موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر السبت، ٢٤ يوليو / تموز ٢٠٢١
24 تموز: القديسة كريستينا من بولسينا، العذراء الشهيدة من القرن الثالث

إعداد الأب وليم عبدالمسيح سعيد الفرنسيسكاني :

 

ولدت "كرستينا" في القرن الثالث الميلادي لعائلة ثرية حاكمة، فوالدها هو "أروبانوس" الحاكم الروماني لمدينة توسكانا بإيطاليا في مراهقتها كانت الفتاة جميلة بشكل استثنائي، وأراد الكثيرون الزواج منها. لكن والدها تصور أنه يجب أن يهب ابنته لتصبح كاهنة وثنية، ولتتشبع بالإيمان الوثني وتبتعد عن جاذبية الإيمان المسيحي الذي كان آخذًا في الانتشار رغم كل التضييق والتنكيل بالمؤمنين. ولهذه الغاية وضعها في قصر خاص حيث أقام العديد من الأوثان الذهبية والفضية بمختلف الأحجام، وأمر ابنته برفع البخور أمامهم، كما عيّن لها كاهنين ليساعداها ويعلمانها مبادىء الديانة الوثنية وأسماء الآلهة وكيفية التعبد لهم.

 

لم تكن تعي الفتاة الصغيرة معنى حقيقي للوثنية كديانة، وقد تشككت كثيرًا بها، لكنها حبيسة أسوار ذلك المكان، ولا تعرف شيء سوى ما علمها إياه والدها. وفي يوم زارها ملاك الرب، وأرشدها إلى من يمكنها من خلالهم معرفة الإيمان الحقيقي (المسيحين الذين يعتقلهم ويعذبهم والدها)، وقد دعاها منذ زيارته لها بسم "عروس المسيح"، وأنبأها عن معاناتها المستقبلية في سبيل هذا الإيمان.

 

قررت كريستينا أن تذهب مع والدها لتعرف غاية الإيمان المسيحي من خلال التحقيق مع المعذبين، وبالطبع لم تُصارح والدها بسبب رغبتها في الذهاب معه إلى مقر الحكم.

 

سمعت إيمان المسيحيين وشهاداتهم ولمست إصرارهم الشديد على عدم فقد الإيمان مهما كانت العذابات، فآمنت بالمسيح، ولدى عودتها لقصرها الشبيه بالمعبد، اهتدت لفكرة التخلص من الأصنام الكبيرة بتحطيمها، أما الصغيرة المصنوعة من الذهب والفضة، فقد كانت تقذف بها من النافذة لفقراء المدينة لكي يقتاتوا بثمنها.

 

عاد الوالد يعرف من الخدم ماذا حدث بمعبد ابنته، فأخبروه بما فعلت بينما ظلت هي صامتة لا تدافع عن نفسها. صبّ عليها والدها جام غضبه وأخذ يعذبها بكل طرق التعذيب الممكنة لإثنائها عن الإيمان المسيحي، حيث حاول إغراقها في بحيرة بولسينا ولما نجت من الغرق بدأ يلبسها نعال مثبت عليها مسامير ويأمرها بالمشي بها لساعات طويلة، ثم حبسها في زنزانة مليئة بالثعابين لكنها لم تصيبها بسوء، وتعذيبها بالكي بالنار. حينئذ امر بها فضربوها بالسياط ومزقوا جسدها بمخالب من حديد حتى سالت دماؤها، والقاها في السجن. وفي الصباح مثلت امام ابيها وقد شفاها الله. فأمر ابوها بأن يعلق في عنقها حجر وتطرح في البحر. فخلصها ملاك الرب من الغرق. فأرجعها ابوها الى السجن ولشدة غيظه وكمده وُجِد، عند الصباح ميتاً في سريره.

 

فخلفه والٍ اسمه ديون، كان أكثر شرًا منه. فاخترع لتعذيبها سريرًا من حديد تحته نار تضطرم، فأتت الشهيدة من تلقائها وتمددت على ذلك السرير الناري، فلم ينلها سوء، بل كانت متهللة تسبح الله، فقادها الى هيكل الصنم ابولون لتسجد له، فأبت. عندئذ ألقوها في أتون نار ثم في بئر فيها حيات وعقارب، فصانها الله من كل أذى. لذلك آمن الجلادون، وهتفوا صارخين:" لا اله الا الذي يعبده المسيحيون". وماتوا شهداء. فأمر الوالي بقطع ثديي الشهيدة، فصرخت: "إن إلهنا في السماء. أما اوثان الامم فما هي سوى فضة وذهب صنع البشر". أخيرًا علقوها على خشبة ورموها بالسهام فنالت اكليل الشهادة سنة 300م. فلتكن صلاتها معنا.