موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
3- تقييم الجحود عن الكنيسة الكاثوليكيَّة
لتقييم وجود فعل الجحود الرسميّ، علينا، بعد التأكد من أهليَّة الشَّخص، التحقّق ما إذا كان الفعل يتطابق مع إرادة الشَّخص الفعليّ للتخلّي عن الكنيسة الكاثوليكيَّة. وينبغي النَّظر، في هذا الصدد، إلى جوانب عدة: أي المذهب، الكنيسة أو تعليم يرغب المؤمن الكاثوليكيّ في الانضمام إليه، أو اي شكل من أشكال رفض الانتماء إلى الكنيسة وما هي درجة الوعي الَّتي تساعده على هذه الخيارات.بالنسبة للحالات الَّتي ذكرناها، قد يحدث، على سبيل المثال، أن ينتقل شخص إلى حركة دينيَّة تحت ضغط الوالدين أو غيرهما من أفراد العائلة والأقارب أو الجيران الَّذين قدّموا بنفس هذا الاختيار، ضمن سياق غالبًا ما يكون مشحونًا بتوترات، وأعمال ابتزاز، ليس من السهل تحمّلها، خاصّة من قبل شخصيّات شابّة أو هشّة نفسيًّا.
تماشيًا مع بروتوكول عدد 10279/2006 للمجلس الحبريّ للنصوص التشريعيَّة، لا يمكن اعتبار فعل الجحود الرسميّ الَّذي تتطلبه القوانين الثلاثة، شكلًا من أشكال الجحود العلنيّ في قبوله المزدوج: الجحود العلنيّ مع علنيَّة القانون وعلنيَّة الواقعة. يثبّت الأوَّل بحكم قضائيّ أو بإقرار الشَّخص، بينما يتم التحقّق من الثَّاني من خلال معرفة الأشخاص بالواقع الواضح. وبهذا لا يمكن للخداع أو الأعذار أن يخفي ظهوره في ضوء أحكام القانون. وتجدر الإشارة إلى أنّ الجحود العلنيّ عن شركة الكنيسة الكاثوليكيَّة له عقوبات قانونيَّة تؤثر، بشكل جذريّ، على حقوق وواجبات المؤمنين الَّذين يتحملون المسؤوليَّة، أي عدم القدرة على الإدلاء بأصواتهم في انتخابات (ق. لاتينيّ 171 البند 1 عدد 4)، والعزل من منصب (ق. لاتينيّ 194 البند 1 عدد 2)، استحالة القبول في جمعيَّة عامة (ق. لاتينيّ 316 البند 1)، والفصل بحكم الواقع من مؤسّسة رهبانيَّة (ق. لاتينيّ 694 البند 1 عدد 1).
من الملاحظ أنّ الجحود بفعل رسميّ يمكن اعتباره ،بسهولة تقريبًا، مشابهًا للأشكال السالفة الذكر للتخلّي عن الكنيسة. لكن هذا لا يحدث بشكل خاص عندما نأخذ في الاعتبار عواقبه النهائيَّة الَّتي يمكن أن تحدث بموجب القانون اللاتينيّ 11. في الواقع، يشير هذا التعبير إلى فعل قانونيّ يتممه المؤمن بوعي وبقصد صريح (ق، لاتينيّ 124 البند1) ، والَّذي يتجلى ظاهريًّا (ق، لاتينيّ 130) أمام السُّلطة الكنسيّة المختصّة".
في ما يتعلّق بالمستوى اللاهوتيّ، فإنّ فعل الإرادة، كما يتضح من العقيدة منذ البدايَّة، يجب أن يهدف إلى القطع النهائيّ لأي ارتباط بين الكنيسة الكاثوليكيَّة والشَّخص الَّذي اعتمد أو مقبول فيها. لذلك، يجب أن تهدف الإرادة إلى إنكار روابط الشركة - إعلان الإيمان، والأسرار المقدسة، والتنظيم، وفقًا لما ورد في القانون اللاتينيّ 205، وبالتالي يفترض فعلًا ارتدادًا أو بدعة أو جحودا. بينما يفترض البُعد الإداريّ-القانونيّ للفعل الرسميّ اليوم، أهميَّة أكبر بكثير مما جاء المذهب لدعمه، ليس فقط في ما يتعلّق بالمؤلفين الَّذين في الواقع تقريبًا يقللون من الشكليات إلى مجرد ضرورة إثباتيَّة، أو حتى أنها تلغيها عن طريق نقل شرط الشكليات من المستوى القانونيّ الرسميّ إلى المستوى الإراديّ الموضوعيّ، ولكن أيضًا في ما يتعلّق بأولئك الَّذين يفضلون تفسيرًا قويًّا لمتطلبات الإجراءات الشكليَّة.
إنّ "الجحود الرسميّ"، بالإضافة إلى وجود نطاق أضيق من المسافة البسيطة من الممارسة المسيحيَّة أو الانفصال السيئ السمعة، يمكن التحقّق منه بسهولة أكبر في المحكمة الخارجيَّة، بالإشارة إلى فعل قانونيّ محدد، وضعه شخص ليس لديه القدرة فحسب، بل يريد أيضًا إحداث تأثير الانفصال عن الكنيسة. لكنّ تحديد العناصر المكوّنة لها ليس بالأمر السهل. يتضح هذا من خلال الاختلاف في الاستنتاجات في العقيدة، والَّتي انتقدت القانون لعدم قبوله الاقتراح، الَّذي ظهر أثناء المراجعة، لتقنين الحاجة إلى إعلان خطي عن الجحود يتم تسليمه إلى كاهن الرعيَّة.
فعل الجحود عن الإيمان وعن الشَّركة الكنسيّة، بالإضافة إلى المحتوى الأساسيّ، يجب أن يصنف على أنّه "عام" وأن يكون ظاهريًّا وخارجيًّا وليس سرّيًّا. والموقف الداخليّ للشَّخص ضدّ الإيمان والشَّركة الكنسيّة لا يزال لديه عواقب قانونيَّة، ولكن ليس له موضع في الوقائع المذكورة: المطلوب أن يكون الجحود عن الإيمان والشَّركة الكنسيّة ظاهرًا وخارجيًّا وليس سرّيًّا. ومما يزيد من صعوبة هذا التطبيق يقع على حقيقة أنّ الفعل القانونيّ للتخلّي عن الإيمان أو عن الشَّركة الكنسيّة لم يحدد شروطًا فرضها القانون لصلاحيته (وفقًا للقانون 124 البند 4 يفترض أن الفعل صحيح حتَّى يثبت العكس). في حالات محدّدة، يتوجّب على السُّلطة الكنسيّة تطبيق القانون الَّذي له دور في ترجمة الحالات الخاصّة: إعلان حدث الجحود عن مؤسّسة تكريس (ق، 694 البند 1 عدد 1 والبند 2)؛ تحديد معايير القبول والخروج ضمن النَّظام الأساسيّ للجمعيَّة العامّة (ق، 316 البندين 1 و2)؛ نلاحظ أنّ بعض المفاعيل كفقدان الوظيفة، هي فعّالة بقوّة القانون نفسه (ق، 192)، ولكن سيكون من الممكن الحثّ على تطبيقها، فقط من خلال إعلان السُّلطة المختصّة (ق، 194 البند 2).
من الواضح أنّ الجحود الرسميّ عن الكنيسة الكاثوليكيَّة، وبالتّالي فقدان الشَّركة الكنسيّة التامّة يتمّ من لحظة العبور الرسميّ إلى هذه الحركات. في مثل هذه الظروف، يقع المؤمن في الجحد بالإيمان لأنّه رفض كليًّا أو في جوهر الموضوع الجوهري للإيمان الكاثوليكيّ. ويتطلّب فعل الجحود الرسميّ عن الكنيسة الكاثوليكيَّة، مسؤوليَّة شخصيَّة أخلاقيَّة أمام الله. ولكي تصبح جريمة، ينتج عنها عقوبة كنسيّة، يجب أن تتضمّن عناصر الجريمة، أي وجود مخالفة خارجيَّة مسؤولة بشكل خطير بنيَّة حرّة أو عن الإهمال (ق، لاتيني 1321)، وينبغي تحديد الظروف الداخليَّة والخارجيَّة الَّتي لها تأثير على التقييم الأخلاقيّ، والأخذ بالاعتبار النتائج الكنسيّة. ومن الضروريّ، إذًا، تقييم المؤمن الكاثوليكيّ الَّذي تخلّى رسميًّا عن الكنيسة الكاثوليكيَّة على أنه قد ارتكب "جنحة" الجحود. فإذا كان الأمر كذلك، فُرض عليه عقوبة حكم تلقائيّ وهو "الحرم". فمن الواضح أنّ الجحود الرسميّ عن الكنيسة الكاثوليكيَّة، وبالتّالي فقدان الشَّركة الكنسيّة التامّة يتمّ من لحظة العبور الرسميّ إلى هذه الحركات. أي إمّا من خلال قبول معموديتهم أو من خلال أي فعل آخر ذي قيمة البدء: كما في تقليد الكنيسة سمّى نبذ أو قبول دين آخر. في مثل هذه الظروف، يقع المؤمن في الجحد بالإيمان لأنّه رفض كليًّا أو في جوهر الموضوع الجوهريّ للإيمان المسيحيّ، سلطة الله الَّتي كشفت في يسوع المسيح ومن ثم فصل من الجماعة الَّتي أسّسها من قبل المسيح، الكنيسة.
يجب دراسة، بعنايَّة وصبر، كلّ حالة على حدة، بالنَّظر إلى نوع الحركات الدينيَّة الجديدة الَّتي اختارها المؤمنين وكذلك الشروط والأوضاع الَّتي انضمّ إليها. على سبيل المثال: كاثوليكيّ قبٍل المعموديَّة من شهود يهوه، أو المورمون، أو قبٍل إتمام أعمال التكريس والعبادة لكريشنا. أكثر صعوبة هو الحكم عندما يكون لدينا حالات مرتبطة بحركات دينيَّة تدعو إلى الانتماء المزدوج، على الرَّغم من الوعي أنه ليس من الممكن، من وجهة نظر كاثوليكيَّة، الجمع بين الإيمان بيسوع المسيح والعضويَّة في الحركات الَّتي تدعم خلاص الإنسان بقوّته الذَّاتيَّة. ينبغي التحقّق شخصيًّا من هذه الحالات. حالة يقع بها بعض المؤمنين الكاثوليك الَّذين يعلنون عدم انتمائهم إلى الكنيسة الكاثوليكيَّة للهروب من دفع الضرائب الدينيَّة، لذلك، يجب تقييم أي نوع من الجحود وقع من قبل المؤمنين، وعلى حسب الجحود تنشأ، في الواقع، عواقب مختلفة.
يمكننا، مرة أخرى، التمييز هنا بين الانتماء المؤسسيّ البحت والانتماء النشط حقًّا، بين أولئك الَّذين يعتبرون أنفسهم كاثوليكًا ولكنهم خففوا إلى حد كبير من الرباط الثلاثيّ (ق. لاتينيّ 205): إيمان متعثر، أو التقدّم الفقير من الأسرار المقدّسة، أو علاقة ضعيفة جدًّا بالسلطة التراتبيَّة الكنسيّة. في عصرنا الَّذي يتميّز بالفردانيَّة، كم من الناس يعلنون أنفسهم كاثوليكيّين أثناء إعداد قائمة طعام انتقائيَّة في اعتراف الإيمان (فكّر في كلّ أولئك الَّذين يؤمنون بالتناسخ، على سبيل المثال)، ويمارسون الصلاة والتقرّب من السرّ الإفخارستيَّا في مناسبات مختلفة دون الاهتمام بسرّ التوبة. إذا كان من الممكن تعريف الجحود الرسميّ من الكنيسة الكاثوليكيَّة بأنه فقدان الشركة الكنسيّة الكاملة، يبقى تحديد درجة العضويَّة الَّتي يجب فقدانها وأي درجة تكفي لفقدانها حتى اعتبارها قد تركت الكنيسة الكاثوليكيَّة رسمًيّا.
4- عقوبة من يجحد الإيمان والجحود عن الكنيسة
سعت الكنيسة دائماً إلى الدفاع عن نفسها ضدّ الهراطقة. والهرطقة وفقاً لتعليم الكنيسة الكاثوليكيَّة، هو رفض صارم وثابت وطوعي لحقيقة إيمانيَّة من قبل شخص معمّد. فالشخص الهرطوقيّ هو عدو داخليّ. وهذا المفهوم يختلف عن الكلمة "البدع"، فهي مجموعات متعصبة تشكل نفسها من بديلاً للحياة المسيحيَّة كطرق أكثر أمنا. وهناك كتابات كثيرة ومؤتمرَّات ودراسات حولهم. وبين البدع والهرطقة علاقة وثيقة، كما هو واضح من التعبير الكلاسيكي "البدع الهرطوقيَّة". في الواقع ففي مجال الدين والأخلاق ليست كل حقيقة زائفة هي هرطقة. فالهرطقة ليست برفض بسيط لحقيقة إيمانيَّة، فهذا الرَّفض يجب أن ينجم عن شخص كاثوليكي؛ والهرطوقيّ يجب أن يكون على علم بأنه يرفض حقيقة كاثوليكيَّة، و"هذا ما يسمّى بـ"هرطقة رسميَّة". ولا يعتبر الشخص هرطوقيّ إذا كان على خلاف مع التعليم بشكل لا إراديّ، ولم يكن على علم بأن الأمر يتعلّق بهرطقة.
بعد التقييم ما إذا كان المؤمن الكاثوليكي الذي تخلّى رسمياً عن الكنيسة الكاثوليكيَّة قد إرتكب فعلا "جريمة" الجحود، فهو يخضع تلقائياً لعقوبة "الحرم". عندما تفرض الكنيسة عقوبة الحرم بسبب خطايا ضدّ الإيمان، فهي تفرضها بسبب وقوع مخالفة الإلتزامات التي تربط المعمّد بالجماعة الكنسيّة. فعندما يتخلّى المؤمن الكاثوليكي عن الكنيسة الكاثوليكيَّة بفعل قانونيّ رسمي، فهو مسؤول بشكل شخصيّ أمام الله، وكي يصبح هذا الفعل جريمة يجب أن يتضمّن العناصر الخاصّة للجريمة، أي أن يكون مخالفة خارجيَّة يمكن إتَّهامه به بشكل خطير بدافع التدليس أو الذنب. لذا، في حال وجود هذه العناصر وأعرب المؤمن ظاهريا عن جحوده وأنّه انضمّ إلى جماعة مؤمنين آخرين، فيمكن الحديث عن وجود جريمة حقيقيَّة تنطوي على عقوبة الحرم. في هذه الحالة، يقوم الحرم على الإعتراف والاعلان بالإستبعاد الذاتيّ عن الشَّركة التامّة، وفقدان "الشَّركة القانونيَّة". ونجد أن واجب الحفاظ على الشَّركة الكنسيّة (ق. لاتيني 209) قد تم مخالفته وتقويض أساساته.
أقرَّ الشَّرع اللاتيني في القانون اللاتيني 209 البند 1 بوضوح "واجب المحافظة دائماً على الشَّركة مع الكنيسة، حتَّى في طريقة سلوكهم". وانتهاك الواجب قد يحدث بواسطة أفعال خارجيَّة تؤذي حقّ الآخرين في المحافظة على الإيمان. وهذا ما نصّ عليه القانون اللاتيني 1330: "الجنحة، التي تقوم على إعلان أو إظهار آخر للإرادة أو للعقيدة أو للعلم، تُعتبر غير مكتملة، إذا لم يكن أحد قد اطلع بعد على هذا الإعلان أو الإظهار أو العقيدة أو العلم".
نصّ الشَّرع الكنسيّ بعض الظروف، المؤمن الذي إرتكب جريمة الجحود، لا يقع تحت حكم عقوبة. على سبيل المثال: الشَّخص الذي فقد إستعمال العقل (ق. لاتيني 1322). ومن لم يتم بعد 16 من العمر (ق. لاتيني 1333)، أو كان يجهل بمخالفته القانون أو الأمر، أو أنّه تصرَّف بسبب عنف جسدي أو خوف خطير؛ أو في ذلك الوقت كان فاقدا للعقل. وبالإضافة إلى ذلك، يؤكّد القانون اللاتيني 1324 أنَّه على الرَّغم من العقوبة، لا يخضع لعقوبة حكم تلقائي من إرتكب الجريمة من لم يكن يتمتع بإستعمال العقل بصورة كاملة؛ أو من كان فاقدا إستعمال العقل بسبب السكر أو إضطراب عقلي مشابه آخر، تقع عليه مسؤوليته؛ أو من أتمّ 16 سنة من العمر، لم يكن بالغ بعد. في هذا الصدد تجدر الإشارة إلى أن ابن كاثوليكي من أحد الوالدين كاثوليكي ينتقل إلى دين آخر أو حركة دينيَّة آخرى، دون سن 18 لا يخضع لعقوبة الحرم صادرة بحكم تلقائي، لكنّه يكون مسؤولا بعد هذا السن إذا قبل بقرار الانتماء إلى هذا الدين أو في هذه الحركة الدينيَّة؛ أو من إرتكب جريمة سيئة ضمنيّاً مجبراً بدافع خوف خطير.
أقرَّ الشَّرع اللاتيني والشَّرقي الكاثوليكيّ ما يلي:
القانون اللاتيني 1364: البند 1- يعاقب كل من جحد الإيمان، وإنتمى إلى هرطقة أو جحود عن الكنيسة، بعقوبة الحرم، الصادرة بحكم تلقائي، مع مراعاة أحكام القانون 194 البند 1 الفقرة 2؛ ويجوز، علاوة على ذلك، معاقبة الإكليريكيّ بالعقوبات الواردة في القانون 336 البند 1 الفقرتين 2 و3. البند 2- يجوز إضافة عقوبات أخرى، بما فيها عقوبة الإعفاء من الحالة الإكليريكيَّة، إذا ما ظل المتَّهم على تعنته، أو تطلّبت ذلك جسامة الشك.
بموجب القانون اللاتيني 1364 البند1 يعقاب مرتكب الجرائم المذكورة بحرم صادرة بحكم تلقائي، وإذا كان إكليريكيّاً يمكن اضافة عقوبات تكفيريَّة تستدعي صدور الحكم، على سبيل المثال حظر الإقامة في مكان ومنطقة معيّنة (ق. لاتيني 1336 البند 1 رقم 1)، الحرمان من سلطة أو وظيفة أو مهمّة أو حق أو إمتياز أو صلاحيَّة أو نعمة أو لقب، أو ايَّة علامة مميّزة، وإن كانت فخريَّة فقط (ق.لاتيني 1336 البند 1 رقم 2)، حظر من ممارسة الأمور المذكورة في الفقرة 2، أو حظر ممارستها في مكان معيّن أو خارجه. والحظر، في الحالتين، لا يكون أبداً تحت طائلة البطلان (ق. لاتيني 1336 البند 1 رقم 3) حتَّى الإعفاء من الحالة الإكليريكيَّة. والحرمان من مراسيم الدفن الكنسيّة (ق.لاتيني 1184 البند 1 رقم 1؛ ق. ش 877).
مارس مجمع عقيدة الإيمان دائمًا ليس فقط السلطة الإدارية ولكن أيضًا السلطة القضائية، وتحفظ له لا سيما الجرائم ضد الإيمان والأخلاق. بحسب المادة 2 الفقرة 1 من Normae de delictis reserveatis، تنصّ "الجرائم ضد العقيدة المشار إليها في المادة، هي البدعة والهرطقة والانشقاق، وفقا للقوانين 751 و 1364 من شرع الكنسي اللاتينيّ والقوانين 1436 و1437 من شرع الكنائس الشرقية".
بدعة - هرطقة هي أول جريمة ضد الإيمان، ويتم تعريفها في القانون 751 على النحو التالي: "الانكار العنيد، بعد قبول المعمودية، لأية حقيقة يجب الإيمان بها إيماناً إلهياً وكاثوليكياً، أو الشك العنيد فيها". العنصر التأسيسي هو العناد، الذي على أساسه يمكن ملاحظة أن الفعل الهرطقي الظاهر مرتبط بالفعل الواعي والطوعي الذي يرفض حقيقة معينة من حقائق الإيمان. لذلك لا تُعرَف البدع على أنها اعتراض على الاستنتاجات اللاهوتية التي لا تُعرِّفها الكنيسة على أنها حقائق موحَّاة.
كي نعتبر جريمة البدعة كاملة، يشترط المشَّرع أن يدرك شخص واحد على الأقل إعلان الجاني أو إظهاره.
الجحود جريمة ضد الإيمان يتجلى في فعل رسميّ يشهد على الرفض المتعمد للإيمان والتخلي عن الكنيسة. وهو يتألف من "رفض كامل للإيمان المسيحي، سواء في المحكمة الخارجيَّة أو الداخليَّة، بفعل إيجابي من الإرادة من قبل شخص معمد". ولا بدّ الأخذ بعين الاعتبار، أن ليس هناك حاجة كي ينصل الجاني من الإيمان المسيحي بكامله، ولكن يكفي أن ينكر بعض الحقائق التي تشكل أساسها والتي بدونها لا يمكن أن توجد. يمكن أيضًا ارتكاب الجريمة المعنية من خلال القبول الواعي والفعال لدين يتعارض مع الدين المسيحي، على سبيل المثال الإسلام أو البوذية، في حين أن انتقال المؤمن إلى كنيسة مسيحيَّة غير كاثوليكي، مع فقدان الشركة الكاملة مع الكنيسة الكاثوليكيَّة هذا لا يعني بالضرورة جحوداً حقيقيًا.
آخر جريمة ضد الإيمان هي الانشقاق، الذي يُعرَّف بأنه "رفض الخضوع للحبر الأعظم أو الشركة مع أعضاء الكنيسة الخاضعين له". على عكس الهرطقة والجحود، لا يتم تحديد الانشقاق بشكل مباشر بإنكار حقيقة الإيمان. عنصرها التأسيسي هو إنكار سيادة البابا الروماني أو لأسباب أخرى تؤثر بشكل مباشر على وحدة الكنيسة الكاثوليكية. غالبًا ما تكون النتيجة الخارجيَّة لهذا الموقف هي التخلي عن الجماعة الكنسية التي يُعترف فيها بالحبر الروماني كرأس الوحدة وأساسها.
فيما يتعلق بالجانب الإجراء الجزائي المتعلق بالجرائم المذكورة أعلاه، تجدر الإشارة إلى أنَّ مجمع عقيدة الإيمان هو المختصّ ، فقط في المحاكمة الدرجة الثانية. في الواقع، في الدرجة الأولى من المحاكمة، يتم إسناد اختصاص العفو عن الحرم وإقامة محاكمة جزائيَّة قضائيَّة أو إداريَّة إلى الرئيس الكنسيّ المحليّ. وهذا يتعلق بالكنيسة الكاثوليكية اللاتينية والكنائس الشرقيَّة الكاثوليكيَّة.
5- تسجيل واقعة الجحود في سجل المعموديَّة
ومن الضرورة كتابة واقعة الجحود عن الكنيسة الكاثوليكيَّة، في سجلات المعموديَّة. وهذا يعتير شرطًا ينسجم تمامًا مع حاجة السماح إلى تطبيق القوانين المتعلقة بالجحود بفعل رسميّ عن الكنيسة الكاثوليكيَّة. وهو مفيد في حالة الزَّواج مع طرف كاثوليكيّ لم يتخلَّ عن الشَّركة الكنسيّة. وعلى كاهن الرعيَّة تسجيل الملاحظة التاليَّة على هامش سجل المعموديَّة: "من الملاحظ أنّ المعمّد قد تخلى رسميّا عن الإيمان الكاثوليكيّ". في حال طلب الشَّخص المعنيّ شهادة العماد، على كاهن الرعيَّة سؤال الرَّئيس الكنسيّ المحليّ الأبرشيّ. قد يكون من المناسب إحالة بلاغ الجحود عن الإيمان الكاثوليكيّ إلى كاهن الرعيَّة حيث يقيم الشَّخص المعنيّ. ومن الواضح أنّ تدوين الجحود ينتج تأثيرات إضافيَّة: ويضع مانعًا أمام منح مهمّة أو خدمة كنسيّة للمؤمنين، أو القبول في الدّرجات الكهنوتيَّة وطرح أسئلة لتقييم إمكانيَّة ممارسة سرّ مسحة المرضى (ق، لاتيني 1007) أو قبول دفن الموتى (ق، لاتيني 1184 البند 1 عدد 1).
عندما يواجه الكاهن طلب مؤمن كاثوليكيّ تقدّم أمامه حول موضوع تخلّيه عن الكنيسة وانتقاله إلى دين أو حركة دينيَّة أخرى ( شخصيّا أو عبر رسالة)، عليه أن يطلب تعليمات من مكتب الكوريا الأسقفيَّة المختصّ حول طريقة معالجة هذا الموضوع. إذا كان رئيس دائرة الكوريا، بناء على توصيَّة الرَّئيس الكنسيّ الأبرشيّ، يرى أنّه من المناسب أن يتحمّل شخصيًّا القضيَّة، سيقوم هو بإرسال رسالة إلى الشَّخص المعني طالبًا الاجتماع به للتوضيح. أمّا إذا عهدت هذه مهمّة إلى كاهن الرعيَّة، فإنّ الأخير سوف يلتقي الشَّخص المعني. وإذا التقى الكاهن الشَّخص المعني، فعلى الأوَّل القيام بمحاولة لارتداده عن انتقاله وأن يُعلمه بالعواقب القانونيَّة الناجمة عن هذا الفعل. وعلى الكاهن أيضًا أن يتحقّق من أسباب الجحود وظروف الشَّخص ما إذا كان هذا الأخير في حالة اكتئاب نفسيّ أو بسبب مشاكل عائليَّة، يجب صياغة مضمون الحوار بينهما كتابة ومزيّلًا بتوقيع الشَّخص المعنيّ الَّذي أجرى المقابلة. وفي نهايَّة المقابلة، إذا لم يغيّر الشَّخص المعني من قصده والعودة عن قراره.
في حال طلب الشَّخص المعني شهادة العماد، على كاهن الرعيَّة سؤال الرَّئيس الكنسيّ المحليّ الأبرشي، كما ينبغي الحفاظ على سرّيَّة الوثيقة المتعلّقة بالقضيَّة في الرعيَّة أو في كوريا الأبرشيَّة. في النهايَّة، قد يكون من المناسب إحالة بلاغ الجحود عن الإيمان الكاثوليكيّ إلى كاهن الرعيَّة حيث الشَّخص المعني مقيم. أمّا في حالة الشَّخص الَّذي تخلّى عن الكنيسة الكاثوليكيَّة لم يبلّغ الرعيَّة أو كوريا الأبرشيَّة، فمن غير الضروريّ تسجيل مثل هذه الملاحظة في سجل المعموديَّة، حتَّى لو كانت الحالة واضحة، إلا إذا كان هناك عقوبة مفروضة أو معلنة. في ما يتعلّق بطلب هذا الشَّخص الاستمرار في قبول الأسرار أو القيام بأعمال كنسيّة، على كاهن الرعيَّة إحالة القضيَّة إلى الشَّخص المختصّ في الكوريا. في مثل هذه الظروف، من المناسب أن نذكّر الشَّخص المعنيّ بتوضيح وضعه وتصرّفه هذا.
في أيّ حال، لا يستطيع كاهن الرعيَّة رفض الزَّواج أو الحضور من دون إبلاغ أوّلًا الرَّئيس الكنسيّ المحليّ، والَّذي - على النحو المنصوص عليه في البند 2 من القانون اللاتينيّ 1071، لن يمنح الترخيص إلا بعد مراعاة القواعد المذكورة في القانون اللاتينيّ 1125 الَّذي يتناول الزَّواج المختلط. فالشروط الَّتي يجب مراعاتها هي أوّلًا: أ) وجود سبب عادل ومعقول. ب) لا يوجد خطر على إيمان المتعاقد، الَّذي يجب أن يتعهد بمساعدة الزوج على التغلب على الصعوبات من أجل العودة إلى الإيمان وبذل كلّ ما في وسعه لمنح المعموديَّة والتربيَّة الكاثوليكيَّة للأطفال؛ ج) تثقيف كلا الطرفين بشأن الأهداف والخصائص الأساسيَّة للزَّواج، بحيث لا تُستبعَد في فعل الاحتفال.
عندما يواجه الكاهن أمامه طلب مؤمن كاثوليكيّ قدّم أمامه حول موضوع تخلّيه عن الكنيسة وإنتقاله إلى دين أو حركة دينيَّة أخرى ( شخصيّا أو عبر رسالة)، عليه أن يطلب تعليمات من مكتب الكوريا الأسقفيَّة المختصّ حول طريقة معالجة هذا الموضوع. إذا كان رئيس دائرة الكوريا، بناء على توصيَّة الرئيس الكنسيّ الآبرشي، يرى أنه من المناسب أن يتحمّل شخصيّا القضيَّة، سيقوم هو بارسال رسالة إلى الشخص المعني طالباً الإجتماع به للتوضيح. أمّا إذا عهدت هذه مهمّة إلى كاهن الرعيَّة، فإن الأخير سوف يلتقي مع الشَّخص المعني. وإذا التقى الكاهن مع الشَّخص المعني، فعلى الأوّل القيام بمحاولة لإرتداده عن إنتقاله وأن يعلمه بالعواقب القانونيَّة الناجمة عن هذا الفعل. وعلى الكاهن أيضاً أن يتحقّق من أسباب الجحود وظروف الشَّخص ما إذا كان هذا الأخير في حالة اكتئاب نفسي أو بسبب مشاكل عائليَّة. يجب صياغة مضمون الحوار بينهما كتابة ومزيلاً بتوقيع الشَّخص الذي أجرى المقابلة والمعني. وفي نهايَّة المقابلة، إذا لم يغيّر الشَّخص المعني من قصده والعودة عن قراره، ينبغي اعلام الرئيس الكنسيّ المحلّي بواقعة الجحود عن الكنيسة الكاثوليكيَّة. وإذا منحت الصلاحيَّة، على كاهن الرعيَّة تسجيل واقعة الجحود في سجل المعموديَّة. ويضع كاهن الرعيَّة، حيث تمت معموديَّة الشَّخص المعني، على هامش السجل المعموديَّة الملاحظة التاليَّة: "من الملاحظ أنّ المعمّد قد تخلى رسميا عن الإيمان الكاثوليكي". في حال طلب الشَّخص المعني شهادة العماد، على كاهن الرعيَّة سؤال الرئيس الكنسيّ المحلّي الآبرشي. كما ينبغي الحفاظ على سريَّة الوثيقة المتعلّقة بالقضيَّة في الرعيَّة أو في كوريا الأبرشيَّة. في النهايَّة ، قد يكون من المناسب إحالة بلاغ الجحود عن الإيمان الكاثوليكي إلى كاهن الرعيَّة حيث الشَّخص المعني مقيماً. أمّا في حالة الشَّخص الذي تخلّى عن الكنيسة الكاثوليكيَّة لم يبلّغ الرعيَّة أو كوريا الأبرشيَّة، فمن غير الضروريّ تسجيل مثل هذه الملاحظة في سجل المعموديَّة، حتَّى لو كانت الحالة واضحة، إلا إذا كان هناك عقوبة مفروضة أو معلنة. فيما يتعلّق بطلب هذا الشَّخص الإستمرّار في قبول الأسرار أو القيام بأعمال كنسيّة، على كاهن الرعيَّة إحالة القضيَّة إلى الشَّخص المختصّ في الكوريا. في مثل هذه الظروف، من المناسب أن نذكّر الشَّخص المعني بتوضيح وضعه وتصرَّفه هذا.
ضرورة كتابة واقعة الجحود عن الكنيسة الكاثوليكيَّة في سجلات المعموديَّة تعتير شرطاً ينسجم تماما مع حاجة السماح في تطبيق القوانين المتعلقة بالجحود بفعل رسمي عن الكنيسة الكاثوليكيَّة وهو مفيد في حالة زواج طرف كاثوليكي لم يتخل عن الشَّركة الكنسيّة، للامتثال في تحقيق الإجراءات التي نصّ عيها الزواج المختلط، ومن الواضح أن تدوين الجحود ينتج تأثيرات إضافيَّة: ويضع عائقاً أمام تمنح مهمّة أو خدمة كنسيّة للمؤمنين، أو قبولهم في الدّرجات الكهنوتيَّة وطرح أسئلة لتقييم إمكانيَّة ممارسة سرّ مسحة المرضى (ق. لاتيني 1007) أو قبول دفن الموتى (ق. لاتيني 1184 البند 1 رقم 1).
بالنظر إلى أنه من غير الممكن الحصول على إلغاء فعل المعمودية، لأنه يشهد على حقيقة (المعمودية) التي حدثت بالفعل، فمن الإلزامي، من وجهة نظر القانون الكنسي والقانون المدني، المضي قدمًا في التسجيل والتوضيح، في هامش سجل المعمودية، إرادة المعمّد بأنّه ليس عضواً من الكنيسة الكاثوليكية. ويجب أيضًا إخطار مقدم الطلب بالتسجيل. وهذا التسجيل يفرض بعد ذلك واجب عدم الاتصال بالشخص بعد الآن ذان طابع كنسيّ. يمكن أن يشكل طلب الإلغاء من سجل المعمد (أو لم يعد يعتبر منتمينًا للكنيسة الكاثوليكية) إجراءً رسميًا للانفصال عن الكنيسة الكاثوليكية، مع نتائج: الاستبعاد من مهمّة الأشبين في سرّ المعمودية والتثبيت (ق. لاتيني 874 البند1، ق. لاتينيّ 893 البند 1)؛ ضرورة الحصول على إذن من الرئيس الكنسيّ المحليّ للقبول في الزواج الكنسي (ق. لاتينيّ 1071، رقم 5، ق. لاتينيّ 1124)؛ الحرمان من الجنازة الكنسية في حالة عدم وجود علامات التوبة (ق.لاتينيّ 1184 البند 1 رقم 1)؛ الاستبعاد من الأسرار المقدسة وشبه الأسرار(ق. لاتينيّ 1331 الابند 1 رقم 2؛ ق. 915). لهذا السبب، من الضروري اتباع إجراء دقيق للغاية، لإبلاغ المؤمنين بالعواقب التي يواجهونها.
لذلك يُطلب من كهنة الرعية اتباع التعليمات التالية: بمجرد استلام الطلب مع إرفاق نسخة من وثيقة الهوية (يجب أن تكون موجودة)، سيرسله كاهن الرعية إلى مستشارية الكوريا الأسقفية، مع مقتطف من شهادة المعمودية. إذا لم يتم تسجيل المعمودية في الرعية، يتم إرسال الطلب أيضًا إلى الكوريا الأسقفية، والذي سيطلب من الطرف المعني تقديم معلومات لتتبع رعية المعمودية.
إذا تم تقديم الطلب شفهياً، فسيتم التحقق من هوية مقدم الطلب وسيُطلب منه تقديم طلبه كتابةً، مع إرفاق نسخة من وثيقة الهوية، والتي سيتم بعد ذلك، ارسال نسخة من شهادة المعمودية معها إلى كوريا. بعد أن أحاطت كوريا علما بإرادة المؤمن الواضحة بعدم اعتباره ينتمي إلى الكنيسة الرسولية الرومانية الكاثوليكية والإعلانات الواردة في الطلب أعلاه (التخلي عن أي شكل من أشكال إعادة التفكير - الاجتماع - التعميق ، والوعي بالنتائج الكنسية بعد الاختيار الحر والواعي بالرجوع إلى قوانين حماية البيانات الشخصية)، سيُعد النص الذي سيوقعه رئيس الكنسيّ المحليّ، ويرسلها إلى كاهن الرعية، مع إشارات حول التسجيل الذي سيتم وضعه في هامش فعل المعمودية. وسيشرع كاهن الرعية في التسجيل وفقًا للصيغة الموضحة من قبل الرئيس الكنسيّ وسيتم تبليغ مقدم الطلب من قبل الكوريا. من المهم أن لا ننسى أنَّ طلب عدم الانضمام إلى الكنيسة الكاثوليكية هو فعل محمي بالسرية بحكم الوظيفة، وبالتالي يجب على كاهن الرعية ألا يعلم أحد (ناهيك عن أفراد عائلة مقدم الطلب!) ومتعاون مع كاهن الرعية ملزمون أيضًا بسرية.
6- القبول من جديد في الكنيسة الكاثوليكيَّة
ينبغي التأكيد، قبل كلّ شيء، أن المؤمنين الذين يتخلّون بأي شكل من الأشكال عن الكنيسة الكاثوليكيَّة لا يفقدون تماما الشَّركة معها، لكن فقط الشَّركة التامّة (ق. لاتيني 205 ). هذا يعني أنه علاوة على إختيارهم ووعيهم لخطورة فعلهم، إلا أنهم يبقون مرتبطين بالكنيسة والكنيسة تستمر بالعنايَّة بهم، بالصلاة، وتنتظر عودتهم. لهذا السبب، من يطلب في وقت لاحق العودة إلى الكنيسة الكاثوليكيَّة، يتم قبوله من جديد في الشَّركة التامة مع الكنيسة الكاثوليكيَّة ، وينبغي ألاّ يقبل أسراراً كان قد قبلها سابقاً.
من الواضح أنّ قبول طلب الرجوع إلى الكنيسة الكاثوليكيَّة يتطلب أولا، مسيرة شخصيَّة روحيَّة وكنسيّة، من خلال التعليم المسيحيّ والصلاة، تنفذ مع السريَّة الواجبة، ومع البعد الجماعي. وتعطي كوريا الأبرشيَّة التوجيهات اللازمة ، بالتعاون مع مركز الإستماع، الذي ينبغي توفيره في كل أبرشيَّة. لتسهيل تقديم المشورة الفرديَّة، يرافق الشَّخص المعني معلّم من مركز التعليم المسيحيّ أو شخص مهيئ لهذا الأمر. ومن ناحيَّة الشَّخص المعني عليه التحلي بالصبر مع نفسه والوثوق بمرافقته، و أن لا يتوقع أن تحل مشاكله فوراً، وعليه أيضاً ألا يكون خاملاً.
إنَّ الطرائق القانونيَّة لإعادة القبول في الشركة الكاملة مع الكنيسة الكاثوليكيَّة هي، فقط الفعل القانونيّ والليتورجيّ لمسار طويل ومعقدإلى الإيمان المسيحي، وربما لا يزال يتعين استكمالها. أول عمل يجب القيام به هو "مغفرة الحرم latae sententiae". كما ذكرنا سابقًا، سيكون من الضروري أولاً تقييم ما إذا كان المؤمنون قد ارتكبوا بالفعل جريمة الانشقاق وما إذا كان قد تعرض بالفعل للحرم الكنسيّ. إذا لم يكن الأمر كذلك، فسيكون من الضروري التأكد مما إذا كان الرئيس المختص قد فرض عقوبات أخرى، وبالتالي يجب مراعاة الإجراءات المتوخاة لإلغاء هذه العقوبات.
عندما يريد المؤمن الكاثوليكي المحروم العودة إلى الشَّركة التامة مع الكنيسة الكاثوليكيَّة، ينبغي عليه أولاً عالحصول على "الحل من الحرم الصادر بحكم تلقائي". كما ذكر أعلاه، لذا ينبغي تقييم ما إذا كان المؤمن قد إرتكب فعلاً جريمة الجحود وفرض عليه الحرم. وما إذا كان تم فرض عقوبة الحرم لاحقا. وإلا فعلينا النَّظر عما إذا كانت العقوبة قد تشمل عقوبات أخرى ألحقت به، ثم النَّظر في كيفيَّة الحل منها. وفي حال عدم وجود جريمة، ينبغي التطلع إلى نظام تكفيري مناسب لترميم خطيئة الجحود ببعدها الإجتماعيّ. أمّا في حال كانت عقوبة الحرم معلنة، فالرئيس الكنسيّ الذي له الصلاحيَّة في منح الحل منها هو الرئيس الكنسيّ المحلّي الذي يخضع له المؤمن بعد استشارة الرئيس الكنسيّ الذي أعلن العقوبة (ق. لاتيني 1355 البند 1)؛ أو الرئيس الإقليمي مكان إقامة المؤمن أو مكان ارتكاب فعل الجحود، وهذا قد يحدث إما في المحكمة الباطنيَّة أو في المحكمة الخارجيَّة. وبالإضافة إلى ذلك ، يمكن لأي أسقف أن يمنح الحل من الحرم، لكن فقط في فعل الإعتراف المقدس. وتجدر الإشارة إلى أن الحل من الحرم يمكن أن يحدث فقط إذا تراجع المؤمن عن عناده، أي تاب حقاً عن الجريمة التي إرتكبها وأصلح الأضرار، والشكوك التي أثيرت.
إذا تم منح الحل من الحرم في المحكمة الباطنيَّة الأسراريَّة، يتبنّى المعرّف الصيغة المعتادة للحلّ من الخطايا، دون إضافة أي شيء، إنَّما أن يضع فقط نيَّة الحل من العقوبة. وإذا تم الحل من الحرم في المحكمة الخارجيَّة أي خارج سرّ الإعتراف، فالرئيس لديه صلاحيَّة إستخدام الصيغة التاليَّة: "بقوّة السلطان الممنوح اليّ أنا أحلك من رباط الحرم بإسم الآب والابن والروح القدس(مع رسم إشارة الصليب على المؤمن). وإذا تم الإعفاء في المحكمة الخارجيَّة، يتم عادة منحه كتابةً (ق. لاتيني 1361 § 2). وفي تطبيق الإعفاء يجب الأخذ في الإعتبار أهميَّة التحفّظ والسريَّة فيما يتعلّق بالمؤمن، يدعو الشَّرع الكنسيّ نفسه، في حالة الإعفاء في المحكمة الخارجيَّة، إلى عدم الكشف عنه في حال إمكانيَّة الإساءة لسمعة المؤمن فالمطلوب حمايَّة سمعة المؤمنين أو إصلاح الشك (ق. لاتيني 1361 البند 3). وأخيرا، تجدر الإشارة إلى أن الإعفاء يتمّ فقط إذا تراجع المؤمن عن اصراره، أي أنه تاب حقا عن الجريمة وقدم تعويضًا مناسبًا عن أي ضرر وفضائح تسببت فيها أو على الأقل وعد بالقيام بذلك؛ فلا يمكن إنكار العفو من الحرم لمثل هذا المؤمن بموجب القانون 1358 و1347 البند2.
علينا أن نتذكر أيضاً القواعد المنصوص عليها في حال وقوع التائب في حالة خطر الموت، يمكن لجميع الكهنة حينها أن يحلّوا الخطايا جميعها ويغفروا جميع العقوبات (ق. لاتيني 976). وفي المحكمة الباطنيَّة الأسراريَّة يتمتّع كلّ كاهن بصلاحيَّة قانونيَّة في سماع الإعترافات والحل من عقوبة الحرم غير المعلنة إذا كانت حالة التائب خطيرة وأن يبقى في حالة الخطيئة الخطيرة ضمن الوقت الضروريّ ليتدخل الرئيس المختصّ، وفقاً للقانون اللاتيني 1357. وأخيرا نصّ القانون اللاتيني 566 البند 2:- في المصحات والسجون، وخلال الرحلات البحريَّة، يكون لخادم المعبد، بالإضافة إلى ذلك، صلاحيَّة الحل من العقوبات التأديبيَّة غير المحفوظة وغير معلنة الصادرة بحكم تلقائي، ويستطيع ممارسة سلطته هذه في هذه الأماكن فقط، مع مراعاة أحكام القانون اللاتيني 976.
تبقى في نهايَّة المطاف، مشكلة العلاقة بين القبول الجديد وأسرار المصالحة، الإفخارستيّا والتثبيت؛ بالنَّظر إلى العلاقة بين الخطيئة والجريمة. يبدو بالتأكيد أن طقسّ الإعتراف بالإيمان ضروريّ أن يسبقه الإعتراف المقدس (إذا لم يحدث في السياق الحل من الحرم في المحكمة الباطنيَّة الأسراريَّة). وإذا لم يتلق المؤمن سر التثبيت، على الأسقف ، وهذا يتوقف على عمر وإعداد المؤمن، تحديد ما إذا كان منح سرّ التثبيت في سياق إعادة القبول أو في وقت لاحق؛ حتَّى في حالة مؤمن بالغ العمر يبدو أكثر ملاءمة ختم إعادة القبول إلى الشَّركة التامة مع الكنيسة بهبة من الروح القدس. إذا منح الأسقف الكاهن اذن ترؤس الطقسّ، في نفس الوقت سيمنحه صلاحيَّة ممارسة سرّ التثبيت.
قد تكون هناك أيضًا حالة يكون فيها الكاثوليكي، وهو حديث العهد بإنتمائه في حركة دينيَّة جديدة، قد استأنف عادةً التردد على الكنيسة الكاثوليكيَّة، وربما حتى التقرّب إلى الأسرار المقدسة. يجب التعامل مع الحالات، التي يدركها كاهن الرعيَّة، بحذر، ولكن أيضًا بوضوح، مع استدعاء الشخص المعني وطلب منه أن يكون على استعداد لاتخاذ المسار المناسب، وفقًا لتوجيهات المكتب المختص في الكوريا الأبرشيَّة.
بالإضافة إلى الحل من الحرم، لم يذكر الشَّرع الكاثوليكي الحالي إجراءاً أو طقسّاً آخر لإعادة قبول المنشقين في الشَّركة التامّة مع الكنيسة الكاثوليكيَّة، فقد ذكر فقط "طقسّ القبول في الشَّركة الكاملة مع الكنيسة الكاثوليكيَّة أولئك المعمّدين غير الكاثوليك". ويبدو من المناسب أنه في مثل هذه الظروف، هناك طقسّ يعلن المؤمن الإعتراف بالإيمان وفقاً للإيمان الكاثوليكي، يسبقه شهادة واضحة بالجحود عن تجربته السابقة لاحتضان الإيمان الكاثوليكي. وهذا يتم أمام أسقف أو كاهن يعينه الأسقف، أو أمام الضامن الذي تابع إعداده وبعض الشهود من الأقارب وأصدقاء أو أفراد من مؤمنين الرعيَّة نفسها. هذه الطقوس يمكن أن تتم في سياق الحل من الحرم، إذا أعطيت في المحكمة الخارجيَّة ، أو بعد ذلك، إذا أعطيت في المحكمة الباطنيَّة.
في الواقع، أي شخص ينفصل رسميًّا عن الكنيسة الكاثوليكيَّة لم يعد خاضعًا للصيغة القانونيَّة للزَّواج (ق. لاتينيّ 1117)، ما لم يتزوّج شخصًا معمَّدًا ظلّ مخلصًا للكنيسة (ق. لاتينيّ 1059)، بينما، كما يبدو من القانون اللاتينيّ 1071، كلّ مَن يتخلى عن الإيمان الكاثوليكيّ بشكل علنيّ يبقى خاضعًا لقانون الزَّواج الكنسيّ. يجب ألا نفهم الجحود عن العقيدة الكاثوليكيَّة كأنّه انضمام إلى جماعة كنسيّة غير كاثوليكيَّة، لأنه في هذه الحالة سيكون هناك زواج مختلط، تنظمّه القوانين 1124-1129؛ لا ينبغي أن يتعلّق التشريع المعنيّ بأولئك الَّذين ابتعدوا ببساطة عن الممارسة الدينيَّة أو الَّذين يظهرون أنّ إيمانهم ضئيل جدًّا أو أنهم فقدوه. حتى أولئك الَّذين يصرحون بأنهم لا يعترفون بأنفسهم كمؤمنين أو أنهم ملحدون،من دون أن يأتوا،في الواقع، لتقديم معلومات عامة لا لبس فيها، لن يُعتبروا أشخاصًا تخلّوا عن الإيمان الكاثوليكيّ علنيّا.
اصدر البابا بنديكتوس السادس عشر بتاريخ 15 كانون الأوّل 2009 "Omnium in mentem"، بعض أحكام الشَّرع الكنسيّ اللاتيني المعدّلة. وحذف في الشَّرع نفسه الكلمات التاليَّة"وغير منفصل عنها بفعل رسميّ" من القوانين الشَّرع اللاتيني 1117، 1086، 1124. هذه التعديلات في القوانين المذكورة تتعلّق بمجال الزواج. فحين كان منذ دخول الشَّرع اللاتيني الحالي 1983 حيّز المفعول حتَّى لحظة دخول Motu proprio حيّز المفعول، الكاثوليك الذين تخلّوا بفعل رسميّ عن الكنيسة الكاثوليكيَّة لم يكونوا خاضعين للصيغة القانونيَّة للإحتفال بزواج صحيح (ق. لاتيني 1117)، ولم يكن نافذاً المانع الكنسيّ من الزواج مع غير المعمّدين (ق. لاتيني 1086 البند 1)، ولا الزواج مغ غير الكاثوليك (ق. لاتيني 1124). فالجملة المتضمّنة في هذه القوانين الثلاثة كانت تمثّل حالة إستثنائيَّة في الشَّرع الكنسيّ. والمقصود من هذا التعديل هو أنّ زواجات المؤمنين الكاثوليك البعيدين عن الكنيسة الكاثوليكيَّة ولأنّهم لا يحفظون الأنظمة ذات الطابع القانونيّ، يستطيعون بقدر الإمكان الحصول على زواجات صحيحة بموجب القانون الكنسيّ.
الشَّخص المعمّد في الكنيسة الكاثوليكيَّة بعد إقراره بأنّه لم يعدّ كاثوليكياً وأنّه لا يريد أن يُعامل بهذه الصفة، أو أنّه انضمّ إلى جماعة دينيَّة آخرى: 1- لا يُطالب بإذن لعقد زواج مع طرف غير كاثوليكي (ق. لاتيني 1124)؛ وهو حرّ من واجب الحفاظ على الصيغة القانونيَّة المذكورة في القانون اللاتيني 1117إن اراد عقد زواج مع شخص ينتمي إلى نفس الحالة القانونيَّة، أو مع نظيره غير الكاثوليكي؛ وهو أيضاً حرّ من المانع في الزواج مع طرف غير معمّد (ق. لاتيني 1086 البند1). لذلك، إذا عقد كاثوليكيّاً زواج مع شخص غير معمد أو معمّد غير كاثوليكي أو مع كاثوليكي انفصل رسميّاً عن الكنيسة الكاثوليكيَّة، يُعتبر زواجه صحيحا، حتَّى لو كان العقد دون الصيغة القانونيَّة ودون التفسيحات والترخيص الضروريّ. لذلك، إذا تم قبول هؤلاء الأشخاص في الشَّركة التامة مع الكنيسة الكاثوليكيَّة، فهم ليسوا بحاجة إلى الإحتفال بزواجهم من جديد. وعندما هؤلاء الأشخاص أثناء فترة انفصالهم عن الكنيسة الكاثوليكيَّة عقدوا زواج مع طرف كاثوليكي دون الصيغة القانونيَّة المطلوبة بموجب الشَّرع الكاثوليكي، هذا الزواج لا يعتبر صحيحا ويجب تنظيمه. فتبعا للظروف الراعويَّة فإنَّ هذا التنظيم يمكن أن يتم قبل إعادة قبول الكاثوليكي في الشَّركة التامة مع الكنيسة الكاثوليكيَّة، بإحتفال جديد مجهز بترخيص مناسب أو من خلال sanatio in radice (ق. لاتيني 1161). أو في سياق طقسّ القبول إلى الشَّركة التامة مع الكنيسة الكاثوليكيَّة من خلال إحتفال جديد الزواج وفقاً للصيغة القانونيَّة. بهذه الطريقة، يمكن للمؤمنين إستئناف حياتهم المسيحيَّة بالكامل.
الخاتمة
بالتأكيد لا يمكننا اليوم أن نكتفي بالإشارة إلى العقيدة والشَّرع الكنيسة الكاثوليكيَّة. سيكون من الضروري شرح الأسباب والأهداف. في الواقع ، في سياقنا الاجتماعيّ والكنسيّ، الذي يراعي قيمة الحريَّة الدينيَّة والمسكونيَّة، يمكن أن تكون مصطلحات "الجريمة" أو "العقوبة" هذه التي تشير إلى الكاثوليك الذين قرروا عمدًا اعتناق دين آخر أو حركة دينيَّة مختلفة؛ بالنظر إلى أنهم تركوا الكنيسة، أو بالأحرى أنهم لا يريدون أن يطأوا أقدامهم فيها بعد الآن. في مواجهة هذه الاعتراضات ، يجب إعادة التأكيد على أن المعموديَّة المسيحيَّة المقبولة بشكل صحيح والحياة المسيحيَّة اللاحقة في الجماعة المسيحيَّة الكاثوليكيَّة لا يمكن إلغاؤها. مع احترام اختيار هؤلاء الناس، لا يمكن للكنيسة أن تفشل في اعتبار عملهم رفضًا رسميًا للإيمان المسيحي وتخليًا عن الجماعة الكنسيّة. هذا هو المعنى الكنسيّ لمفهوم "الجريمة": الاعتراف العلني بانتهاك جسيم للإمانة للمسيحيَّة؛ ومفهوم "الحرم": إعلان حالة الشركة غير الكاملة مع الكنيسة الكاثوليكيَّة. إنها في الواقع خدمة للحقيقة حول الوضع الكنسيّ الذي يجد فيه المنشق نفسه، بعيدًا عن قناعته الذاتيَّة. في هذا السياق، يتضح بشكل خاص ما هي السمة العامة "للعقوبات" في الكنيسة: فهي أكثر من كونها أداة عقابيَّة أو قسريَّة، فهي تريد أن تشكل خدمة ودعوة قويَّة إلى الاهتداء، من أجل الخير المؤمنين والمجتمع بأسره.