موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ١٥ فبراير / شباط ٢٠٢٥
ندوة للمركز الكاثوليكي بمناسبة أسبوع الوئام بين الأديان ويوم الأخوّة الإنسانيّة

أبونا :

 

أحيا المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام، بالشراكة مع جمعية الكاريتاس الأردنيّة، مرور 15 عامًا على أسبوع الوئام بين الأديان ومرور 5 سنوات على اليوم الدوليّ للإخوة الإنسانيّة، في ندوة الخميس 13 شباط 2025، ثمّنت الجهود التي يبذلها جلالة الملك عبدالله الثاني في صنع السلام، شقيق الوئام، والقائم على العدالة والحقوق الشرعيّة والقيم الإنسانيّة النبيلة.

 

وحضر الندوة التي أقيمت في قاعة كرم امسيح، التابعة لكنيسة القلب الأقدس في تلاع العلي، القائم بأعمال سفارة دولة الإمارات المستشار حمد المطروشي، وسفيرة الجمهوريّة التونسيّة السيّدة مفيدة الزريبي، ونائب السفير والوزير المفوّض بسفارة مملكة البحرين السيّد حسين آل محمود، وممثلون عن وزارة الأوقاف والشؤون والمقدّسات الإسلاميّة، ودائرة الإفتاء ودائرة قاضي القضاة، ورؤساء الكنائس وكهنة وراهبات، وشخصيات أكاديميّة وإعلاميّة، وعدد من الناشطين والمهتمين في الحوار بين الأديان والثقافات.

 

استهلّت الجلسة الافتتاحيّة بالسلام الملكي، وتوّلت عرافتها الباحثة في دراسات الحرب والسلام شيرين مشاقبة، وأصغى الحضور إلى تلاوة من آيات الإنجيل المقدّس من الأب علاء بعير وتلاوة من القرآن الكريم من الشيخ عبدالله أبوغزالة. وألقى مدير المركز الكاثوليكي الأب رفعت بدر، كلمة حيّا فيها الجهود الطيبة المباركة التي يبذلها جلالة الملك عبدالله الثاني في سياق الحوار والوئام، المرتبط بسياق السلام بين الأمم والشعوب.

 

وأكد الأب بدر أنّ الدبلوماسيّة الأردنيّة الحكيمة التي يقودها جلالته ثابتة وواضحة المعالم في وضع مصلحة الأردن والأردنيين على سلم الأولويات، وفي تمكين الشعب الفلسطيني لنيل كافة حقوقه المشروعة، وفي رفض أية طروحات أو محاولات لتهجيره من أرضه، والدفع نحو وقف إطلاق النار وفي تقديم المساعدات الإنسانيّة والإغاثيّة في غزة، فالسلام لجلالة الملك –كما قال الأب بدر- هو السلام العادل، وإلا فلن يكون سلامًا.

 

وقال مدير المركز الكاثوليكي: إنّنا نعيش في هذه الأيام اللحمة الوطنيّة الأصيلة بين القائد وشعبه، لذلك اصطف الأردنيون صفًا واحدًا لاستقبال جلالة الملك بعد رحلة تاريخيّة وسياسيّة هامة أراد جلالته من خلالها التعبير عن الموقف الأردنيّ الدائم من القضية الفلسطينيّة، وركزّ فيها على التناسق والوئام بين الدول العربيّة الشقيقة. وأضاف أنّنا نعلن تأييدنا المطلق لكلّ جهود السلام التي يقودها جلالة الملك، ومعه ولي العهد سمو الأمير الحسين بن عبدالله، وكلّ القادة والأشقاء العرب والأصدقاء في كل مكان الذين يقفون في هذه الأيام صفًا واحدًا في وجه التهجير والترهيب للشعب الفلسطيني العزيز.

وأشار الأب بدر إلى المبادرات الطيّبة التي أنشئت في عهد وتحت رعاية جلالة الملك، من رسالة عمّان، إلى مبادرة كلمة سواء، إلى أسبوع الذي تبنته جمعية الأمم المتحدة للوئام بين الأديان، إلى المؤتمر العالميّ حول الهويّة العربيّة المسيحيّة، وجميعها مبادرات هاشميّة أردنيّة، رسخّت الأردن كأنموذج في الإخاء، وأكدت على دوره العالميّ ورسالته في تعزيز قيم الوئام والسلام.

 

وأعرب مدير المركز الكاثوليكي عن اعتزازه بالأردن، ضارب الجذور الدينيّة، المسيحيّة والإسلاميّة، متطرقًا إلى المعرض الأردني المقام حاليًّا في روما تحت عنوان مميّز "الأردن فجر المسيحيّة"، في تأكيدٍ على أنّ الأردن أرض مقدّسة شهد انطلاق رسالة المسيحيّة بعد اعتماد السيّد المسيح من نهر الأردن. وهو أيضًا ضارب الجذور الإسلاميّة العريقة في هذا الوطن، والتي تتلاقى وتتعانق مع الجذور المسيحيّة، المسقيّة من مياه النهر المباركة، بوئام وانسجام وأخوّة جميلة، تحت تراب أرض الأردن.

بدوره، تطرّق المستشار الإماراتي حمد المطروشي للجهود الطيبّة التي تبذلها دولة الإمارات العربيّة المتحدّة في ترسيخ قيم المحبّة والتسامح والوئام بين الأديان، ومن بينها إطلاق وثيقة الأخوّة الإنسانيّة التي وقعها قداسة البابا فرنسيس وفضيلة شيخ الأزهر أحمد الطيّب، قبل سنوات في أبوظبي، والتي تمثّل إعلانًا مشتركًا يحثّ على السلام بين الناس في العالم، الأمر الذي أعلن في الأمم المتحدّة، منذ عام 2020 يومًا دوليًّا للأخوّة الإنسانيّة في الرابع من شباط من كل عام.

 

وأوضح المطروشي بأنّ هذه المبادرات الإنسانيّة تعكس الصورة الحيّة لمجتمع دولة الإمارات الحيّ، الجامع لمواطني أكثر من مائتي دولة، مشيرًا إلى أنّ دور مؤسّسات دولة الإمارات، كوزارة التعايش والتسامح، الهام في تطبيق السياسات والبرامج لتعزيز التعاون وتجسير الفجوات الثقافيّة. وأشاد سعادته بالنموذج الأردنيّ الرائد في العيش المشترك والانسجام والتناغم بين مختلف مكوّنات مجتمع بلد النشامى.

وألقى الدكتور سلطان القرالة، رئيس قسم مكافحة التطرّف في وزارة الأوقاف والشؤون والمقدّسات الإسلاميّة وممثلاً عنها، كلمة بيّن فيها أنّ الأردن بلد القوة والمحبّة والتآلف الذي يجمع ولا يفرق، ويعزّز الحب والوئام بين نسيجه المجتمعي بكل أطيافه حول سيّد البلاد جلالة الملك عبدالله الثاني، مؤكدًا على ولاء الحضور لجلالة الملك وانتمائهم للأردن. وقال: "سرّ بنا يا أبا الحسين، فنحن معك وبك ماضون. وسنبقى نفاخر بك الدنيا بموافقك البطوليّة والشجاعة، والتي تعبّر عن مدى اعتزازنا بهذا الفكر الهاشميّ المستنير".

 

واستشهد بكلمة جلالة الملك في مؤتمر التراث الإسلامي عام 2018: "أن نفهم بعضنا البعض، وأن نعترف بإنسانيتنا المشتركة، وأن نعمل باستقامة مرضاة لله؛ هذه من بين المبادئ الرئيسة لديني الإسلام"، مؤكدًا أنّ وزارة الأوقاف تدرك أهميّة الخطاب الدينيّ، وهي قادرة على تحقيق رسالتها بما تملك من أدوات إصلاحيّة ودعوة إنسانيّة كـ"رسالة عمّان" و"مبادرة كلمة سواء"، و"أسبوع الوئام بين الأديان".

وتضمنّت الندوة جلسة أدارتها الإعلاميّة والناشطة السياسيّة د. صفاء صمادي، تحدّث فيها وزير الأوقاف الأسبق الدكتور وائل عربيات، وأكد أنّ الوئام هو من بُنية المجتمع الأردني، وقد عزّزه النظام الهاشمي. كما تطرّق إلى ضرورة الأبناء على التنشئة التي تؤصل معنى الانتماء لدينهم أولاً ومن ثمّ الانفتاح وعلى تقبّل الآخر، والأسس العادلة لتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة المبنيّ على الحقوق، وإلى أهميّة الوحدة العربيّة، والحاجة إلى وحدة مشرقيّة إسلاميّة-مسيحيّة، ووحدة عالميّة إسلاميّة-مسيحيّة، لمواجهة التحدّيات التي تعيشها المنطقة، مؤكدًا على أنّ الوئام يرتبط ارتباطًا وثيقًّا بالسلام.

 

كما تحدّث في الجلسة المدير التنفيذي في شركة طلال أبوغزالة للاستشارت، السيّد إبراهيم أبو نفّاع، إلى التطورات التي حدثت على صعيد الحوار بين الأديان والشعوب والثقافات، والتي انتقلت من دعوات لشخصيات فرديّة إلى برامج تقوم عليها مؤسّسات ومنصات فكريّة وعلميّة وحواريّة تعمل على تعزيز القيم الإنسانيّة النبيلة في نفوس الشباب والأجيال الطالعة.

وتطرّقت الكاتبة والمحللة السياسيّة الدكتورة روان الحياري، في كلمتها لدور المرأة الأردنيّة في غرس قيم الحوار والتنوّع، مشيرة إلى أنّ التحدّيات التي تعيشها المنطقة هي دعوة للجميع لأن يكونوا صوتًا صارخًا في بناء جسور التفاهم والحوار بين الأديان، بدلاً من مواجات الكراهيّة والتطرّف، مؤكدة على أنّ السلام الحقيقيّ لا يستند على المعاهدات أو الاتفاقيات فحسب، بل على ثقافة مبنيّة على الاحترام المتبادل بين الأطراف.

 

هذا تبع الجلسة نقاش مفتوح بين الحضور والمتحدثين تمّ التحدّث فيه عن سبل تعزيز قيم الوئام والاحترام المتبادل في مجتمعاتنا العربيّة، وقد أشادوا فيه بدور الأردن الفاعل في غرس قيم التلاقي والوئام على المستويات المحليّة والعربيّة والعالميّة.