موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٢٢ ابريل / نيسان ٢٠٢٣
البابا فرنسيس يستقبل المشاركين في الجمعية العامة لدائرة العلمانيين والعائلة والحياة
العلمانيون والخدمة في الكنيسة السينودسية

فاتيكان نيوز :

 

استقبل البابا فرنسيس صباح اليوم السبت المشاركين في الجمعية العامة الثانية لدائرة العلمانيين والعائلة والحياة. ورحب الأب الأقدس بالجميع ووجه الشكر إليهم على ما يقومون به من عمل في مجالهم والذي يتعلق بالحياة اليومية للكثير من الأشخاص، قال البابا، مشيرا إلى العائلات والشباب والمسنين وجماعات وجمعيات المؤمنين، وبشكل عام العلمانيين الذين يعيشون في العالم بأفراحهم ومتاعبهم. وتابع قداسته واصفا الدائرة بالشعبية ودعا الجميع إلى الحفاظ على هذه الصفة التي تعكس القرب من نساء ورجال زمننا.

 

توقف البابا فرنسيس بعد ذلك عند الموضوع الذي اختير محور الجمعية العامة للدائرة، ألا وهو العلمانيون والخدمة في الكنيسة السينودسية. وقال إنه لدى الحديث عن الخدمة يقودنا الفكر فورا إلى الخدام المعروفين في الكنيسة مثل القارئ ومعلم التعليم المسيحي والذين يرتبطون بالعمل الرسمي للكنيسة وبخدمة مَن تتم سيامته وذلك لأنهم يشاركون في ما عليه من واجبات رغم أنهم لا تتم سيامتهم. إلا أن خدمة الكنيسة لا تقتصر على هؤلاء الخدام الرسميين، واصل الأب الأقدس، بل هي أوسع بكثير وتتعلق ومنذ الجماعات المسيحية الأولى بجميع المؤمنين. وأضاف أنه لا يتم التأمل كثيرا في هذا الأمر بينما خصصت دائرة العلمانيين والعائلة والحياة جمعيتها العامة لهذا الموضوع تحديدا.

 

تابع البابا فرنسيس كلمته داعيا إلى التساؤل حول أصل الخدمة في الكنيسة وقال إن بالإمكان تحديد إجابتين على هذا السؤال. الإجابة الأولى هي المعمودية، والتي تعود إليها جذور الكهنوت المشترك لجميع المؤمنين والذي يتم التعبير عنه بالخدمة. وأضاف الأب الأقدس أن الخدمة العلمانية لا تقوم على سر السيامة الكهنوتية بل على المعمودية لأن كل المعمدين هم مؤمنون بالمسيح وتلاميذ له، وبالتالي فهم مدعوون إلى المشاركة في الرسالة التي أوكلها إلى الكنيسة وذلك أيضا بالقيام بخدمات بعينها.

 

الإجابة الثانية على السؤال حول أصل الخدمة العلمانية في الكنيسة، تابع الأب الأقدس، هي عطايا الروح القدس، فخدمة المؤمنين والعلمانيين بشكل خاص تنطلق من المواهب التي يوزعها الروح القدس داخل شعب الله. وقال البابا إنه تظهر أولا الكاريزما التي هي ثمرة تحفيز الروح القدس ثم تعترف الكنيسة بهذه الكاريزما كخدمة مفيدة للجماعة ثم تنتشر خدمة محددة.

 

وانطلاقا مما سبق يتضح بشكل أكبر أن الخدمة في الكنيسة لا يمكن أن تقتصر على الخدمات الرسمية، بل هي تشمل مجالا أوسع بكثير، قال قداسة البابا. وتابع أنه اليوم أيضا وأمام احتياجات رعوية خاصة يمكن للرعاة تكليف العلمانيين ببعض الخدمات بشكل مؤقت، وهو ما يحدث مثلا خلال إعلان الكلمة أو توزيع القربان المقدس. وتحدث البابا فرنسيس أيضا عن إمكانية أن يقوم العلمانيون بمهام ووظائف أخرى كتعبير عن مشاركتهم في العمل الكهنوتي والنبوي للمسيح وذلك لا فقط داخل الكنيسة بل وأيضا في الأوساط التي يعيشون فيها.

 

وأراد قداسة البابا في هذا السياق لفت الأنظار في المقام الأول إلى الاحتياجات الناتجة عن الأشكال القديمة والجديدة من الفقر، وأيضا الاحتياجات المرتبطة بالمهاجرين، والتي تتطلب بشكل عاجل أفعال استقبال وتضامن. وفي هذه الأطر من أعمال المحبة يمكن أن تنشأ أعمال كثيرة تأخذ شكل خدمات بالمعنى الحقيقي للكلمة. وشدد البابا فرنسيس على أن هذه فسحات كبيرة للالتزام للراغبين في أن يعيشوا بشكل ملموس وإزاء الآخرين قرب يسوع الذي غالبا ما يكونون قد اختبروه هم بشكل مباشر. وهكذا تصبح الخدمة، وإلى جانب كونها التزاما اجتماعيا، شهادة مسيحية شخصية.

 

توقف البابا فرنسيس أيضا عند العائلة وأشار إلى تأمل المشاركين في الجمعية العامة للدائرة الفاتيكانية حول التحديات أمام رعوية العائلات، ومن بينها الأزمات الزوجية والمشاكل المتعلقة بالمنفصلين والمطلقين الذين يعيشون علاقات أو زيجات جديدة.

 

هذا وشدد البابا فرنسيس على ضرورة ألا تكون الخدمات والمهام ذاتية المرجعية، وأشار إلى أنها تهدف إلى حمل القيم المسيحية إلى العالم الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، وهذه مهمة يكلِّف بها العلمانيون في المقام الأول، ولا يمكن لعملهم بالتالي أن يقتصر على الكنيسة بدون التزام حقيقي في تطبيق الإنجيل من أجل تغيير المجتمع. ثم تساءل الأب الأقدس عما يجمع أشكال الخدمة التي تحدَّث عنها، وأجاب مشيرا إلى أمرين، الرسالة والخدمة. وقال قداسته إن كل الخدمات هي تعبير عن رسالة الكنيسة الواحدة وهي جميعها خدمة للآخرين. كما وأكد ضرورة أن تنطلق أية خدمة كنسية وأية شهادة مسيحية في الواقع الذي نعيش فيه من عدم التخوف من أن نكون صغارا. فهكذا فقط يمكن لكل معمَّد أن يكتشف معنى حياته وأن يختبر بفرح كونها رسالة.