موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٢٧ مارس / آذار ٢٠٢٥
رئيس الأساقفة دال توسو: الأردن يبقى مثالاً للسلام في الشرق الأوسط
صرّح السفير البابوي في الأردن لوكالة آسيا نيوز بأن الحوار والتعاون هما "سلاح" الكرسي الرسولي. الحكومة الأردنية ملتزمة بـ"مسارات المصالحة". تتدفق المساعدات باستمرار من الأردن إلى غزة. اللاجئون السوريون حذرون لكنهم يتوقون للعودة إلى ديارهم. وقد قام حوالي 50 ألف لاجئ بالعودة. تُظهر الكنيسة اللاتينية الجديدة على نهر الأردن "حيويّة المجتمع المسيحي".
السفير البابوي في الأردن، رئيس الأساقفة جوفاني بييترو دال توسو

السفير البابوي في الأردن، رئيس الأساقفة جوفاني بييترو دال توسو

دانييل فريسون :

 

قال رئيس الأساقفة جوفاني بييترو دال توسو، البالغ من العمر 60 عامًا، السفير البابوي في الأردن (وقبرص): "إنّ أسلحة الكرسي الرسولي لتعزيز السلام ليست الاقتصاد أو القوة العسكريّة، بل الحوار والتعاون. أعتقد أن هذا يُثمر نتائج إيجابيّة للغاية في العلاقات مع الأردن".

 

ومنذ تنصيبه عام 2023، عاش الدبلوماسي الفاتيكاني الأزمة في غزة منذ بدايتها، في بلد أصبح مركزًا للمساعدات الإنسانيّة، التي "تتدفق باستمرار" إلى القطاع، حتى قبل 7 أكتوبر، كما يتضح من عمل كاريتاس الأردن، الذراع الاجتماعي للكنيسة الكاثوليكيّة.

 

وقال: إنّ "ما يحدث على الجانب الآخر من نهر الأردن يُلمس هنا أيضًا"، مشيرًا إلى أنّ دور السفارة البابويّة يكمن في "التوسّط وتشجيع هذه المبادرات". وأكد سيادته إلى أنّ "الحكومة الأردنيّة تسعى إلى احتواء هذا الصراع، وإيجاد حل له، بالتعاون مع الدول العربيّة"، لافتًا إلى أنّ "الأردن لا يسعى إلى التوسّط فحسب، بل إلى تقديم مساعدة حقيقيّة للفلسطينيين".

 

 

رعاية السلام باستمرار

 

وخلال زيارته عام 2014، وصف البابا فرنسيس الملك عبدالله الثاني بأنه "رجل سلام، وصانع سلام".

 

ودعا سيادته إلى ضرورة رعاية السلام باستمرار، لأنه هش، ويجب أن يُؤخذ على محمل الجد. فالسلام "ليس حزمةً قابلةً لإعادة إنتاج نفسها". وقال دال توزو: إنّ "السلام ثمرة سعي الرجال والنساء إليه. ولهذا السبب، يُوجّه البابا فرنسيس نداءاتٍ مُستمرة إلى قادة الدول. إنه ينبع من جهد سياسيّ يبذله الحكام". والأردن مثال على ذلك، إذ يسعى إلى "مسارات المصالحة".

 

وتحافظ المملكة الأردنيّة الهاشمية على استقرارها رغم الاضطرابات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، حيث تُثقل كاهل الدول المجاورة لها بصراعات عديدة. وقد مكّن هذا، إلى جانب المساعدات الدوليّة الضخمة، من استضافة ملايين اللاجئين.

 

وقال: "في عمق قلب الإنسان رغبة في العيش بسلام مع الآخرين. ومن مسؤوليّة الحكّام الاستماع إلى هذه الرغبة التي تنبع من الشعوب". وحول إمكانية انتقال سكان غزة إلى الأردن، قال المطران دال توزو "موقف الكرسي الرسولي واضح. إنها ليست خطة قابلة للتنفيذ؛ فالترحيل القسري ينتهك القانون الدولي".

 

 

30 عامًا على العلاقات الدبلوماسيّة

 

زار رئيس الأساقفة بول ريتشارد غالاغر، أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان للعلاقات مع الدول والمنظمات الدوليّة، المملكة للاحتفال بمرور 30 عامًا على إعلان العلاقات الدبلوماسيّة بين البلدين. وفي تلك المناسبة، تبرّع البابا فرنسيس لجمعية كاريتاس الأردن، لدعم عملها لصالح غزة. كما تُعزز الدبلوماسيّة الثقافيّة التبادل والحوار والمعرفة المتبادلة.

 

وأوضح المطران دال توسو بأنّ زيارة أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان، الكاردينال بييترو بارولين، في كانون الثاني الماضي، لتدشين كنيسة عمّاد السيّد المسيح، التابعة للكنيسة اللاتينيّة، في موقع المعموديّة (المغطس) بالأردن، كان لها "صدى قوي للغاية، ليس فقط من وجهة نظر كنسيّة".

 

وأفادت مصادر أردنيّة أن اللقاء الملك عبدالله الثاني مع الكاردينال بارولين، والذي حضره أيضًا الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، بطريرك القدس للاتين، كان فرصة للتأكيد على "الروابط الوثيقة" بين المملكة والحاضرة، و"ضرورة وقف حرب إسرائيل".

 

 

أمام الأحداث في سوريا

 

من القضايا المُلحة التي تواجه الأردن حاليًّا عودة اللاجئين السوريين. فقد غادر ما لا يقل عن 50 ألفًا من أصل أكثر من مليون لاجئ إلى سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول. وقال المطران دال توزو في هذا الشأن: "يرغب الكثيرون، بحذر، في العودة. وينطبق الأمر نفسه في قبرص. فالعودة تعني التوق إلى حياة طبيعية نوعًا ما، حتى لو كانت صعبة الآن".

 

في الواقع، لا يزال الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في سوريا غامضًا.

 

وأوضح الدبلوماسي الفاتيكاني أنّ العودة الحذرة "لا تعني أن أزمة اللاجئين في الأردن قد انتهت. فبحسب تقديرات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإنّ تمويل مساعدة اللاجئين السوريين يعاني من نقص كبير في التمويل مقارنةً بالاحتياجات".

 

في شباط الفائت، قام الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع بزيارة الأردن لتعزيز العلاقات بين البلدين. وأكد الملك عبدالله الثاني دعمه لإعادة إعمار سوريا بما يضمن الوحدة والأمن والاستقرار. وأوضح دال توزو "نحن جيران، لذا هناك حاجة للمساعدة المتبادلة".

 

كما استضافت مدينة العقبة، جنوب الأردن، اجتماعًا دوليًّا، في كانون الأول الماضي، بمشاركة وزراء خارجيّة عدد من الدول العربيّة، وذلك لإظهار الدعم العربي للانتقال السياسي في سوريا، وهو لقاء قال عنه الدبلوماسي الفاتيكاني بأنّه يظهر "اهتمام الأردن بتعزيز السلام".

 

 

العلاقة مع الكنيسة المحليّة

 

وتتفاعل السفارة البابويّة بشكلٍ دائم مع الكنيسة المحليّة.

 

وأكد المطران دال توسو أن العلاقة مع البطريركيّة اللاتينيّة في القدس متينة، ليس فقط فيما يتعلق بمساعدة غزة. ويمثّل المطران إياد الطوال البطريركيّة في الأردن، وقد نال السيامة الأسقفيّة الشهر الماضي في الكنيسة اللاتينية الجديدة الواقعة على الحدود مع الضفة الغربيّة.

 

وقال الدبلوماسي الفاتيكاني: "في موقع المعموديّة، ثمة عبقرية مكانيّة: حضورٌ خاصّ للنعمة". وأضاف: "بالنسبة للمجتمع المسيحي في الأردن (حوالي 2% من السكان)، يُعدّ هذا الموقع مهمًا لأنه يمس حياة المسيح ذاتها". وهو "يُظهر حيوية هذا المجتمع المسيحي"، الذي يلتقي هنا وفي مواقع مسيحية أخرى في البلاد، ويتمتع "بلحظة تماهي قوية".