موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
الأب بشير بدر، مدير مكتب راعوية الزواج والعائلة، التابع لمطرانية اللاتين في الأردن
يتوجه اليوم الثلاثاء 21 حزيران، وفد من الأرض المقدسة (الأردن وفلسطين والجليل) إلى روما، لينضم إلى 170 وفدًا من 120 دولة للمشاركة في اللقاء العالمي العاشر للعائلات الذي سيُعقد على مدى الأسبوع الحالي (22-27 حزيران 2022). وبهذا اللقاء العالمي ستختتم الكنيسةُ سنة "عائلة فرح الحب"، التي بدأت في عيد القديس يوسف في 19 آذار 2021، إذ سيجتمع في روما ما يقرب من ألفي مندوب (عائلات) من المجالس الأسقفية والحركات الدولية والكنسية والجمعيات العائلية.
تعود اللقاءات العالمية للعائلة التي تشكّل أكبر تجمّع للعائلات في الكنيسة، إلى عام 1994، حين دعا القديس البابا يوحنا بولس الثاني إلى عقد لقاء عالمي للعائلات كل ثلاث سنوات. وأراد بذلك أن يسلط الضوء على الأهمية المركزية للزواج والعائلة باعتبارهما حجر الزاوية في حياتنا ومجتمعنا والكنيسة. فبعد اللقاء العالمي الأول: 1994، روما – إيطاليا، تتابعت اللقاءات في مختلف القارات فكان الثاني: 1997، في ريو دي جانيرو – البرازيل، والثالث: 2000، روما – إيطاليا، والرابع: 2003، مانيلا – الفلبين، والخامس: 2006، فالنسيا – اسبانيا، والسادس: 2009، مكسيكو سيتي – المكسيك، والسابع: 2012، ميلانو – إيطاليا، والثامن: 2015، فيلادلفيا - الولايات المتحدة الأمريكية، وقد عُقد الاجتماع السابق في مدينة دبلن - إيرلندا عام 2018، وكان ذلك بعد عامين من نشر الإرشاد الرسولي فرح الحب Laetitia Amoris ، حول موضوع الحب في العائلة. وأما لقاء هذا العام فهو العاشر وقد كان مقررًا عقده في العام 2021، ولكن تم تأجيله بسبب الأزمة الصحية العالمية.
وأما موضوع اللقاء لهذا العام، فقد أعلنه البابا فرنسيس نفسه في رسالة فيديو نُشرت في 2 تموز 2021 تحت عنوان: "حب العائلة: دعوة وطريق إلى القداسة". ويبدو هذا وكأنه تطوير للقاء السابق وذلك في الذكرى السنوية الخامسة لنشر الإرشاد الرسولي فرح الحب. يدعو قداسة البابا العائلات والأزواج للالتقاء والاستماع وإلى عيش هذا اللقاء لإبراز حب العائلة كدعوة وطريق إلى القداسة لفهم ومشاركة المعنى العميق للعلاقات الأسرية في الحياة اليومية. وكذلك يدعو إلى التأكيد على أهمية رسالة الكنيسة الرعوية من أجل العائلة ومع العائلة، لا بل إلى وضع العائلة في قلب الإهتمامات الرعوية للكنيسة من أجل تطوير مسارات رعوية متجددة.
عبّر قداسة البابا فرنسيس عن رغبته في أن يكون هذا اللقاء فترة أمل وانبعاث جديد لخدمة العائلة. وشدد الأب الأقدس على أهمية أن يكون لهذا اللقاء شكل جديد حيث سيُعاش بطريقة "غير مسبوقة ومتعددة المراكز". أي أن اللقاء سيجري في روما وفي الكنائس المحليّة ومختلف الأبرشيات في العالم في وقت واحد. بلا شك ستبقى روما قلب الحدث، ولكن قداسة البابا يدعو جميع المؤمنين والعائلات للمشاركة والاستفادة من هذه اللحظة الكنسية المهمة، سواء في بيوتهم أو في رعاياهم وابرشياتهم. لذلك تم تشجيع مختلف الكنائس المحلية على استلهام هذا اللقاء العالمي من خلال مبادرات "أسبوع العائلة" محليًا بالاتحاد مع العائلات والأبرشيات في جميع أنحاء العالم. ولقد عبّر الكاردينال أنجيلو دي دوناتيس عن ذلك بقوله: "إنها مسألة اغتنام فرصة ثمينة وفريدة من نوعها، وهي إعادة إطلاق الرعويات العائلية بحماس وإبداع تبشيري متجدد، انطلاقا من الإشارات التي قدمها لنا الأب الأقدس في حضارة فرح الحب، أي بإشراك الأزواج والعائلات والكهنة معًا".
هذا الحدث هو إذن فرصة لإحياء الفرح والحب في العائلة كصورة لمحبة الله اللامتناهية، وبدوره، بنعمة الروح القدس، لدعم العائلات في شهادتها لإنجيل محبة المسيح. وكما سبق وقال البابا في إرشاده الرسولي فرح الحب: "إن حضور الربّ يتجلى في العائلة الحقيقيّة والواقعيّة، ويرافق كافة معاناتها ونضالاتها، وأفراحها وطموحاتها اليوميّة... إن كان الحبّ هو الذي ينعش هذه الحقيقة، فإنّ الربّ يملك بفرحه وسلامه على تلك العائلة. تتكون روحانيّة الحبّ العائلي من آلاف اللفتات الملموسة والواقعيّة... الروحانيّة الزواجيّة، في النهاية، هي روحانيّة الرباط الذي تسكنه المحبّة الإلهيّة" (فرح الحب 315).
سيفتتح اللقاء العالمي العاشر للعائلات يوم الأربعاء 22 حزيران بمهرجان العائلات بحضور قداسة البابا فرنسيس في قاعة بولس السادس. وسيتبعه المؤتمر الرعوي على مدى الأيام الثلاثة التالية (الخميس والجمعة والسبت: 23. 24. 25 حزيران). وسيكون هناك عنصران محددان في سياق المؤتمر هما أمسية الرعايا الرومانية يوم الجمعة 24 حزيران، المخصصة لموضوع "الشركة العائلية كأسلوب للشركة في الكنيسة"، حيث سينتقل المندوبون إلى رعايا مختلفة من المدينة الخالدة لقضاء أمسية مع العائلات الرومانية. وكذلك ستكون هناك وقفة خاصة ثانية في صباح يوم السبت 25 حزيران، مع ساعة من السجود القرباني ولحظات من التأمل الإرشادي للأزواج وعائلات المندوبين. وصباح يومي الخميس والجمعة سيُحتفل بالقداس الإلهي في كنيسة القديس بطرس. وأما يوم السبت 25 حزيران مساءً، فسيترأس قداسة البابا فرنسيس القداس الختامي في ساحة القديس بطرس، وظهر يوم الأحد 26 حزيران سيتلو قداسته صلاة التبشير الملائكي مع الوفود مختتما اللقاء العالمي العاشر بإرسال العائلات بعد هذه الخبرة القيّمة من أجل "المشاركة والشركة والرسالة" في حياة الكنيسة والعالم.
إعادة اكتشاف العائلة كدعوة حياتية هو أحد أهداف اللقاء العالمي. وسيقدّم المهرجان هذه الدعوة ضمن خمسة أبعاد: الدعوة إلى الزواج، وإلى القداسة، وإلى المغفرة، وإلى الترحيب بالحياة وإلى الأخوّة. وستقوم خمس عائلات بنقل خبرتها في الحب العائلي. يُتوقع تقديم شهادة زوجين أتخذا قرارهما بالزواج في الكنيسة بفضل انضمامهما لمجموعة من العائلات المسيحية الملتزمة، وشهادة أخرى لدور العائلة في نقل الإيمان للأبناء، وخبرة عائلة ماتت أبنتهم الصغيرة برائحة القداسة، وخبرة عائلة مرت بأزمة حادة، وتعيش تجربة المغفرة والمصالحة العميقة، وأخرى رحبت بعائلة فرت من الحرب. وسيكون هناك أيضًا مجال لعائلة متعددة الأيمان، مثال على الحوار اليومي بين الأديان، وملتزمة جدًا على المستوى الاجتماعي بخدمة الفقراء. وبعد ذلك سيلقي قداسة البابا فرنسيس خطابه الموجه إلى جميع عائلات العالم. وسينتهي اليوم الأول بالنشيد الرسمي للقاء، بعنوان "We believe in love- نؤمن بالحب" وهو من تأليف المونسنيور ماركو فريزينا وترنيم جوقة أبرشية روما.
في تقديمها للحدث العالمي، قالت الدكتورة غابرييلا غامبينو Gabriella Gambino، سكرتيرة المجلس البابوي للعلمانيين والعائلة والحياة: إن اللقاء العالمي للعائلات هذا العام لن يحتوي على مؤتمرات لاهوتية - عقائدية بالمعنى الأكاديمي، ولكنه سيكون وقتًا للقاء والإصغاء والمناقشة بين العاملين في مجال رعويات الزواج والعائلة. فعلى مدى ثلاثة أيام، سيغني المؤتمر 62 متحدثًا، جميعهم علمانيون متزوجون، وثلاثة كهنة فقط. وهذا الإختيار يتوافق مع الموضوع الذي دعا إليه البابا لهذه الأيام العائلية: حب العائلة الذي يستمد كثيرًا من التوجيهات القوية من الإرشاد الرسولي "فرح الحب -Amoris Laetitia " ويحث على الشجاعة في فتح مسارات رعوية متطورة مع العائلة. وقداسة البابا نفسه لم يتعب أبدًا من التذكير، بأن نص الإرشاد الرسولي المذكور ليس نصًا لاهوتيًا عقائديًا، بل هو نص رعوي، وبالتالي ملموس وحقيقي، ممزوج بالحياة اليومية للأزواج والعائلات مع كل تعبها وفرحها وأوقات القوة والضعف المرتبطة بها.
سوف تقام الندوات ضمن خمسة لقاءات رئيسية مع حوالي ثلاثين مداخلة وستين متحدثًا حول عدد من الموضوعات المهمة: "المسؤولية المشتركة للأزواج والكهنة في الخدمة الرعوية، ثم بعض الصعوبات الملموسة للعائلات في مجتمعات اليوم، تحضير الشباب والخطّاب للحياة الزوجية، بعض الأزمات "الوجودية" داخل العائلات، تنشئة المعاونين والمربين العلمانيين في رعويات عائلية مليئة بالتحديات والأسئلة الصعبة، العائلة، الكنيسة البيتية مع التركيز على العلاقة بين الشباب وكبار السن في العائلة، وبالتأكيد لن يتم تجاهل أو إهمال الحب العائلي الذي يمر في أزمات الخيانة أو الهجران والدعوة إلى قوة الصفح والمغفرة.
كذلك ستتطرق المداخلات إلى تداعيات العصر الرقمي على ديناميكيات الأسرة، وستتحدث أيضًا عن المهاجرين والإدمان والعنف والتربية الجنسية. وهناك مواضيع مهمة عن أهمية المرافقة الروحية للزواجات الجديدة وفي الحالات التي يكون فيها أحد الزوجين غير مؤمن. وفيما قالت الدكتورة غابرييلا بأن البوصلة المتكررة التي ستوجه كل مشاركة ستكون تعليمًا في الفطنة والقدرة على التمييز دون تقديم وصفات مسبقة لكل الطروف. ولكن، قبل وبعد كل ذلك، فإن الموقف الأولي والأساسي يقوم على "جعل العائلات تدرك أن حياتها هي دعوة، وأن بإمكانها أن تكتشف في حياتها اليومية طرقًا رائعة للقداسة، يمكن أن تغير بيئة حياة افرادها الكنسية والاجتماعية".
ومن الجدير ذكره، بأن هذه الأيام العالمية للعائلة قد وُضعت تحت شفاعة الزوجين الطوباويين لويجي وماريا بيلترامي، حيث دعا الكاردينال دي دوناتيس إلى أخذ مثالهما في حياة العائلات المسيحية. فقد كان طريقهما طريق "القداسة العادية". أنجبا أربعة أبناء، ثلاثة منهم سلكوا طريق التكريس في الكهنوت والرهبنة. هذان الزوجان لم ينته التزامهما بالإنجاب وتربية أطفالهما، بل كرّسا نفسيهما للخدمة وللخير العام منذ بداية زواجهما. فكانا يقدمان كل أنواع المساعدة للعائلات في فترة الحرب العالمية الأولى.
وكانا رائدي العمل الرعوي العائلي في روما. وكانا أول من نظم دورات تحضيرية للزواج للمخطوبين في بداية القرن الماضي. وبالرغم من أنشغالاتهما الكثيرة كانا مواظبين على حضور القداس اليومي. وهما أول زوجين يتم تطويبهما معًا في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية، إذ أعلنهما بابا العائلة يوحنا بولس الثاني طوباويين في 21 تشرين الأول اكتوبر 2001.
قد يكون اللقاء العالمي العاشر للعائلات حدثًا مميزًا للغاية للاحتفال بالعائلة، ومكانًا للتعلم عن الحب، ومصدرًا للقوة والسلام، ولكنه لن ينكر الصعوبات أو يتجاهل الجروح العميقة في العائلات، علّها تجد فيه الشفاء والقدرة على تجاوزها. فقد ختم البابا فرنسيس إرشاد فرح الحب بتحفيز العائلات: "لنسر، أيتها العائلات، ولنجدَّ في السير! فما وُعِدنا به هو دائمًا أعظم. علينا ألّا تفقد الرجاء بسبب محدودياتنا، إنما علينا أيضًا ألّا نتراجع أبدًا في البحث عن كمال الحب والشركة الذي وعدنا به" (فرح الحب 325).
نستطيع أن نتابع هذه الأيام العالمية للعائلة بطرق مختلفة، ولكن أجملها ستكون بالروح والقلب والصلاة. لذلك ننشر هنا الصلاة الرسمية للقاء، ويا حبذا لو نستطيع أن نصليها معًا في العائلة يوميًا.
يمكن للمهتمين بالحصول على مزيد من المعلومات حول اللقاء العالمي العاشر للعائلات أو لمتابعة الأنشطة واللقاءات الرجوع إلى المواقع التالية:
الموقع الرسمي للقاء:
https://www.romefamily2022.com/en
وصفحة YouTube الخاصة بأبرشية روما:
https://www.youtube.com/c/DiocesidiRomaOfficial
وأيضًا موقع أخبار الفاتيكان بعدة لغات:
https://www.vaticannews.va/ar.html