفعل نفر من العسكر كثير. وأراد الشبان إثبات براءتهم، فاغتنموا فرصة قدوم الجنود لتناوب الحراسة، وقام الشبان بتعرية رقابهم، وعرضوها على الجند الرومان، وتحدّوهم قائلين :"إضربوا أعناقنا ، هيّا". فأُحرج الجند وخجلوا من بغيهم وأطلقوا الشبّان.

 

وهكذا يقصد السيّد المسيح أن نتحدّى بحِلمنا المُعتدين ونخجلهم ونحرجهم، ونفحمهم بلطفنا ونبلنا وشهامتنا وشجاعتنا وضبط أنفسنا "فيستحيي الخصم على دمه" كما تقول العامّة!

 

أمّا الصفعة على الخدّ "الأيمن" فتعني إمّا الغدر والجبن، إذ يلطم أحدهم المؤمنين من الخلف، وهكذا تأتي الصفعة على الخد الأيمن عندهم، أو هي صفعة تعني الاحتقار والاستهانة والاستهتار، إذ يلطم المُعتدي المؤمنين بمؤخّرة يده لا براحة يده.

 

أمّا محبّة "القريب" فقد وسّعها السيّد المسيح إلى كلّ إنسان. ومن الجدير بالذكر، أنّ الجملة "أبغِض عدوّك" ما وردت قَطّ في العهد القديم، ولكنّها "من تأليف وتلحين" البشر الذين كان يحلو لهم أن يخترعوها "لغاية في نفس يعقوب"!

 

خاتمة

 

قال خادم الله (القديس اليوم) البابا بولس السادس: "إن لم تقضِ البشريّة على الحرب، فلسوف تقضي الحرب على البشريّة" وإن لم تقضِ البشريّة على العنف، سيقضي العنف على البشريّة".