موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٧ يونيو / حزيران ٢٠٢٥
فلسطين غير باريس ... عن الإساءة للعشاء الأخير

أبونا :

 

قبل عامين، في أولمبياد باريس، قلنا بأنّ الجماعة علمانيون، وهم جاهلون بالشؤون الدينيّة، وأرادوا إبراز الوجه المعاصر والحداثي لفرنسا. وكان الاعتذار من اللجنة الاولمبية على الإساءة لرسم العشاء الرباني لليوناردو دافنشي.

 

لكنّ هذه المرّة كان مُرّة (بضم الميم) وغير مقبولة بالمرّة... كونها أتت من البلاد المقدّسة التي حدثت فيها ليس رسم العشاء الاخير، وإنّما الحدث نفسه باجتماع السيد المسيح مع تلاميذه قبيل آلامه وصلبه وقيامته، في قلب مدينة القدس التي احتضنت أحداث الخلاص.

 

فما تمّ نشره أمس، بتشويه مقصود وغير لائق أبدًا، لرسم العشاء السري، وبالتالي لرمز ديني مسيحي مقدّس، في أرض القداسة، لا يعد أمرًا منطقيًّا، ولا مقبولاً، ولا بريئًا، فهل هنالك خيوط من طرف ثالث، يريد صبّ زيت جديد على النار بين المسلمين والمسيحيين، في أرض القداسة التي تتوحّد فيها الصلوات والمعاناة من أجل إنهاء صليب الاحتلال الثقيل على كتف كل فلسطين، بجميع أبنائها.

 

إنّنا نناشد أصحاب العقول النيّرة والخائفة على مصلحة بلدها وسمعة فلسطين التاريخيّة، وحسن العلاقات بين أبناء الشعب الواحد، إلى الحذر الشديد، والتعامل مع الأمر بحنكة وحكمة، والعمل على تفويت الفرصة أمام أي يد تحاول دقّ أيّ اسفين بين أبناء الشعب الواحد، والتائق إلى أيام عدل وسلام واستقلال.

 

شكرًا لكل البيانات الشاجبة للإساءة إلى الأديان، وإلى الدين المسيحي تحديدًا في هذا الأمر، وبالأخص بيان اللجنة الرئاسية العليا لشؤون الكنائس في فلسطين، ومنها أيضًا الشركة المذكورة على البوستر المسيء التي رمت الكرة في مرمى الشركة الإعلانية، وصراحة الأمر هنا "لا يدركه العقل" فكيف لشركة تجارية مرتبة وموقعة عقد تعاون، مع شركة إعلانية، تتفاجأ من نشر اسمها على بوستر مسيء للأديان، وهي لا تدري! فهل هو "دافنشي كود" جديد يحمل ألغازًا لمصدر الصورة؟

 

وشكرًا لعقلاء هذا الزمن، الذين سيبادرون إلى كشف الحقيقة، وجعل المبرمج لهذه الصورة التي نعتذر عن نشرها، لما فيها من إساءة واضحة وصريحة لشخص السيد المسيح مع تلاميذه، يعتذر بدوره ويقدّم "فعل ندامة" وطني وتاريخي على الملأ، حفاظًا على قدسية الأرض التي جرت عليها أحداث العشاء المساء إليه، وحفاظًا على مطالب الشعب الفلسطيني بالتحرر، والذي لن يتحقق إلا بالوحدة الوطنية الغالية على قلب شعب ضحى بشهداء وما زال يسيل الدماء من أجل العدالة والسلام.

 

أخيرًا، أيها الشعب الفلسطيني الكريم، نحن في أجواء عيد العنصرة وحلول الروح القدس في القدس، والذي وحّد العالم آنذاك، وجعلهم قلبًا واحدًا، ونحن كذلك في أيام عيد الأضحى الذي تتجه فيه الأنظار إلى الصلاة في الأقصى الشريف، فوّتوا الفرصة على كلّ من يريد الإساءة إلى أي رمز ديني، وبالتالي لا تدعوا أحدًا يبتهج بانقسامكم وخلق الفتنة بينكم.