موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
قام وفد من أساقفة الكنيسة الفرنسية بزيارة إلى الأرض المقدسة الأسبوع الماضي، بهدف التعبير عن تضامنهم الكنسي والإنساني مع الجماعات المسيحية في المنطقة، ومع جميع الأشخاص الساعين إلى السلام. وفي ختام الزيارة، سلط نائب رئيس مجلس الأساقفة، المطران فينسان جوردي، في مقابلة مع موقع فاتيكان نيوز، الضوء على معنى هذه الزيارة وتحدث عما ينبغي فعله اليوم لمساعدة الجماعات المسيحية المحلية.
أشار سيادته إلى أن الوفد الزائر لمس الحزن في كل مكان، وفي قلوب جميع الأشخاص، موضحًا أن الأساقفة التقوا شخصيات مسيحية ومسلمة ويهودية. وأكد أن هناك انقسامات عميقة بين الجماعات المختلفة التي تتجاهل بعضها البعض، ما يزيد من الريبة وانعدام الثقة ويولد المزيد من التوترات، خصوصًا بين الأجيال الشابة. ولفت إلى أن الخوف آخذ بالانتشار، ما يهدد باستمرار أعمال العنف وتفاقم المواقف العدائية، موضحًا أن المسيحيين في بيت لحم يشعرون بالإحباط، حيث أبلغوا الأساقفة الفرنسيين أنهم لا يستطيعون التوجه إلى القدس للصلاة عند القبر المقدس. وشدد على أن عجز هؤلاء المسيحيين عن التنقل بحرية ولقاء أفراد العائلة أو العمل أو الحصول على الرعاية الطبية يولد لديهم ألمًا كبيرًا.
وأضاف الأسقف الفرنسي أنه سبق أن زار الأرض المقدسة عام 2019، ولاحظ اليوم مدى هشاشة الجماعات المحلية، بالإضافة إلى تقلص نسبة الشباب ونقص الدعوات الدينية. وأوضح أن الأوضاع الراهنة أدت إلى رحيل العديد من الرهبان والراهبات الأجانب، مذكّرًا بأن هذا الموضوع سبق أن تناوله بطريرك القدس للاتين الكاردينال بيتسابالا، معتبرًا أن كل مرة يُغلق فيها دير، يزول جزء من الكنيسة في الأرض المقدسة، حيث تتألف الكنيسة المحلية من جماعات صغيرة تعيش ضمن بيئة مسلمة ويهودية.
وبخصوص معنى هذه الزيارة، أكد المطران جوردي أنها كانت علامة للرجاء، وأن الأساقفة أرادوا التأكيد على أن الغرب لم ولن ينسى سكان الأرض المقدسة، رغم أن الرجاء بات صعبًا جدًا. وأشار إلى شعور المسيحيين الشباب بالاستسلام ورغبتهم في الرحيل، في وقت تواجه فيه العائلات صعوبة في إقناع أبنائها بالبقاء، نظرًا لتعقيد الأوضاع السياسية واستمرار العنف بأشكال مختلفة.
وعن سبل مساعدة الأرض المقدسة، قال إنّ هناك خطوات كثيرة يمكن اتخاذها، لكن الأولوية يجب أن تكون للشهادة المسيحية واستئناف زيارات الحج إلى المنطقة. وأوضح أن الأساقفة مدعوون لشهادة ما عاشوه خلال الزيارة، مشيرًا إلى خشية السكان المحليين من الإعلام الغربي الذي قد يقدم صورة مخالفة للواقع. وأكد أن الانتعاش الاقتصادي والاجتماعي مرتبط بعودة السياح والحجاج، لافتًا إلى أن الكنيسة الفرنسية ستدرس تنظيم زيارات حج مع اتخاذ كافة الإجراءات الأمنية اللازمة. وشدد على أن الحجاج مدعوون للالتقاء بالجماعات المحلية المتألمة، وليس الاكتفاء بالسياحة، لأن هذا اللقاء يولّد تضامنًا مسيحيًا وإنسانيًا.
وأوضح أن الوفد الزائر توجه أيضًا إلى كنيسة المهد في بيت لحم، التي كانت في الماضي تعجّ بالحجاج، لكنها كانت هذه المرة خالية تمامًا، وهو أمر مؤسف جدًا. وحثّ الأسقف الفرنسي جميع المؤمنين على الصلاة من أجل السلام في المنطقة، وشجع المجالس الأسقفية في باقي الدول الأوروبية على زيارة الأرض المقدسة، على غرار الأساقفة الفرنسيين، بهدف لقاء السكان المسيحيين وإدراك أن الكنيسة في الغرب لم ولن تتخلى عنهم.
وفي ختام حديثه، ذكر المطران جوردي كلمات البطريرك بيتسابالا بأن المسيحيين لا يملكون السلاح، وبالتالي لا يسعهم إلا استخدام الكلمات، وهم يتألمون من جانبي الجدار الفاصل بين الإسرائيليين والفلسطينيين، بالإضافة إلى الجدران الموجودة في القلوب والنفوس. وأكد أنه يجب بذل كل جهد ممكن لخلق فسحات للقاء وأماكن للحوار، لتجنب تشييد جدران جديدة داخل الأشخاص، لأن هذه الجدران تجعل الحوار مستحيلاً وتعيق العودة إلى سلام حقيقي.