موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ١١ مايو / أيار ٢٠٢١
ديمومة الزواج محور اللقاء التحضيري الثاني للمقبلين على الزواج في الأردن

أبونا :

 

عقد مكتب راعويّة الزواج وشؤون العائلة، التابع لمطرانيّة اللاتين في عمّان، بإدارة الأب بشير بدر، اللقاء الثاني للمقبلين على نيل سر الزواج المقدس في الكنيسة اللاتينيّة في الأردن خلال هذا العام. وقد تمحور حول الديمومة والأمانة الزوجية والاحترام المتبادل والمحبة بين الزوجين خلال حياتهما الزوجية.

 

واستضاف اللقاء الدكتورة لورات جورج وهبه، الحاصلة على درجة الدكـتوراه فـي الحـق القانـونـي من جامعة اللاتران الحبريّة، والمـجازة في عـلوم الـزواج والعائلة من معهد البابا بولس يوحنا الثاني في روما، والحاصلة كذلك على شهادة الدبلوم في الزواج المقرر غير المكتمل والتفسيح من واجبات الكهنوت محكمة الروتا، والمحاضرة في عدة جامعات في كلية الحقوق  وكلية اللاهوت والزواج والعائلة.

 

الأب بشير بدر

في البداية، أوضح مدير المكتب الأب بشير بدر بأن اللقاء يتناول السؤال الثاني الذي يطلب من المُقبلين لنيل سر الزواج المقدّس الإجابة عليه خلال الإكليل، وهو: "هل أنتما مُستَعدان لأن يبادل كلٌّ منكما الآخر المحبة والاحترام، طول أيام حياته؟".

 

وقال: في إطار هذا الوعد حول الحب الدائم (طول الحياة)، نستطيع أن نقدّم موضوع الحب الإنساني كحقيقة متعددة الأبعاد. ويقول البابا بندكتس في إفتتاحية رسالته العامة الأولى الله محبة: "إن التعبير ’حبّ‘ أصبح اليوم من أكثر الكلمات استخدامًا وأيضًا من أكثرها استهلاكًا وانحطاطًا". وفيما نعاني اليوم من نتائج ما يقدمه العالم من أوهام ودعايات تحت مسميات الحب، تبقى تلك الكلمة أساسية في حياة الإنسان وجوهره. لذلك نحتاج أن ننقيها ونعيدها إلى روعتها الأصلية لكي تنير حياتنا وتقودها في الإتجاه الصحيح"، مشددًا على وجوب أن تتجاوز رعويات الإعداد للزواج مشاعر الحب الرومانسي والإنجذاب العاطفي، لأن الأهمية تكمن في أن يعرف شريك الحياة، وليس فقط أن يشعر أنه محبوب.

 

وضمن حالة التدهور لـ"ثقافة المؤقت" والإستهلاك المعاصرة التي لا تشجّع على طول النَقَس في العلاقات والحب وهبة الذات، أشار الأب بدر إلى أن النقاش حول مكونات الزواج المسيحي من الوحدة والديمومة، يفسح المجال حول أمانة الحب إلى الأبد -وهو الصخرة التي سيرتكز عليها دوام الزواج– التي تُعاني اليوم بسبب اقتحام مفاهيم الإستقلالية والفردانية والحرية الشخصية، وهو ما يُضعف تطور واستقرار العلاقات بين الأفراد. لذلك، تابع الأب بدر في حديثه، فإن من الأهميّة بمكان أن يتم إعادة تفسير مبدأ الـ"إلى الأبد" وتقديم الخيارات الحياتية التي لا رجعة فيها كوعود الزواج بطريقة جدّية تتحقق من الرغبة في الأمانة الزوجية والإخلاص والتفرد في الحب. "لأنّ "مَن لا يقرّر أن يحبّ إلى الأبد، من الصعب أن يستطيع أن يحبّ بصدق ولو ليوم واحد".

 

كما تطرّق الأب بشير بدر إلى موضوع آخر حياتي وحيوي للعائلة وهو المغفرة والمصالحة في أوقات الخبرات الصعبة وخيبات الأمل والتصادمات وحالات الضعف البشري التي لا مفرّ منها، إضافة إلى أنواع الخلافات الزوجيّة من أزماتٍ ماديّة وعاطفيّة واجتماعيّة وروحيّة، مشددًا على أهميّة تحويل كل هذه الحالات الصعبة إلى فرص للنمو والنضج ولخلق الحب من جديد، وكيف يكون الإعتراف بالخطأ وطلب المغفرة ومنحها هي العلاج الشافي لكيلا تبقى تلك الخبرات جراحًا لا تندمل!.

الدكتورة لورات جورج وهبه

الزواج.. هبة ودعوة متجدّدة

 

من جهتها، أبرزت الدكتورة لورات جورج وهبه ضرورة التحضير للزواج وتحضير الخطاب لنيل سر الزواج المقدّس، خاصة أن البابا فرنسيس قد شدّد على أهمية الدورات للتحضير للزواج. وقالت: طرح الإرشاد الرسولي "فرح الحبّ" موضوع الزواج بأدق التفاصيل، وتكلّم عن التحديات التي يواجهها الزواج، كما تحدّث، ولأول مرة، عن وقت الأزمة، سيمّا وأن الخطّاب والأزواج الجدد يميلون إلى إخفاء لحظات الصعوبة، وعندما يبرز صراع يحاولون إيجاد حل لوحدهم دون الالتجاء إلى كاهن الرعيّة أو أصحاب الاختصاص، لذلك أكدت على أهميّة المتابعة الدائمة مع كاهن الرعية، والمشاركة في المناسبات الراعوية.

 

وأوضحت بأنّ الزواج هو هبة من عند الرب. وفي الوقت عينه، يتطلب من الأزواج الجدد العناية بهذه الهبة الإلهيّة. ولفتت إلى أنّ عدم انحلال الزواج «فما جمَعَه الله فلا يُفرِّقنَّه الإِنسان» (متى 19: 6)، لا يجب اعتباره كـ"نير" مفروض على البشر، إنما كـ"هبة" مقدّمة الى الأشخاص الذين يتّحدون في الزواج، فعهد الحب والأمانة الذي عاشته عائلة الناصرة يُنير المبدأ الذي يحدّد شكل كل عائلة، ويجعلها قادرة على مواجهة تقلّبات الحياة والتاريخ بشكل أفضل. وعلى هذه الأسس تستطيع كل عائلة، رغم ضعفها، أن تصبح نورًا في عتمة هذا العالم: إنّ الزواج هو شركة المحبة، وبساطة وزهد جمالها وطابعها المقدس غير القابل للاستبدال.

 

وأشارت إلى أنّ المجمع الفاتيكاني الثاني قد عزّز في دستوره الرعوي "فرح ورجاء" كرامة الزواج والعائلة، وحدّد مفهوم سرّ الزواج باعتباره شركة حياة ومحبّة وهبة ذات متبادلة. فالمحبّة هي العنصر الأساس في العلاقة بين الخُطّاب أولاً، وعلى هذا الحب المتواجد بين الزوجين أن ينمو وينضج، وأن يتميّز بالاحترام المتبادل والمحبة المتبادلة، والوعي تجاه الله وتجاه أنفسهما، وتجاه العائلة والمجتمع، بالتالي يمضي هذا البيت قدمًا نحو القداسة كـ"كنيسة بيتيّة".

 

وأوضحت بأن الزواج هو دعوة يوميّة متجدّدة قائمٌ على الشراكة العميقة والمتبادلة بين الزوجين، وهذه الدعوة ليست مبنية على المشاعر فحسب، إنما على الالتزام أيضًا. وقالت: الزواج ليس عبارة عن مساكنة أو حقل للتجارب، إنما هو سرّ غير قابل للإنحلال والتزام متبادل. كما أنّ سرّ الزواج ليس عقدًا اجتماعيًا أو طقسًا فارغًا أو مجرد علامة التزام خارجيّة، إنما سرّ وهب لتقديس الزوجين وخلاصهما. بالتالي، يجب أخذه على محمل الجدّ. ودعت في هذا السياق إلى التقرّب الدائم من السيد المسيح، لكي يلاقي الأزواج في سر الزواج؛ فهو يلازمهم، ويمنحهم القوّة لاتباعه، حاملين صليبهم، وينهضوا من كبواتهم من جديد، ويتبادلوا الصفح، ويحمل بعضهم أثقال بعض بصبرٍ مُحب وطول أناة على الصعيدين الإنسانيّ والمسيحيّ.