موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ٢٧ يونيو / حزيران ٢٠٢٥
الذكرى العاشرة لإبرام الاتفاقية الشاملة بين دولتي فلسطين والكرسي الرسولي
26 حزيران 2015 – 26 حزيران 2025

السفير عيسى قسيسية، سفير دولة فلسطين لدى الكرسي الرسولي :

 

 

تأتي الذكرى العاشرة لإبرام الاتفاقيّة الشاملة بين دولة فلسطين والكرسي الرسولي في ظروفٍ غاية في الصعوبة تمرّ بها القضيّة الفلسطينيّة، حيث المحاولات لإضعافها، إن لم تصفيتها، من قبل الحكومة الإسرائيليّة اليمينيّة المتطرّفة.

 

والاتفاقية في جوهرها تكرّس العلاقات العميقة، التاريخيّة والثقافيّة، بين الكرسي الرسوليّ والشعب الفلسطيني في الأرض المقدّسة، وتُعيد التأكيد على حق تقرير المصير للشعب الفلسطينيّ والحق في الحريّة والأمن والكرامة في دولة مستقلة على أساس قرارات الشرعيّة الدوليّة.

 

كما أنّ دولة فلسطين أعطت الحريّة للكنيسة الكاثوليكيّة، بالقول والفعل، لإتمام رسالتها الدينيّة والأدبيّة والتربويّة والاجتماعيّة والخيريّة، وترتب شؤونها الداخليّة بما فيها إعطاء المحكمة الكنسيّة اللاتينيّة الحريّة في تنفيذ القانون الكنسيّ، وذلك على أساس اعتراف دولة فلسطين بالشخصيّة القانونيّة للكنيسة الكاثوليكيّة.

 

وفي هذا، فإنّ دولة فلسطين الهادفة لتعزيز وحماية الوجود الكنسيّ المسيحيّ في أرض القداسة - فلسطين، قد أعفت أملاك الكنيسة من الضرائب والرسوم على اختلاف أنواعها، كما أعطت الصلاحيّة الكاملة للمحاكم الكنسيّة في أمور وقضايا التبنيّ بين المسيحيين وفقًا للأحوال الشخصيّة للكنيسة، وأكدت احترام وحماية الوضع القانوني Status Quo في الأماكن المقدّسة المسيحيّة.

وفي هذا كلّه، فإنّ القيادة الفلسطينيّة، وعلى رأسها سيادة الرئيس محمود عباس، قد التزمت بتنفيذ الاتفاقيّة، لا بل فإنّ اللجنة الرئاسيّة العليا لشؤون الكنائس برئيسها الدكتور رمزي خوري، وبالتواصل مع وزارة الخارجيّة والمغتربين، لم تدخر جهدًا في حماية الاتفاقيّة، والمتابعة مع الوزارات والجهات الفلسطينيّة المعنيّة في تأكيدٍ على التزام الحكومة الفلسطينيّة بأجهزتها المختلفة، بالتنفيذ وتحصين النسيج المجتمعيّ الفلسطينيّ، بمسيحييه ومسلميه، وذلك على أساس التساوي في المواطنة.

 

وهنا، لا بدّ من الإشارة إلى أنّه من نتائج إبرام هذه الاتفاقيّة النموذجيّة بين الطرفين، هو افتتاح سفارة دولة فلسطين لدى الكرسي الرسولي بحضور سيادة الرئيس محمود عباس، وبمباركة قداسة البابا فرنسيس الراحل، تأكيدًا على العلاقات المميّزة بين الدولتين. ومنذ تلك اللحظة، والسفارة بطاقمها تعمل على حماية منجزات الاتفاقيّة والحفاظ على مصالح دولة فلسطين، وعلى تأكيد حضورها ووجودها في احتفالات ونشاطات الكرسي الرسولي. كما تحرص السفارة على إقامة النشاطات الثقافيّة والفنيّة والدينيّة لتعكس وتُعرّف بالإرث الغنيّ والتاريخ المتجذّر في فلسطين، هادفةً إلى إيصال الرسالة الحضاريّة، مبيّنة ومذكّرة باستمرار أنّ مهد المسيحيّة هو في مدينة المهد، أي في بيت لحم، حيث ولد الطفل يسوع، وأنّ تتمّة تاريخ الخلاص وجوهر الإيمان المسيحيّ متجسّد في القدس وفي طريق الآلام وفي قلب كنيسة القيامة.

وهنا، لا بدّ من التذكير أنّه قبل عشرة أعوام قد تمّ إعلان قداسة راهبتين من فلسطين، هما القديسة مريم البواردي والقديسة ماري ألفونسين، في احتفال رسميّ في ساحة القديس بطرس، بحضور سيادة الرئيس عباس، ووفد رسميّ رفيع المستوى، ومشاركة حشد كبير من المؤمنين في أرض القداسة فلسطين.

 

وفي الختام، وبعد عشر سنوات مضت على توقيع الاتفاقيّة الشاملة، فإنّنا نأمل في الاستمرار بتعزيز هذه العلاقة المميّزة مع الكرسي الرسوليّ، واستمرار العمل المشترك لرفع صوت الحق والعدل، ورفع الظلم عن شعبنا الذي يُعاني ويلات وجبروت هيرودس، متوجهين نحو تجسيد الدولة الفلسطينيّة المستقلة والعتيدة حيث الكرامة والحريّة.