موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ١ يونيو / حزيران ٢٠٢٥
البابا في يوبيل العائلات والأطفال والأجداد وكبار السن: مستقبل الشعوب يولد في العائلات

أبونا :

 

امتلأت ساحة القديس بطرس، صباح اليوم الأحد 1 حزيران 2025، بالعائلات لحضور القداس الختامي ليوبيل العائلات والأطفال والأجداد وكبار السّن. وقد ترأس البابا لاون الرابع عشر الاحتفال بالذبيحة الإلهيّة، وتأمل في عظته في العائلة كمصدر للتواصل والإيمان.

 

 

هي أولاً عطيّة

 

يبيّن إنجيل اليوم يسوع، في العشاء الأخير، وهو يصلّي أن نكون كلّنا واحدًا، وهو ما وصفه البابا بأنّه "الخير الأكبر" الذي يمكننا أن نَطلبه. هذه الوحدة التي صلّى يسوع من أجلها هي "شركة تقوم على المحبّة نفسها التي بها يحبّ الله، والتي منها تنبع الحياة والخلاص في العالم. ولذلك هي أوّلًا عطيّة، جاء يسوع يعطينا إياها".

 

وأوضح البابا بأنّ "يسوع كشف لنا أنّ الله يحبّنا كما يحبّ نفسه. والآب لا يحبّنا أقلّ ممّا يحبّ ابنه الوحيد، أي إنّه يحبّنا حبًّا لا نهاية له". وقال: "الله لا يُحبّ أقلّ، لأنّه يُحبّ أوّلًا، ويُحبّ قبل كلّ شيء... هذه هي حالنا: الله يريد دائمًا أن يجذب إليه البشريّة كلّها برحمته، وحياته التي بذلها من أجلنا في المسيح، هي التي تجعلنا واحدًا وتوحّدنا في ما بيننا".

 

نحتاج بعضنا بعضًا

 

وفي معرض تأمله في عطيّة الحياة، استذكر البابا لاون كلمات سلفه، البابا فرنسيس عندما علّم: "البشر كلّهم أبناء، ولكن لا أحد منّا اختار أن يُولَد". وعلاوة على ذلك، أكد أنّنا، ومنذ ولادتنا، بحاجة إلى الآخرين لكي نعيش. وقال: "نحن كلّنا أحياء بفضل علاقة، أي بفضل رابط إنسانيّ حرّ ومُحرِّر، واهتمام متبادل".

 

ورغم ذلك، لفت قداسته إلى أنّ "هذه الإنسانيّة تتعرّض أحيانًا للخيانة. مثلًا، في كلّ مرّة نطلب الحريّة لا من أجل أن نمنح الحياة، بل من أجل نزعها، ولا من أجل الإغاثة، بل من أجل الإساءة". مع ذلك، "وحتّى أمام الشرّ الذي يُعارض ويقتل"، شدّد على أنّ يسوع "لا يزال يُصلّي إلى الآب من أجلنا، وصلاته هي بلسم على جراحنا، وتصير للجميع إعلان مغفرة ومصالحة".

 

وقال إنّ "صلاة الرب يسوع هذه تعطي معنًى كاملًا للحظات المضيئة من محبّتنا بعضنا لبعض، مثل والدين، وأجداد، وأبناء وبنات. وهذا ما نريد أن نعلنه للعالم: نحن هنا لنكون ”واحدًا“ كما يريدنا الرب يسوع أن نكون ”واحدًا“، في عائلاتنا، وفي الأماكن التي نعيش ونعمل وندرس فيها: نحن مختلفون، ومع ذلك واحد، وكثيرون، ومع ذلك واحد، دائمًا، في كلّ ظرف وفي كلّ عمر من حياتنا".

علامة سلام

 

وفي عالم يعجّ بالصراعات والخلافات، شجّع البابا لاون الجميع على ترسيخ محبتهم على المسيح، عندها "سنكون علامة سلام للجميع، في المجتمع والعالم". كما ذكّر الحضور بأنّ هذا يبدأ من المنزل، وبأنّ "مستقبل الشعوب يُولَد في العائلات".

 

وأشار البابا إلى أنّه في العقود الأخيرة، تمّ إعلان تطويب وقداسة أزواج، لا كلًّا على حدة، بل معًا، كأزواج متزوّجين ومتّحدين، مثل: لويس وزيلي مارتان، والدي القديسة تريزا الطفل يسوع؛ وعائلة أولما من بولندا، الوالدَين والأطفال الذين كانوا متّحدين في الحبّ والاستشهاد من أجل الإيمان، موضحًا بأنّ "الكنيسة تقول لنا إنّ عالم اليوم بحاجة إلى العهد الزّوجي، لكي يعرف ويقبل محبّة الله، ويتغلّب على القوى التي تُفكّك العلاقات والمجتمعات، بقوّتها التي توحِّد وتصالح".

للأزواج وللأبناء والأجداد

 

ووجّه البابا كلمة للأزواج، قائلاً: "إنّ الزّواج ليس مجرّد مثال ونموذج، بل هو معيار الحبّ الحقيقيّ بين الرّجل والمرأة: حبّ كامل، وأمين، وخصب"، مشجّعًا إياهم على أن يكونوا لأبنائهم "مثالًا في الانسجام والصّدق، وأن يتصرّفوا كما يريدون أن يتصرّفوا هم، فيربّوهم على الحريّة بالطاعة، ويسعوا دائمًا إلى الخير فيهم، وإلى الوسائل الكفيلة لنموّهم".

 

وتوجّه البابا في كلمته إلى الأطفال الحاضرين بأن يكونوا شاكرين لوالديكم، "فقول كلمة ”شكرًا“ على عطيّة الحياة، وعلى كلّ ما يُمنح معها كلّ يوم، هو أول طريقة لإكرام الأب والأم". كما أوصى الجدّات والأجداد بمهمة السهر على أحبائهم، بحكمة ورأفة، وبالتواضع والصّبر، اللذين تعلّمهما السنوات.

 

وختم البابا لاون الرابع عشر عظته مؤكدًا على أنّه "في العائلة، يُنقل الإيمان مع الحياة، من جيل إلى جيل: تتمّ المشاركة فيه كما تتمّ المشاركة في طعام المائدة ومحبّة القلب. وهذا ما يجعل العائلة مكانًا مميّزًا للّقاء بيسوع، الذي يحبّنا ويريد خيرنا، دائمًا".