موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
شدد البابا فرنسيس، السبت 4 شباط 2023، أمام 2500 شخص على ضرورة إعادة "الكرامة" للنازحين في جنوب السودان، مجددًا دعوته لإرساء السلام في بلد تقسمه الصراعات على السلطة ويعاني الفقر المدقع.
وقال الحبر الأعظم خلال لقاء مع نازحين داخل البلاد في اليوم الثاني من زيارته "أجدد بكل قوتي ومن كل قلبي ندائي لوقف كل صراع وأن يعود الجميع بجدية إلى عملية السلام حتى ينتهي العنف ويستطيع الناس أن يعاودوا العيش بكرامة".
وأضاف "لا يمكننا أن ننتظر أكثر من ذلك: إذ إن عددا هائلا من الأطفال ولدوا في السنوات الأخيرة لم يعرفوا سوى واقع مخيمات النازحين ونسوا أجواء البيت وفقدوا ارتباطهم بوطنهم الأم وبجذورهم وتقاليدهم".
وقال: "أسألكم، أسأل كل سكان هذه الأراضي: لتكن المرأة محمية ومحترمة ومقدرة ومكرمة". وجاء في تقرير صادر عام 2022 عن لجنة حقوق الإنسان التي فوضتها الأمم المتحدة، أن العنف الجنسي بحق النساء والفتيات "معمم وممنهج" في هذا البلد.
وبدأ البابا الأرجنتيني الجمعة "رحلة سلام" كانت مرتقبة جدًا في البلد الذي يشهد مجاعة وبؤسًا وفيضانات.
ومنذ إعلان جنوب السودان استقلاله في العام 2011 تفتقد البلاد السلام، وقد شهدت حربًا أهلية استمرت خمس سنوات بين قوات موالية للرئيس سلفا كير وأخرى موالية لنائبه ريك مشار أسفرت عن 380 ألف قتيل وأربعة ملايين نازح.
رغم اتفاق السلام الذي جرى التوصل إليه في العام 2018، لا تزال البلاد تشهد أعمال عنف تشنّها ميليشيات محلية مسلحة ومجموعات إتنية متنافسة، وكان هناك 2,2 مليون نازح داخليا بسبب النزاعات والفيضانات، وفقاً للأرقام الأخيرة التي نشرها مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا).
"أنا معكم"
وقال البابا بعدما استمع إلى شهادات ثلاثة شباب رووا صعوبة الحياة في المخيمات، "للأسف في هذا البلد المعذب، أن تكون نازحا أو لاجئا أصبحت تجربة اعتيادية وجماعية". وأضاف "أنا معكم، أتألم من أجلكم ومعكم" محذرا من "تفاقم" هذه "المأساة الإنسانية".
بالنسبة لجون ويوال (42 عاما) الذي يعيش في مخيم للنازحين قرب جوبا منذ 2014، فإن وعود الحكومة بدون جدوى. قال "يقولون إن هناك سلاما لكن هناك عمليات قتل في كافة أنحاء البلاد".
مساء، شارك البابا فرنسيس في صلاة مسكونية إلى جانب رئيس أساقفة كانتربري جاستن ويلبي، وإيان غرينشيلدز المسؤول الأكبر في كنيسة اسكتلندا، الممثلين للكنيستين المسيحيتين الأخريين في البلد، بحضور خمسين ألف مؤمن.
ويختتم البابا فرنسيس صباح الأحد، زيارته بقداس في الهواء الطلق سيشارك فيه آلاف المصلين.
"الكنيسة بديلا للحكومة"
الجمعة، لم ينمق البابا كلماته أمام الطبقة السياسية في هذا البلد، الذي يضم 60 مجموعة عرقية.
وقال البابا البالغ 86 عاما، مدركا وقع كلماته "الصريحة والمباشرة"، إن "الأجيال المقبلة ستحترم أو تمحو ذكرى أسمائكم اعتمادا على ما تفعلونه الآن". وأضاف "كفى سفكا للدماء، كفى نزاعا، كفى عنفا واتهامات متبادلة بشأن مرتكبيها، كفى تخليا عن الشعب المتعطش للسلام. كفى دماراً، حان وقت البناء".
وتتهم الأمم المتحدة والأسرة الدولية بشكل منتظم قادة جنوب السوداء بالإبقاء على الوضع القائم وتأجيج أعمال العنف وقمع الحريات السياسية واختلاس أموال عامة.
عام 2019، استقبل البابا زعيمي البلاد سلفا كير وريك مشار في الفاتيكان. وفي بادرة طبعت النفوس، انحنى البابا لتقبيل أقدام الزعيمين اللذين يتوليان السلطة راهنا في إطار حكومة وحدة وطنية يشغل فيها كير منصب الرئيس ومشار منصب نائب الرئيس.
وهذه أول زيارة بابوية لجنوب السودان منذ حصول الدولة ذات الغالبية المسيحية على استقلالها عن السودان في العام 2011. وتضطلع الكنيسة بدور بديل في المناطق التي لا تتوافر فيها خدمات حكومية وحيث غالبا ما يتعرض العاملون في المجال الإنساني للهجوم أو حتى للقتل.
ووصل البابا إلى جنوب السودان قادما من كينشاسا عاصمة جمهورية الكونغو الديموقراطية، علما بأنه أول حبر أعظم يزور البلاد منذ يوحنا بولس الثاني في العام 1985. في كينشاسا عاصمة أكبر دولة كاثوليكية في القارة الإفريقية، ندد الحبر الأعظم مرارا بأعمال العنف الدامية في شرق البلاد، داعياً المسؤولين إلى وضع حد للفساد، والشباب إلى أن يكونوا "أطرافا فاعلين" في مستقبل البلاد.