موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأحد، ٢٣ مايو / أيار ٢٠٢١
روح الله جدّد وجه العالم

بقلم أشخين ديمرجيان :

 

كان حضور روح الله في أحد العنصرة حجر الأساس في تأسيس الكنيسة المقدّسة. وحضوره في الكنيسة غيّر وجه العالم من الظلمة إلى النور... روح الله هو الذي يعزّي المؤمنين ويشفع فيهم... هو الذي يتكلم ويعلم، ويرشد ويقوّي، ويبكّت، ويقود المؤمنين. يقول الرسول بولس الإناء المختار: "لأن الذين ينقادون بروح الله، فأولئك هم أبناء الله" (رو 8: 14).

 

أحد العنصرة هو اليوم المقدّس الذي سكب فيه السيّد المسيح روحه القدّوس على الرسل والكنيسة. ومثلما أُعطيت "الشريعة" لليهود في عيد العنصرة، كذلك أُعطي "روح القدس" للمسيحيين في عيد العنصرة. بالنسبة للكنيسة، فإنّ موضوع الحصاد اليهودي هو قصة رمزيّة عن حصاد النفوس عن طريق رسل المسيح الاثني عشر.

 

في الأيام التسعة ما بين الصعود وأحد العنصرة كان التلاميذ يواظبون على الصلاة بقلب واحد، مع العذراء وبعض النسوة. "ولمّا أتى اليوم الخمسون، كانوا مجتمعين كلّهم في مكان واحد، فانطلق من السماء بغتة دويّ كريح عاصفة، فملأ جوانب البيت الذي كانوا فيه، وظهرت لهم ألسنة كأنّها من نار قد انقسمت فوقف على كل منهم لسان، فامتلأوا جميعًا من روح القدس، وأخذوا يتكلمون بلغات غير لغتهم، على ما وهب لهم روح القدس أن يتكلّموا" (أعمال 2: 1 -4).

 

كان الرسل يصلّون وينتظرون المجهول من غير معرفة، بينما كانت العذراء تصلّي وهي تعرف روح الله روح الحقّ المعزّي، لكنّها صلّت لكي يتعرّف الرسل على مَن تعرفه هي بالفعل. وفي صباح يوم الخمسين، يوم حلول روح القدس، كان الرسل وسائر المؤمنين أوّل ثمار الكنيسة الأولى. 

 

وكما ظلّل روح القدس العذراء يوم بشارتها بالحبل الإلهي في أحشائها، هكذا ظلّل روح القدس  الكنيسة "جسد المسيح" السري. يوجد تشابه بين اتحاد العذراء وروح القدس عند "تجسّد المسيح" واتحادهما عند ولادة الكنيسة المقدّسة "جسد المسيح السري" يوم الخمسين.

 

مع العلم أنّ تجسُّد الله الابن كان ممكنًا من غير مريم العذراء، وكذلك موت المسيح المخلّص على الصليب من غير وقوفها عند الصليب. وكان ممكنًا أن يحلّ روح القدس على الرسل في يوم العنصرة من غير حضورها ومشاركتها. لكنّه تعالى اختار أن يتمّم أسرار الفداء هذه بمشاركة العذراء منها السلام، مع أنّه لم يكن مضطرًا أن يفعل ذلك، لكنّه فعل. وأراد الله أن يشمل مريم العذراء في كلّ الأحداث الجوهرية، ممّا يؤكّد أهمّيتها لديه تعالى... لا بدّ اذًا من تكريمها الإكرام اللائق، فلماذا يستبعدها البعض؟

 

العذراء والدة الإله فائقة القداسة هي المختارة عند الله! "هذه الفتاة التي كانت فى فكر الله وفى تدبيره منذ البدء، فى الخلاص الذى وعد به آدم وحواء" (تك 3: 15). فكّر بها الاب أوّلاً عندما فكّر في الخليقة. أحبّها الابن تمامًا فهي والدته. اختارها روح القدس لتكون عروسه - لتتّحد برسالته على الأرض. يا له من لغز! فكيف لا نحب هذه الأمّ الحنونة؟ التي تحبّنا وتهتم بنا وتفكّر في خلاصنا في كلّ لحظة. كما وتُرسل لنا رسالة خاصة في الخامس والعشرين من كل شهر من مديوغورية...

 

خاتمة

 

علّمنا يا ربّ كيف نعيش في نعمة السيّد المسيح، ومحبّة الله... وكيف نتحوّل إلى هياكل للروح القدس... "أما تعلمون أنّكم هيكل الله وروح الله يسكن فيكم" (1 قو 3: 16).

 

وعلّمنا كيف نعيش العصر الأوّل للكنيسة من جديد كما كانوا يعيشون أي نتقاسم الخيرات على أساس الإيمان والمحبة الأخوية. وننبذ كلّ ما يخالف وصايا الله. ونمتلىء بروح التوبة والحكمة والقداسة والعطاء. أرسل روحك يا ربّ! فيتجدّد وجه الأرض!

 

كلّ عام والروح يجمعنا! آمين!