موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
الأب بشير بدر، مدير مكتب الزواج وشؤون العائلة في النيابة البطريركيّة اللاتينيّة بالأردن
الأحد الأخير من السنة هو وقت رائع للاحتفال بعيد العائلة المقدسة. فالميلاد هو عيد عائلي بامتياز. وما هو عظيم حقًا في يوم العيد هذا هو أنه يتعلق بأمر يعنينا جميعًا ويمكننا أن نرتبط به بسهولة. إنه ليس موضوعًا لاهوتيًا أو عقائديًا. إنه يتعلق بالأمور الحقيقية التي يتعيّن عليك وعليّ التعامل معها في كل يوم من أيام السنة، وبالتالي عندما نحتفل بالعائلة المقدسة ليسوع ومريم ويوسف، فإننا نحتفل أيضًا بعائلاتنا.
هذا الأسبوع، عشنا أجواء الميلاد العائلية واختبرنا الكثير من الفضائل الإنسانيّة والإيمانيّة بكثير من الحب والفرح. ولكن الحقيقة هي أن هذه الصورة أو الواقع العائلي لعائلاتنا قد يكون بعيدًا عن الواقع. ونحن نعلم جيّدًا أن أسرنا غالبًا ما تفشل في الارتقاء إلى مستوى الصورة التي تتوهج في خيالنا. فأسرنا ليست مثالية، وبصراحة، فإن أغلب الأسر فوضوية بعض الشيء.
اود أن أعبّر عن قربي الإنساني والروحي مع العديد من الأسر التي تعرضت لمآس هذا العام -بعضها لم يكن لها سيطرة عليه- مثل وفاة أحد الأحباء، أو الألم والمعاناة بسبب المرض، أو فقدان الوظيفة. كما عانت أسر أخرى من مآسٍ مثل الانفصال أو البطلان أو الطلاق، أو اغتراب الأبناء والبنات، أو الألم الذي لا يطاق بسبب حالات العنف والعقاب والهجران والصمت والخيانة، والتي كانت نتيجة مباشرة لعدم قيام أحد أفراد الأسرة بكل ما هو ضروري لجعل الأسرة تعمل. هناك مثل إنجليزي قديم يقول: "إن الأمر يتطلب الكثير من العيش لجعل المنزل بيتًا". ويتطلب الأمر منا جميعًا أن نعمل معًا لتحويل هذه المجموعة من الأشخاص المرتبطين ببعضهم البعض إما عن طريق الدم أو الزواج إلى أسرة.
إنّ المرء ليتساءل كيف كان من الممكن أن تكون هذه المواقف مختلفة لو أن كل فرد من أفراد الأسرة استمعوا إلى تحذيرات القديس بولس في القراءة الثانية اليوم: "البسوا اللطف والتواضع والوداعة والصبر والمغفرة، والأهم من ذلك كله، المحبة". كم من هذه المآسي كان من الممكن تجنبها لو مارسنا هذه الفضائل؟
إنّ إحدى الاحتياجات الأكثر إلحاحًا في عصرنا هي أن تسعى العائلات بوعي وبقصد إلى دعوتها لأن تكون عائلة مقدسة. فالعائلات المقدسة لا تنشأ من تلقاء نفسها. إنه شأن نحققه بوعي من خلال عمل كل شخص معًا والمثابرة في الأوقات الصعبة.
إخوتي وأخواتي، لقد أعطاكم الله عائلتكم كهدية وإرث. أنتم مدعوون إلى حبها، وتقديرها، وبنائها باستمرار، حتى لو كانت غير كاملة الآن.