موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الثلاثاء، ٤ ابريل / نيسان ٢٠٢٣
من وحي التطويبات

أشخين ديمرجيان :

 

تُعَدّ التطويبات التي أعلنها السيّد المسيح تعاليم سارية تصلح في كلّ زمان ومكان، على مرّ العصور، وتبقى خالدة دائماً أبدًا، ينهل منها العطشان إلى البِرّ فيرتوي منه الظمأ، ومن ثمّ ينتعش. ويجد الباحث عن النور الدائم ضالّته، فيستنير.

 

إنّ التطويبات نداء موجّه إلى كلّ مؤمن ليحرّر ضميره من عبودية الدنيا والتمسّك بالمال والاهتمام بالشهرة والغرق في بحر الشهوات. ويعمل على صقل نفسه وتهذيبها في فهم حضارة المحبّة وقبولها وعيشها. وهي مرهم يشفي قلوب الذين سحقهم سلطان الظلم والتعسّف، وتفيض فيهم العزاء والسلوى. كما أنّها تزرع في النفوس الرجاء برحمته تعالى، وتنتشل البائس من أنياب اليأس والبلاء.  إنّها تمسح دموع المحزونين، وتضمّد جراح المرضى ببلسم التعزية والإيمان.  تفيض الحكمة في العقول وتلبّي حاجات كلّ مَن يستغيث بالله.

 

لم يكن العالم أسوأ ممّا هو عليه اليوم في أثناء حياة السيّد المسيح على الأرض. ولقد استفحل الشرّ في أيامنا، حتى لَتجد في كلّ زاوية خائنًا مثل يهوذا. وفي كلّ مكان كتبة وفريسيين جُددًا يهاجمون أقوال السيّد المسيح وينبذونها، يزيّنون الباطل ويخفون الحقّ. وفي المواقع الالكترونيّة ألوف مؤلّفة من الشياطين تعبث في قلوب الناس وعقولهم، ليحيدوا عن منعطف الخير الى مهاوي الشرّ والهلاك الأبديّ . 

 

سلّمنا المسيح التطويبات وهي بمثابة مفتاح أو بالأحرى كلمة السرّ لدخول الفردوس السماوي.  لكن الإنسان بعقله وتفكيره الدنيوي المحدود، جعل مفتاح سعادته وقفاً على تحقيق رغبات ونزوات. واختارت البشرية شروطًا أعلنها السيّد المسيح أسباباً للهلاك. مع أنّ السيّد المسيح نبّهنا: "السعادة والهلاك لن يكونا على هذه الأرض بل في الحياة الأخرى".  ويهنّيء جميع فئات المساكين والمتألّمين والأشقياء والباكين والجياع والمهمّشين الذين حسبهم المجتمع آنذاك أو الآن بائسين، يطوّبهم "لأنّهم سيرثون ملكوت الله".  لقد فتح لنا أبواب رجاء الملكوت.أمّا معظم الأغنياء والعظماء والحكّام أولئك الذين نالوا حصّتهم في هذا العالم، والذين يعتقدون أنّهم بلغوا أعلى درجات السعادة على هذه الأرض فيحّذرهم :"الويل لكم لأنّكم ستنوحون"...

 

حبّذا لو تحوّلت هذه التعاليم إلى مصدر رجاء وفرح لكلّ مؤمن، في هذه الحياة الدنيا وفي الزمان الآتي. لقد ذكر السيّد المسيح التطويبات في عظة، تتضمّن ثلاثة فصول طويلة ، تُفسّر لنا كلّ مبادىء الخلاص وكيفيّة تطبيقها عمليًّا بجميع حذافيرها.  ونحن على يقين بأنّنا لن نتمكّن من مجابهة الحياة من غيرهذا الرجاء الوطيد، ومن غير ثقتنا العمياء بأنّ الله سيحوّل جميع مشاكلنا وصعوباتنا أو أمراضنا أو معاناتنا أو أحزاننا أوخسائرنا إلى بركات أبديّة.

 

 

خاتمة

 

تُعلّمنا التطويبات بأن نعمل أيّ شيء وكلّ شيء، لا بهدف النجاح في حياتنا الخاصة أو العامّة  فحسب، بل إرضاءً للباري تعالى. وأن يكون تأمّلنا العميق في هذه التطويبات نورًا نستنير به، ونضيء به مَن حولنا، كي نحبّ الله ونحبّ القريب كما أحبّنا الله.