موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ١٢ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠٢٥
الكاردينال بارولين: كارلو أكوتيس لؤلؤة جديدة لأسيزي وهبة عظيمة للكنيسة
أمين سر دولة الفاتيكان يحتفل بأول عيد ليتورجي للقديس الجديد

أبونا :

 

ترأس الكاردينال بيترو بارولين، أمين سرّ دولة الفاتيكان، صباح الأحد 12 تشرين الأول، القداس الإلهي في كنيسة القديسة مريم الكبرى (مزار التجرد) في مدينة أسيزي، بمناسبة الاحتفال بالعيد الليتورجي الأول للقديس كارلو أكوتيس. وشارك في الاحتفال عدد من السلطات الدينية والمدنية، إلى جانب والدي القديس، أنتونيا سالزانو وأندريا أكوتيس، ومئات الحجاج والمؤمنين.

 

وقال الكاردينال بارولين في عظته "كارلو هو لؤلؤة جديدة لهذه المدينة المفعمة بالقديسين وهبة عظيمة للكنيسة"، راجيًا أنّ تثمر شهادته "ثمارًا كثيرة من القداسة بين الشباب". وأوضح إنّ كلمة الله التي أُعلنت للتو تجسّد كارلو وروحانيته، وهو بدوره يساعدنا على فهمها من خلال مثال حياته.

 

أضاف: "في القراءة الثانية، يخاطب بولس مؤمني فيلبي، الجماعة التي أسسها وأول مدينة أوروبية تم تبشيرها، برسالة كتبها من السجن، يدعو فيها الجميع إلى الوحدة، مستندًا إلى النشيد الليتورجي الذي يبيّن كيف تجرّد يسوع من مجده الإلهي ليصبح واحدًا منا حتى الموت على الصليب".

 

تابع: "ومن الجميل أن نتذكّر ذلك في هذا المزار المكرّس للتجرّد، الذي يذكرنا لا فقط بفعل القديس فرنسيس حين تجرّد وجعل المسيح كنزه الوحيد، بل أيضًا بتجرّد المسيح الذي أراد فرنسيس أن يقتدي به. في المقطع الذي سمعناه، المختار خصيصًا لذكرى القديس كارلو أكوتيس، هناك دعوة للفرح، دعوة يكرّرها بولس مرتين، وكأنه يؤكد أنها عنصر أساسي في الحياة المسيحية، فالفرح هو الثمرة الناضجة للإنجيل".

دعوة إلى الفرح

 

أضاف: "قال يسوع ذلك قبل آلامه لتلاميذه: 'قلتُ لكم هذه الأشياء ليكون بكم فرحي، فيكون فرحكم تامًّا'. يمكننا القول إذًا إن إعلان الإنجيل يتمحور حول الفرح: فابن الله نزل إلى الأرض ليجعلنا سعداء. ومن أفضل من كارلو ليشرح ذلك؟ فوالدته، أنتونيا، تذكر دائمًا خفة روحه وابتساماته التي كانت تُدخل الفرح إلى قلوب الآخرين. واليوم، يتأثر كثيرون بابتسامته حين ينظرون إلى صورته: كارلو يتحدّث عن يسوع أولاً بوجهه المشرق والمبتسم، ويشهد لنا أنّه عاش دعوة بولس: 'افرحوا في الرب دائمًا'. وإذا كانت المسيحية رسالة خلاص، ويسوع مخلصنا، فكيف لا نفرح؟ فالمسيحيون الحزانى والمتذّمرون ليسوا شهودًا صالحين للإنجيل".

 

وقال: "إذا كان صحيحًا أن الحياة مليئة بالمعاناة –فقط تخيلوا الحروب المروعة التي تُخاض وتُسفك فيها كل هذه الدماء- فهذا يحضّنا على عيش تعاليم بولس: 'افرحوا مع الفرحين، وابكوا مع الباكين'. لكن الأخيرة هي صرخة مشاركة ومحبة، تلامسه الفرح دون أن ينتزع منها السلام والرجاء"، مشيرًا إلى أنّ القديس فرنسيس كتب في نشيد المخلوقات عن المتألمين: 'طوبى للذين يصبرون بسلام، فإنهم بك أيها العلي يُكلّلون'.

يسوع لا يسلبنا شيئًا من جمال الحياة

 

وبالرجوع إلى القراءة الأولى، لفت الكاردينال بارولين إلى أنّه "تظهر بوضوح كيف تتوافق ملامح الحياة المسيحية التي رسمها بولس مع حياة كارلو: فقد عاش حياة عادية، وكان شابًا عصريًا أحبّ كل ما هو جميل في الحياة، وفيه تتردد كلمات بولس: 'كلّ ما كان حقًا وشريفًا وعادلًا وخالصًا ومُستحبًا وطيّب الذكر وما كان فضيلة وأهلًا للمدح، كلّ ذلك قدّروه حق قدره'".

 

وأكد الكاردينال بارولين: "اليوم أكثر من أي وقت مضى، يجب أن نذكّر الشباب أن يسوع لا يسلبنا شيئًا من جمال الحياة؛ فكل ما يأتي من عند الله هو خير في ذاته، وما يفسده هو الخطيئة"، مشدّدًا على أنّ "كارلو مثال للجمال والخير، لأنه استعمل أمور الدنيا بقلبٍ نقي، وجعل يسوع محور حياته، وبرنامجه كان 'أن يكون دائمًا متحدًا مع يسوع'، وهذا سر أصالته".

يسوع بين أيدينا

 

وتابع: "حين قال أننا جميعًا نولد أصليين ونموت نسخًا، كان يتحدث أيضًا عن نفسه: لم يشأ أن يكون نسخة أو يخضع للموضة، بل عاش هويته الحقيقية، لأنه امتلأ بالرب يسوع. وهنا نصل إلى رسالة الإنجيل: لكي يمتلىء من يسوع، فهم كارلو أن يسوع بين أيدينا، وبفضل الحضور الإفخارستي لا حاجة للبحث عنه في أي مكان في العالم. كان يقول إن هناك طريقًا -بل طريقًا سريعًا خاصًا- خاليًا من الرسوم والازدحامات والحوادث: هذا الطريق السريع هو القربان الأقدس".

 

وختم الكاردينال بارولين بالقول: "في السابع من أيلول الماضي، أُعلنت قداسة كارلو، واليوم، في عيده الليتورجي الأول، نشكر للرب على هذه الهبة العظيمة. فالكثيرون يقصدون هذا المزار الذي يضم رفاته، وآخرون يستقبلون ذخائره: كارلو هو مؤثّر كبير -كما يقول البعض 'مؤثّر من الله'- يجذب الكثيرين إلى طريق الخير. ومع القديس فرنسيس يخاطب العالم من هذا المزار، ويذكّرنا بأننا جميعًا مدعوّون إلى القداسة، وببساطة حياته يعلّمنا أن القداسة ممكنة في كل عمر وفي كل حالة من حالات الحياة".