موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٢٨ مايو / أيار ٢٠٢٣
البطريرك الراعي: العنصرة هي عيد محبة الله الواحد والثالوث لكل إنسان

أبونا :

 

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي قداس أحد العنصرة في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي الماروني في بكركي، بمشاركة عدد من الأساقفة والرؤساء العامين والرئيسات العامات والكهنة والراهبات، وحشد من الفاعليات والمؤمنين.

 

وألقى غبطته عظة أشار فيها إلى أنّ "عيد حلول الروح القدس في اليوم الخمسين هو عيد معمودية الكنيسة وتثبيتها وانطلاقتها الرسوليّة. وهو عيد اكتمال محبة الله: فالآب أحب البشرية جمعاء، فأرسل ابنه الوحيد ليفتدي خطايا البشر أجمعين ويصالحهم مع ذاته. والإبن الإلهي أطاع إرادة الآب حبًا له، وأحب البشرية فارتضى الموت على الصليب لكي لا يهلك أحد ممن هم في العالم. والروح القدس، المحبة الجامعة بين الآب والإبن، أرسل إلى العالم ليحقق في كل إنسان ثمار الفداء والخلاص، ويسكب المحبة في قلوب البشر أجمعين".

 

أضاف: "فكما أنّ العنصرة هي عيد محبة الله الواحد والثالوث لكل إنسان، بات من واجب كل إنسان أن يبادل بالمحبة محبة الله. يؤكد الرب يسوع أن الروح القدس يعطى للذين في قلوبهم محبة الله، ويحفظون وصاياه. فكما أعطي ليسوع وملأ بشريته، بسبب حبه اللامتناهي للآب وطاعته الكاملة لإرادته في خلاص العالم وفدائه، هكذا يعطى هذا الروح للذين يحبون المسيح ويحفظون وصاياه المختصرة في واحدة: "أحبوا الله من كل قلبكم وفكركم وإرادتكم. وأحبوا بعضكم بعضًا كما أنا أحببتكم".

 

تابع: "من كان في قلبه حب للمسيح، يحفظ وصاياه التي هي القاعدة الأساسيّة لحياة سليمة مع الله، ولكل حياة اجتماعية كما هي مرسومة في الوصايا العشر. وحدها المحبة تدفع الإنسان إلى حفظ الوصايا. ذلك أن حفظ الوصايا هو من صنع المحبة، لا المحبة من صنع الوصايا، على ما يقول القديس أغسطينوس. إذا أحببنا المسيح، حفظنا وصاياه، فيعطينا الروح القدس الذي هو كمال محبة الله المفاضة في قلوبنا، ويصير الروح فينا مصدر الأخلاقيّة الجديدة وما ينتج عنها من قداسة سيرة وعمل رسولي".

 

وأوضح بأنّ رسالة الروح القدس تتميّز من خلال وصف شخصيته: بأنه "البارقليط الآخر"، أي مسيح آخر يمكث معنا إلى الأبد وهو فينا، كمحام ومعز ومشجع وشفيع؛ وبأنه "روح الحق" الذي يرشدنا إلى الحقيقة كلها: حقيقة الله والإنسان والتاريخ، وينصرنا على الكذب، ويجعلنا شهودًا للحقيقة بحكمة وشجاعة وسط الأنظمة والتيارات الإيديولوجية المعاكسة؛ وبأنه "روح البنوة" الذي يجعلنا أبناء الله بالإبن الوحيد الذي لا يتركنا أيتامًا، بل يمنحنا، من لدن الآب، الروح الذي يسكن فينا، ويفهمنا أننا أبناء، ويعلمنا أن ننادي الله "يا أبانا".

 

 

الأوضاع في لبنان

 

وتطرّق غبطته إلى الأوضاع الحاليّة في بلاد الأرز.

 

وقال: "نعاني اليوم في لبنان من اللأخلاقيّة ومن الفساد بنيتجة جهل كلام الله، ووضعه جانبًا. كما نعاني من إنتفاء المحبة في القلوب. وهذا ما نشهده على مستوى الجماعة السياسيّة، فالمحبّة بالنسبة لبعضهم لا تعني شيئًا، بل ينتهكونها بالبغض والكيدية. ولكن نود أن نشكر الله على ما نسمع بشأن الوصول إلى بعض التوافق بين الكتل النيابية حول شخصية الرئيس المقبل، بحيث لا يشكل تحديًا لأحد، ويكون في الوقت عينه متمتعًا بشخصية تتجاوب وحاجات لبنان اليوم وتوحي بالثقة الداخلية والخارجية".

 

أضاف: "نأمل أن يتم انتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت كي تنتظم المؤسسات الدستورية وتعود الى العمل بشكل طبيعي وسليم وفعال، وبذلك تتوقف الفوضى الحاصلة على عدة مستويات وتتوقف القرارات والمراسيم العشوائية التي تستغيب رئيس الجمهورية وصلاحياته وبالتالي فهي تبقى عرضة للشك والاعتراض".

 

وخلص البطريرك الراعي في عظته إلى القول: "اننا معكم في هذا اليوم المقدّس والسماء مفتوحة وأنوار الروح تحل على الكنيسة، نلتمس أنوار الروح القدس على كل جماعة وبخاصة على الجماعة السياسية عندنا لكي تسعى إلى كل ما فيه خير لبنان واللبنانيين".