موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الإثنين، ٢١ أغسطس / آب ٢٠٢٣
حجر عثرة

أشخين ديمرجيان :

 

كثرت المشاهد الإجراميّة غير الطبيعية على القنوات، والتي يبثّها بعض ذوي النفوذ بتخطيط مُسبق، وبطريقة شديدة الاحتراف، والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا كلّ هذا التخطيط الجهنّمي؟ يجيب خبراء علم النفس: "لتحويل المُشاهد إلى إنسان قاسي القلب يتعوّد على رؤية العنف والكوارث، من غير أن تتحرّك فيه المشاعر الإنسانيّة النبيلة ويصبح بلا مشاعر وبلا ردود فعل نبيلة وعديم النخوة، ويتحوّل من إنسان إلى مجرّد كائن حيّ تدمّرت أعصابه لرؤيته القتل بدم بارد باستمرار... فيتمكّنون دومًا من تسويق تلك المشاهد.

 

وفي نفس الوقت يقوم حكّام بإشعال الحروب في البلاد بكلّ ما عندهم من قوّة وحيلة، بقتل الأطفال والشيوخ والشباب، من غير أن يواجههم أحد بموجات من الاحتجاج والاستنكار والإدانة، إذ أصبح المُشاهد مدمنًا على رؤية الفيديوهات الدمويّة - وهذا هو" بيت القصيد"!

 

للأسف الشديد الفيديوهات المرعبة عديمة الانسانية تنغرس في العقل الباطن ولا تُمحى مع مرور السنوات، ويعجز حتّى الطبيب النفسي عن محوها ومحو أثرها أو معالجتها،  فهي لا تفارق مخيّلة المُشاهد وتتحوّل إلى جزء لا يتجزّأ من كيانه ونهاره وليله وأحلامه في الصحو والمنام ، بعد أن أحدثت فيه اضطرابًا نفسيًا مزمنًا.

 

المناظر المفزعة تؤثّر سلبًا على سلامة الجهاز العصبيّ وعلى صحة الإنسان النفسية، إذ يعاني المتفرّج من الاضطراب النفسي ونوبات من القلق النفسي والخوف والتوتّر الشديد، وألم نفسي غير مبرّر واكتئاب، ومع مرور الوقت لا يتمالك أعصابه. ويكمن الخطر في الإدمان والتشوّق للنظر إلى التعذيب والدماء من غير توتّر وعلى تقبّلها بفضول. ولدى بعض المشاهدين تزداد لذة المشاهدة، وتثير لديهم غرائز العنف والسادية.

 

أمّا عن تضرّر الاطفال فحدّث ولا حرج. الصور المليئة بالعنف تضرّ بسلوك الطفل وتؤثّر سلبًا على تنشئته وتكوين شخصيته بشكل أعمق وأقوى منه لدى الإنسان البالغ. كما يُصاب الطفل طريّ العود باضطرابات نفسيّة وحيرة وتمزّق ويشرد ذهنه وتصبح ردود أفعاله متهوّرة وتتوتّر العلاقة بينه وبين أفراد عائلته وأصدقائه ويميل إلى استخدام الآلات الحادّة ويحاول تطبيق ما شاهده على إخوته وأصدقائه.

 

الأخصائيون النفسيون لا يتفرّجون على مشاهد الرعب لأنهم يدركون حقّ الإدراك مدى تأثيرها النفسي السلبي، وبناءً على عواقب تلك المشاهد الخطيرة وعلى نصيحة خبراء علم النفس، وللحفاظ على الصحة النفسية، والعمل بشكل منتج ومفيد للإسهام في بناء العائلة والمجتمع، ينبغي أن نمتنع عن مشاهدة الأفلام والفيديوهات التي تتّسم بالعنف والإجرام.

 

 

خاتمة

 

قال السيّد المسيح :"ويل لمن تأتي عن يده العثرات، خير له أن يُعلّق في عنقه حجر الرحى ويُطرح في البحر من أن يكون حجر عثرة لأحد هؤلاء الصغار" (لوقا 17: 1،2). وفي هذا المجال مشاهد الإجرام في بعض برامج التلفزيون التي يحضرها الكبار والصغار في البيت عثرة للأطفال.