موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ١٦ ابريل / نيسان ٢٠٢٥
مسيحيو الأرض المقدّسة يحتفلون بالأسبوع المقدّس وسط الألم والأمل

أبونا :

 

للعام الثاني على التوالي، يحتفل مسيحيو الأرض المقدّسة بعيد الفصح وسط استمرار العنف والصراع، إلى جانب تزايد القيود على حريتهم في التنقل.

 

 

6000 تصريح فقط

 

فخلال فترة عيد الفصح، عادةً ما تمنح السلطات الإسرائيلية تصاريح خاصة للمسيحيين الفلسطينيين في الضفة الغربية لزيارة القدس. إلا أنه هذا العام، لم يُمنح سوى 6000 تصريحًا -صالحة لمدة أسبوع واحد فقط- على الرغم من وجود حوالي 50 ألف مسيحي فلسطيني يرغبون في الاحتفال بالصلوات في الأماكن المقدسة في هذه الفترة الدينيّة المهمّة.

 

وقال الأب إبراهيم فلتس، نائب حراسة الأراضي المقدسة في القدس والمسؤول عن معالجة مثل هذه الطلبات في منطقة بيت لحم، لوكالة سير كاثوليك، أنّه يشعر بخيبة أمل كبيرة من القرار: "على الرغم من العديد من الاجتماعات رفيعة المستوى، لم نتمكن من الحصول على المزيد من التصاريح"، مذكرًا بأنّ مسيحيي الضفة الغربية يواجهون العديد من القيود على حرية تنقلهم خلال العام وينتظرون فترة عيد الفصح للسفر إلى القدس للصلاة في الأماكن المقدّسة.

 

وأشار الراهب الفرنسيسكاني إلى أن تناقضات القدس، كمكان مقدّس للديانات التوحيدية الثلاث وبؤرة للصراع، تعكس بوضوح تناقضات البشرية: "في غضون بضع مئات من الأمتار المربعة فقط، تتردّد أصداء الأماكن المقدّسة للمسيحيين واليهود والمسلمين بأصوات وصلوات مختلفة ولكنها متشابهة - وفي الوقت نفسه، في هذه المدينة نفسها، تمنع الكراهية الحق في إعلان إيمان بعضهم البعض".

 

فرصة لاستئناف الحوار

 

ويُضفي التقويم الديني لهذا العام على هذه التناقضات طابعًا أكثر إيلامًا، إذ يصادف عيد الفصح (الذي يحتفل به الكاثوليك والأرثوذكس معًا) وعيد الفصح اليهودي في اليوم نفسه، 20 نيسان. وأوضح الأب إبراهيم فلتس الفرنسيسكاني بأنّ هذه المصادفة النادرة ينبغي أن تُمثّل فرصةً قيّمةً للحوار والاحترام المتبادل في هذه اللحظة المأساوية التي تمرّ بها الأرض المقدّسة. وأضاف: "لا يُمكن للمرء أن يعتاد على العنف بينما يكون جمال الأماكن المقدسة أمام عينيه".

رغبة قويّة في المشاركة في الاحتفالات

 

في هذه الأثناء، وفي غزة التي مزقتها الحرب، لا تزال أجواء عيد الفصح تخيم عليها صدمة الموت والدمار. تحدث الأب جبرائيل رومانيللي، راعي كنيسة العائلة المقدسة للاتين، لوكالة أنباء آسيا نيوز، عن أجواء الاستعداد لعيد الفصح هذه الأيام، والتي أوضح أنها مختلفة تمامًا عن أجواء عيد الميلاد الماضي عندما أشاعت إمكانية وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس بعض الأمل.

 

وتجدّدت الغارات الجوية والقصف الإسرائيلي، مستهدفةً المدنيين والبنية التحتية الحيوية مثل المستشفيات، كما حدث يوم أحد الشعانين بغارة قاتلة على مستشفى الأهلي العربي. ومع ذلك، قال الأب رومانيللي إنّ الرغبة في المشاركة في احتفالات عيد الفصح، وخاصة بين الأطفال والمراهقين، أقوى من الدمار والخوف. وفي أحد الشعانين، اجتمع المؤمنون للاحتفال بالقداس في جو من الصلاة والتأمل، وكان من بينهم أيضًا العديد من الأرثوذكس الذين نزحوا من كنيسة القديس بورفيريوس المجاورة.

معاناة مشتركة توحد مسيحيي غزة

 

وقال الأب رومانيللي: "صلينا جميعًا معًا من أجل السلام، ومن أجل جميع الذين توفوا، ومن أجل إطلاق سراح جميع المحرومين من حريتهم، الأسرى والرهائن". وأضاف: "علاوة على ذلك، وبينما نحتفل معًا هذا العام، طلبنا نعمة الوحدة لجميع مسيحيي العالم: وحدة الإيمان والرجاء والمحبة".

 

وستتخلل الأيام القليلة القادمة قداديس وقراءات واحتفالات كما هو الحال في بقية العالم حتى خميس الأسرار وجمعة الآلام، ولكن بدون قداسات في الهواء الطلق. وأوضح قائلًا: "هذا العام، لم نتمكن من التحضير لإعادة تمثيل آلام المسيح، كما نفعل دائمًا، لأن الأمر خطير للغاية".

استمروا في الصلاة من أجل السلام

 

واختتم الكاهن الأرجنتيني المقابلة بنداءٍ صادقٍ إلى المسيحيين في جميع أنحاء العالم لمواصلة الصلاة من أجل السلام، والاهتداء الشخصي، وإنهاء الحرب، وقال: "علينا أن نقنع العالم بإمكانية وقف جميع الصراعات، لأنّ الحرب لن تُجدي نفعًا، وكلما طال أمدها زاد الضرر". كما أعرب عن امتنانه العميق للبابا فرنسيس على وقوفه الدائم إلى جانب رعيّة غزة، وقال: إنّ قداسته يواصل الاتصال بنا، وهو دائمًا قريب منا حتى في هذه الأسابيع من وضعه الصحي الضعيف.