موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
تم الإعلان عن شفاء أحد قدامى المحاربين في الحرب العالمية الأولى في مزار لورد، باعتباره المعجزة رقم 71 المنسوبة إلى موقع الحج المريميّ. وأعلن رئيس أساقفة أبرشيّة ليفربول في إنجلترا، مالكولم ماكماهون، عن شفاء جون تراينور، الجندي في البحرية الملكية البريطانية، في 8 كانون الأول، الموافق عيد الحبل بلا دنس، وبعد مرور 81 عامًا على لوفاته.
لم تعترف الكنيسة بحالة شفاء في لورد منذ عام 2018.
وكان قد كُلّف رئيس مكتب المراقبة الطبية في لورد، الدكتور أليساندرو دي فرانسيس، بمراجعة حالة تراينور الصحيّة العام الماضي، والتي قام بها طبيب بريطاني وعضو في اللجنة الطبية الدولية في لورد، كيران موريارتي. وقد كشفت تحقيقات موريارتي عن العديد من الملفات في الأرشيف في لورد والتي تضمنت شهادات الأطباء الثلاثة الذين فحصوا تراينور قبل وبعد شفائه، إلى جانب أدلة داعمة أخرى.
وخلص ماكماهون، خلال لجنة قانونيّة عقدت لهذا الشأن، إلى أنه بناءً على الأدلة التي جمعها موريارتي، فإنّ شفاء تراينور كان معجزة بالفعل. وقال: "نظرًا لقوّة الأدلة الطبية، والشهادة على إيمان جون تراينور وتفانيه للسيدة العذراء مريم، فإنه من دواعي سروري الكبير أن أعلن أن شفاء جون تراينور، يجب الاعتراف به باعتباره معجزة حدثت بقوة الله من خلال شفاعة العذراء سيدة لورد".
وأمل رئيس الأساقفة أنه في شباط 2025، وخلال الاحتفال بعام اليوبيل، "سيكون هناك احتفال مناسب في الكاتدرائية لإحياء هذه اللحظة المهمة في تاريخ الأبرشية، ولكي تساعد المؤمنين جميعهم على الاستجابة لدعوة اليوبيل في أن يكونوا "حجاج رجاء".
ولد تراينور في ليفربول بإنجلترا عام 1883. وعلى الرغم من وفاة والدته الإيرلندية عندما كان صغيرًا، فإن شهادة تراينور الشخصية الواردة على موقع المزار تنص على أن "إخلاصه للقداس والمناولة وثقته بالسيدة العذراء مريم قد بقيت معه كذكرى ومثال مثمر". وصف تراينور والدته في الشهادة بأنها "تتناول القربان الأقدس بشكل يوميّ، عندما كان عدد قليل من الناس يفعلون ذلك".
تم حشد تراينور، وهو عضو في احتياطي البحرية الملكية، في بداية الحرب عام 1914. أثناء معركة أنتويرب، أصيب في رأسه بشظايا أثناء محاولته حمل ضابط خارج الميدان. تعافى بسرعة وعاد إلى الخدمة. وفي 25 نيسان 1915، شارك تراينور في إنزال برمائي على شواطئ جاليبولي كجزء من محاولة فاشلة من قبل القوات البريطانية والفرنسية للاستيلاء على شبه الجزيرة المحتلة من قبل العثمانيين. كان تراينور أحد الجنود القلائل الذين وصلوا إلى الشاطئ خلال ذلك اليوم الأول، بعد أن تغلب على هجوم نيران المدافع الرشاشة من قبل القوات العثمانية التي كانت متمركزة فوق ضفاف الشاطئ شديدة الانحدار.
لمدة تزيد عن أسبوع، ظل تراينور سالمًا بينما كان يحاول قيادة التحالف الصغير الذي نجا من الإنزال على تل الرمال. ومع ذلك، في 8 أيار، أصيب تراينور بوابل من رصاصات المدافع الرشاشة في الرأس والصدر والذراع أثناء هجوم. وقد تركته الجروح التي أصيب بها من المعركة مشلولًا في ذراعه اليمنى وعرضة لنوبات الصرع بشكل منتظم. حاول الأطباء إجراء العديد من العمليات الجراحية لإصلاح الأعصاب التالفة في ذراعه وعلاج جروح الرأس التي يُعتقد أنها كانت مصدر صرعه، ولكن دون جدوى.
بعد ثماني سنوات من المعركة التي تركته "عاجزًا تمامًا وغير قابل للشفاء"، كان من المقرر أن يدخل تراينور مستشفى للأمراض المستعصية. وبدلاً من ذلك ذهب إلى لورد. وعلى الرغم من توسلات زوجته وأطبائه والعديد من الكهنة، أصر تراينور على الانضمام إلى رحلة حج نظمتها الرعيّة إلى لورد من ليفربول في الفترة من 22 إلى 27 تموز 1923.
كتب تراينور في شهادته أنه "نجح في الاغتسال تسع مرات في مياه نبع الكهف"، على الرغم من مرضه الشديد في الأيام الثلاثة الأولى من الرحلة ومواجهته مقاومة شديدة من القائمين على رعايته. وفي اليوم الثاني من الزيارة، يتذكر تراينور أنه عانى من نوبة صرع شديدة أثناء نقله على كرسي متحرك إلى مكان الاغتسال. وقال: "كان الدم يسيل من فمي وكان الأطباء في حالة من الذعر الشديد". وعندما حاول الأطباء إعادته إلى مسكنه، رفض تراينور، وسحب فرامل كرسيه المتحرك بيده السليمة. وقال في شهادته: "أخذوني إلى مكان الاغتسال، واحمّموني بالطريقة المعتادة. لم أصب بنوبة صرع بعد ذلك قط".
في اليوم التالي، ذهب تراينور مرة أخرى إلى مكان الاغتسال. وأثناء الاغتسال، تذكر أن ساقيه أصبحتا "مضطربتين بشدة" وشعر وكأنه استعاد استعمالهما. ولأنه كان من المقرر أن يعود لحضور دورة القربان الأقدس، سارع القائمون على رعاية تراينور -الذين اعتقدوا أنه كان يعاني من نوبة أخرى- إلى نقله إلى كنيسة الوردية. وعندما مرّ به رئيس أساقفة ريمس حاملاً القربان الأقدس، "ارتجف ذراع تراينور بشدة"، فمزق ضماداته ورسم علامة الصليب لأول مرة منذ ثماني سنوات.
في صباح اليوم التالي، نهض تراينور من سريره وركض إلى الكهف.
يتذكر تراينور: "لقد علمتني والدتي دائمًا أنه عندما تطلب معروفًا من السيدة العذراء أو ترغب في إظهار بعض الإكرام الخاص لها، يجب أن تقدّم تضحية". "لم يكن لدي مال لأقدمه، حيث أنفقت آخر بضعة شلنات لدي على المسبحة والميداليات لزوجتي وأطفالي. ولكن عندما ركعت أمام السيدة العذراء، قدّمت التضحية الوحيدة التي يمكنني التفكير فيها: قررت الإقلاع عن التدخين".
في صباح يوم 27 من تموز، فحص ثلاثة أطباء تراينور ووجدوا أنه استعاد قدرته على المشي بشكل مثالي، فضلاً عن الاستخدام الكامل لذراعه اليمنى وساقيه. وقد شُفيت القروح على جسده تمامًا وتوقفت نوباته. ومن اللافت للنظر أن الفتحة في جمجمته التي نشأت أثناء إحدى العمليات الجراحية قد "تقلصت بشكل كبير". ويذكر أحد التقارير الرسميّة الصادرة عن المكتب الطبي في لورد في 2 تشرين الأول 1926 -والتي اكتشفها موريارتي لاحقًا- أن "الشفاء الاستثنائي لترينور يتجاوز تمامًا قوى الطبيعة".
وبعد ستة أيام، عاد تراينور إلى ليفربول وسار في الشوارع أمام حشد مبتهج خرج بالمئات. وقد استعاد تراينور قوته إلى الحد الذي جعله قادرًا على إدارة شركة نقل الفحم، وغالبًا ما كان يرفع أكياسًا ثقيلة بسهولة لبقية حياته، كما اختفى صرعه أيضًا. وقد أنجب ثلاثة أطفال، أحدهم طفلة تُدعى برناديت. وهو أول كاثوليكي بريطاني يتم شفاؤه في مزار لورد، بحسب الموقع الإلكتروني للمزار.