موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
"لن يكون الشرق الأوسط شرق أوسط بدون المسيحيين. يجب أن نتذكّر المساهمة الكبيرة للمسيحيين في المجتمعات هنا في الأردن، وهي مساهمة مستمرّة".
هذه هي الكلمات التي صرّح بها السفير الفاتيكاني بالأردن، المطران جيوفاني بييترو دال توسو، أثناء وقوفه عند الحضور المسيحي التاريخي والطويل الأمد في الأردن. وقال موضحًا: "ليس لدينا فقط مواقع يشهد لها الكتاب المقدّس وحيث يتم تأكيد وجود المسيح. لدينا أيضًا مواقع يمكننا من خلالها رؤية حضور المجتمعات المسيحيّة الأولى".
جرت المحادثة بعد أن قدّم المطران دال توسو معرض "الأردن: فجر المسيحية" يوم الأربعاء.
س: هل يمكنكم أن تشرحوا أهميّة معرض 'الأردن: فجر المسيحية' الذي سيُفتتح لأول مرة في الفاتيكان في وقت لاحق من هذا الشهر؟
إنّ عنوان المعرض يتحدّث عن نفسه بالفعل مع كلمة 'الفجر': فجر المسيحيّة الذي لدينا هنا في الأردن. ليس لدينا فقط مواقع كتابيّة حيث يتم تأكيد وجود المسيح؛ لدينا أيضًا مواقع يمكن من خلالها رؤية حضور المجتمعات المسيحيّة الأولى. وبالتالي، هنا في الأردن، هناك استمراريّة عبر كل هذه القرون، واستمراريّة لحضور المجتمعات المسيحية هنا في هذا البلد.
يسلط المعرض الضوء على هذا الحضور بالضبط. إن هذا الأمر مهم، وخاصة للغرب من العالم، أن نعرف أنّ الأردن يحتفظ بهذا الكنز وأن نعرف بشكل أفضل أن الحضور المسيحيّ هنا في الأردن كان موجودًا دائمًا، وأن المجتمعات المسيحية تنتمي إلى الشرق الأوسط، وتنتمي إلى الثقافة العربية مثل الديانات الأخرى. لذلك، آمل أن يساعد هذا المعرض الغرب أيضًا على فهم طبيعة وتاريخ الشرق الأوسط بشكل أفضل.
س: بصفتك سفيرًا بابويًا في الأردن، كيف تصفون حال المجتمعات المسيحية المتواجدة هنا في هذا الوقت، حتى على المستوى العاطفي، حيث أنّ الحرب بالتأكيد ليست في الأردن، وهو دولة مستقرة وسلمية؟
بالطبع، لدينا بعض العواقب بسبب الحرب، وخاصة لأن جزءًا كبيرًا من السكان هنا من أصول فلسطينية. والعديد منهم لديهم أقارب على الجانب الآخر من الأردن. وبطبيعة الحال، يشعرون، أكثر من ذلك بكثير، بمأساة الحرب. كل حرب هي مأساة، لكن القرب يجعلنا نختبر كل هذا بطريقة أكثر مأساوية.
أملنا هو أن يأتي السلام في أقرب وقت ممكن. ويجب أن أردّد كلمات الأب الأقدس: أكد البابا فرنسيس على أهميّة السلام، وأهميّة البحث عن الحوار من أجل تحقيق السلام، ومن أجل تحقيق مستقبل سلمي للمنطقة بأسرها. كانت كلمات الأب الأقدس موضع تقدير كبير، وسيكون لها بالتأكيد تأثير هنا في الشرق الأوسط، وخاصة في المملكة. بالطبع، نأمل أن يسمع كلماته الكثير من الناس حتى نتمكن من تحقيق السلام قريبًا.
س: وجّه البابا فرنسيس عددًا لا يحصى من النداءات من أجل السلام، وتحدّث عن السلام أيضًا في رسالته إلى الكاردينال بارولين، وزيارته المقبلة لتكريس الكنيسة في موقع المعمودية. إنّ البابا يعرب دائمًا عن صلواته وصلوات الكنيسة من أجل السلام، والقرب من أولئك الذين يعانون في المنطقة. كيف يمثّل تكريس الكنيسة المقبل في موقع المعمودية الواقع الأكبر لقرب الكنيسة من المسيحيين في الشرق الأوسط وأملهم في أن يتمكنوا من البقاء في الشرق الأوسط؟
إنّ زيارة الكاردينال [أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان] بييترو بارولين، وتكريس هذه الكنيسة الجديدة، ووجوده هنا بصفته مبعوثًا بابويًّا، تؤكد بالطبع على أهميّة الموقع، لأن هذا هو موقع عمّاد السيّد المسيح؛ وهذا يمكن أن يذكّر كل واحد منا بمعموديته. ولكن في الوقت نفسه، أعتقد أن هذه الزيارة مهمة جدًا أيضًا كعلامة على القرب من الكنيسة المحليّة، والمسيحيين هنا في الشرق الأوسط، وأنهم ليسوا وحدهم.
إنهم ليسوا وحدهم. نحن نهتم حقًا؛ الكرسي الرسولي يهتم حقًا بالمجتمعات المسيحية، لأنّ الشرق الأوسط لن يكون شرق أوسط بدون المسيحيين. يجب أن نتذكر المساهمة الكبيرة للمسيحيين في المجتمعات هنا في الأردن، وهي مساهمة مستمرّة.
إذا فكرنا، على سبيل المثال، في عدد غير المسيحيين الذين يذهبون إلى المدارس المسيحية، وخاصة المدارس الكاثوليكية، فهي مساهمة مستمرّة للمجتمع. لهذا السبب، من المهم أن ندرك دورنا هنا في الشرق الأوسط، وأن ندرك أن الكنيسة الجامعة تدعم دورنا هنا في الشرق الأوسط.
من الواضح أنّه يمكن للمسيحيين أن يتعلّموا الكثير في المعرض، ولكن بالنسبة لأولئك الذين يريدون أن يروا بأعينهم المسيحيّة في الأردن، هل هذا هو وقت للحجاج لكي يفكروا بزيارة الأردن، أم أن هذا شيء، وخاصة في يوبيل الرجاء، يجب أن يضعوه على رادارهم؟
الأردن بلد مضياف للغاية، وأنا متأكد من أن الأردن هو المكان الذي يجب زيارته بالضبط في هذا العام المقدّس، لأنّ زيارة الأماكن المقدّسة يمكن أن تجلب التجديد لإيماننا، وهذا هو أيضًا هدف العام المقدّس. إنّ السنة المقدّسة تدعو المسيحيين إلى تجديد إيمانهم، وبالطبع، فإن إحدى أفضل الطرق لتجديد إيماننا هي التواصل المباشر مع الأماكن التي ولد فيها هذا الإيمان.