موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الجمعة، ٢٣ يوليو / تموز ٢٠٢١
23 تموز: القديس جون كاسيان

إعداد الأب وليم عبد المسيح سعيد الفرنسيسكاني :

 

القديس يوحنا كاسيان أحد مشاهير الكُتَّاب الروحيين في القرن الخامس في جنوب بلاد الغال (فرنسا) خاصة في الفكر الرهباني. نجح في تطوير الحياة الرهبانية هناك. ولد جون كاسيان حوالي عام 360 في حى مدينة كونستاتتزا (رومانيا حاليا) إذ عاش حوالي تسعين عامًا. ينتمي كاسيان إلى عائلة مسيحية صالحة، وكان مسيحيًا بالحق، دُعي يوحنا في العماد.

 

تمتع في صباه بالتعليم الكلاسيكي الصالح، وتحدث اليونانية بطلاقة، متدربًا عليها أثناء وجوده في الشرق. في بعض المناظرات يعلن عن حزنه الشديد أن ما تعلمه في صباه من أدب وما تلقّنه من معلمه، وخلال جهده الخاص شحن ذهنه بالشعر، حتى أنه كان يفكر فيه أثناء الصلاة، ويتذكر الأمور التافهة وقصص المعارك التي سمعها في طفولته المبكرة. كانت الخيالات ترقص أمامه أثناء تلاوة المزامير، وتثيره فتفقده أشار في كتابه "عن التجسد ضد نسطور" إلى معرفته ليس فقط لأعمال آباء الكنيسة الأولين، بل والي أعمال الكتاب المشهورين مثل شيشرون وبيرسيوس. حوالي سنة 380 م. ما أن اجتاز مرحلة المراهقة حتى انطلق إلى فلسطين مع صديقه من نفس بلده جرمانيوس، وقد ارتبطا معًا برباط روحي عميق. هناك استقرا في دير ببيت لحم. بعد عامين انطلق إلى مصر حيث قام بزيارة الرهبان هناك. زار بعض الأديرة التي تمارس نظام الشركة في طيبة، ثم انطلق إلى برية الإسقيط حيث بقي سبع سنوات يلتقي فيها بمشاهير الآباء الرهبان، وقد جاءت أغلب مناظراته ثمرة لهذه الزيارات.

 

عاد كاسيان بعد سنوات إلى بيت لحم، لكنه لم يبقَ فيها إلا لمدة قصيرة ثم عاد الى الإسقيط في عام 387م وكان صديقاً حميماً  للقديس أوغريس واتباع أوريجانوس. وبسبب ارتباك الرهبان بمشكلة " الأوريجانية" ودخولهم في صراع مع البابا تاوفليس الاسكندري اضطر الى مغادرة مصر نهائياً عام 399م. ذهب كاسيان إلى القسطنطينية حيث تأثر بالقديس يوحنا ذهبي الفم الذي سامه شماسا وسام صديقه جرمانيوس كاهنًا، لكن كاسيان تراجع عن الالتزام بأية مسئولية كنسية. في نهاية حياته أشار إلى القديس يوحنا الذهبي الفم بكل وقار، قائلًا: "ما أكتبه علمني إياه يوحنا، واعتبر ما اكتبه يُنسب إليه أكثر من أن يُنسب إليَّ. فإن المجرى يصدر عن الينبوع، وما يُنسب للتلميذ يلزم أن يُنسب بالكامل لكرامة المعلم. وفى عام 404 ذهب إلى باطريا مع صديقه يحملان رسالة موجهة من كهنة القسطنطينية أصدقاء القديس يوحنا ذهبي الفم المضطهد، إذ وثقوا فيهما لكي يقدما رسالتهم إلى البابا إنوسنت الأول بابا روما. ويطلبون التدخل من أجل اسقفهم المنفى. وفى روما دخل في صداقة مع الشماس لاون الذي صار بعد ذلك بابا روما. وقد قدم له كتاباً عن " التجسد الإلهي" في هذه الفترة توفى صديقه جرمانيوس.

 

في عام 415 أو 416، أقام كاسيان في مرسيليا ككاهنٍ، وأسس ديرًا للرجال باسم القديس فيكتور أو بقطر، حيث صار الأب الروحي ورئيسًا للدير، وآخر للنساء باسم القديس سالفاتور. سرعان ما انتشرت الحركة الرهبانية هناك وضمت الأديرة الآلاف من الرهبان والراهبات. لكن كاسيان قدم لأول مرة نظاماً محكماً للحياة الرهبانية يحمل الفكر الرهباني الشرقي، وأمد الولايات الغربية بالنظام الرهباني الذي يمكنهم أن يقبلوه والذي أعد الطريق للنظام البندكتي. وسرعان ما صار هذا الدير مدرسة للإلهيات والفلسفة المسيحية، وقلعة منيعة ضد أمواج البربرية، وملجأ للعلوم والآداب عندما غزا الغوطيون إيطاليا. وبالاختصار صار هذا الدير مربيًا للأساقفة والقديسين. إن كان القديس بندكتس منشىء أعظم رهبانيات الغرب ويفوق كاسيان في شهرته مدين لكاسيان، فمعظم قوانين الرهبنة في النظام البندكتي مأخوذة عن القديس كاسيان مباشرة. ورقد في الرب بعطر القداسة عام 435 بمرسيليا فرنسا.

 

فلتكن صلاته معنا.