موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
كان بولس يهوديًا من سَبَطِ بنيامين يَضطَهِد كنيسَةَ الله، وكان حاضِراً رَجْمَ اسْطِفانوس وحارِسًا ثيابَ الراجمين. وبَينَما هو يَحمِلُ رسائِلَ رُؤساءِ اليَهود إلى دِمَشقِ لإضطِهادِ المَسيحيين ظَهَرَ لَه المسيح قائِلاً: "شاول شاول لِمَ تَضطَهِدُني" وكان شاول يَظُنُّ أنَّ المَسيح قَد ماتَ وقُبِرَ ولا يَزال مَيتاً. فَلَما شاهَدَ المَسيحَ حيّاً، آمَنَ بِهِ وَكرَسَ حياته للتبشيرِ بأنَّ المَسيحَ قامَ وهو المُخلِّص المُنتَظَر. قَبِلَ العمادَ المُقدَّس في دِمشق على يَدِ حَنَنيا الاسقُف وكان لهُ مِن العُمرِ سَبعاً وعِشرين سَنة.
إن القدّيس بولس الرّسول، الّذي يجمعنا اليوم بمناسبة تذكار إهتداءه، قد أنار الأرض قاطبة. وإن يكن قد أصيب بفقدان البصر عند دعوته، غير أن هذه الإصابة قد جعلت منه منارة للعالم أجمع. لقد كان يُبصِر ليصنع الشّر في السّابق؛ لكن الله بحكمته أراد أن يُفقده البصر لكي يعطيه النّور في سبيل عمل الخير. لم يُظهر له الله قدرته فحسب، إنّما كشف له قلب الإيمان الّذي سوف يُبشِّر به، مُغلِقًا عينيه –ما يعني إبعاده عن الأحكام المسبقة وعن أنوار المنطق الخاطئة– لكي يستقبل العقيدة الصّحيحة، فصار "أَحمَقَ لِيَصيرَ حَكيمًا".
لشدّة حميته واتّقاد غيرته، كان بولس (شاوول) بحاجة إلى ما يكبح حماسه واحتقاره لصوت الله. فقام الله بخنق تلك الحماسة عندما أصابه بفقدان البصر، ومن ثم قام بمخاطبته بعدما هدأ غضبه. فعَرَّفَه بحكمته الّتي لا تُدرَك، لكي يعرف الّذي كان يحاربه من قبل ويفهم أنّه لن يستطيع مقاومة نعمته. فلم يكن نقص النّور ما جعله أعمى إنّما فيض ذلك النّور.
لقد اختار الله الوقت الّذي يناسبه. وقد كان بولس أوّل من أقرّ بذلك: "لَمَّا حَسُنَ لدى اللهِ الَّذي أَفرَدَني، مُذ كُنتُ في بَطْنِ أُمِّي، ودَعاني بنِعمَتِه... كشفَ لِيَ ابنَه لأُبَشِّرَ بِه بَينَ الوَثنِيَّين" فلنتعلّم من إذً من فم القدّيس بولس أن ما من أحد يمكنه أن يجد الرّب يسوع المسيح بمفرده. إنّ الرّب يسوع هو من تجلّى وكشف عن نفسه لبولس. وهذا يأتي بالتّوافق مع كلام الرّب: "لم تَخْتاروني أَنتُم، بل أَنا اختَرتُكم.
فلتكن شفاعته وصلاته معنا.