موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
قام سعادة السفير البابوي لدى الأردن، المطران جوفاني بييترو دال توزو، الاثنين 13 تشرين الثاني 2023، بزيارة إلى جامعة الزرقاء الأهلية، يرافقه المدير العام للكاريتاس الأردنيّة السيد وائل سليمان. وكان باستقباله رئيس مجلس إدارة شركة الزرقاء للتعليم والاستثمار، ورئيس جامعة الزرقاء، وعدد من مدراء الأقسام والكليات، ومجموعة من فريق عمل كاريتاس الأردن.
وفيما يلي نص كلمة المطران جوفاني خلال اللقاء:
الأصدقاء الأعزاء،
بداية، اِسْمَحوا لي أنْ أَشْكُرُكُمْ على هذه الدَعُوَة لِزِيارَة جامَعَتْكُم المُوَقِرَة. كما تعلمون، السفير البابوي يُمَثِّلُ البابا والكرسي الرسولي في هذا البَلَد، وَلِذلِكَ يُسْعِدُني جِدًا أنْ أتعرف أكثر على المَمْلَكَة الأرْدُنية الهاشمية والمؤسسات التَعَليمية العَديدة التي قُمْتُمْ بِبِنائِها في السَّنَوات الأَخيرَة. على سبيل المَثال، ومُنذُ الأيام الأولى لوجودي هُنا، لقد ابهرني وجود العديد من المؤسسات الأكاديمية على الطريق المُؤدي إلى المطار.
أنا هنا اليوم أيضًا لأُؤَكِّد اِمْتِنانَنا الخاص لحقيقة أن هذه الجامعة هي المكان الذي يُرحَّب فيه بالمسيحيين أيضًا، من خلال تقديم المنح الدراسية لهم. وهذا مثال آخر على المكانة الخاصة التي يتمتع بها هذا البلد في المنطقة من أجل تعزيز العيش المشترك بين الناس من مختلف الأديان والمعتقدات. الكرسي الرسولي مُمْتَن بشكل خاص لجلالة الملك عبد الله الثاني على تَعَزيز هذه الروح. هنا في الأردن لَدَيكُم تقليد عظيم بهذا الخصوص، ولكن من المُهِم المحافظة على هذه الروح حية، وخاصة لدى الأجيال الشابَّة. إنه تحد حقيقي للمؤسسات التعليمية أن تعزز روح الشراكة، لأن الشباب أكثر انفتاحا ويمكننا بسهولة أن نغرس فيهم القيم التي يمكن أن تساعد على التفاهم المشترك. إن حقيقة أن الطلاب المسلمين والمسيحيين يعيشون هنا معًا ويتعلمون مع بعض منذ الصغر هي بالفعل طريقة لإزالة الحواجز والأحكام المسبقة.
اسمحوا لي هنا أن أذكر نقطة مهمة، حيث يمكن للجامعة اليوم، وبالاضافة للعديد من الأمور الأخرى، أن تقدم مساهمة خاصة للمجتمع وفقًا لرسالتها. الجامعِة، في الواقع، لَيسَت مُجَرَّد مكان لِلتعَلُّم، ولَكِنَّها مكان ليتعلم الطالب كيف يفكر، ليتعلم كيفية الحِوار والفَهْمُ العميقُ للأشياء. الجامعِة هي المكان حيث يتعلم المرء استخدام المنطق كَهَدية مَنَحَها الله للإنسان لِفَهْمِ جَوهَر الأشياء ولاستخدام اللغة لِلتَعَبير عَنهُ. تحاول الكليات المختلفة في هذه الجامِعة، كل في مجالِها، على تحفيز الطلاب على استخدام المنطق من أجل النمو ولِتَحْقيق أفْضَل الأهْداف العِلْمية. إنها ليست مُجَرَّد مَسْألَةٌ تَعَلُّمٍ، بَل مَسْألَةٌ فَهْمٍ: ونحن جميعاً مُتَّفِقون على ذلك.
لَكِن السؤال المُثير للاهتمام الذي يمكننا طرحه هو ما اذا كان هناك هَدَف مُشْتَرَك يُمْكِن لجميع الطلاب في جَميع الكُلّيات تَحْقيقهِ بِمُساعدة اساتذتهم. أعتقد اِنُّ الهَدَف مَوجود، وهو تَعَزيز الكَرامَة الإنسانية. ما أَعِنيهِ لَيسَ فَقَط كَرامَة الطلاب، التي يتم تعزيزها بالطبع من خلال حقيقة تنشئتهم، بَل أَعَني أن كل جُهودنا يَجِبُ أن تُوَجَّهُ نَحوَ بِناء مُجْتَمَع يَتِمُّ فيه الاِعْتِراف بالكَرامَة الإنسانية ومُتابَعَتِها والدفاع عَنها. فإذا وَضَعَت كُلّ كُلية على رأسها هذا الهدف فإن: الزِّراعَة يُمْكِن أن تُساعِد الإنسان على إطْعام نَفْسِهِ وَأُسْرَتِهِ؛ ويُمْكِن لِلْهَنْدَسِة المَعَمارِية أن تَخْلِقْ مَساحات لِلعِيش بتوافق مع كرامَة الإنسان؛ ويُمْكِن لِلطَبْ ان يُعالِج الفرد بِطَريقَة تُناسِبُ كرامته؛ ويُمْكِن لِلتِكْنولوجيا ان تُطَوِّر الذكاء الاِصْطِناعي لِخِدْمَة اِحْتياجات الفرد؛ ويُمْكِن لِلفَلسَفِة ان تُعَبِّر عن رؤية مُشتَرَكَة للإنسان وكرامتِهِ. ويمكنني الاستمرار…
وفي هذا النَهْجِ العَمَلي للكرامة الإنسانية، يُمْكِنُنا أن نَجِدُ نَهْجًا مُشْتَرَكًا وتَعاونًا بَينَ العُلوم المُخْتَلِفة، ولكن يُمْكِنُنا أن نَجِدُ أيضًا نُقْطَة مُشْتَرِكَة للتَعَاون بَينَ الأدِيان المُخْتَلِفة. وَبَينَما أَشْكُرُكُم على الدعم الكبير الذي تُقَدِّموه، أُؤَكِّدُ لكُم اِسْتِعداد الكنيسة الكاثوليكية في هذا المَجال. لقد فَعَلَ الباباوات ذَلِك دائمًا - ويُواصِلُ كذلك البابا فرنسيس الدِفاعَ عَن كَرامَة الإنسان، وخاصَةً الفُقراء والمُهَمَشين.
دعونا نسير معًا على هذا الطريق من أجل بناء هذا البَلَد الجميل.