موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر السبت، ١١ يوليو / تموز ٢٠٢٠
أيها الأنسان أي قلب أنت؟

الأب باسيليوس محفوض - لبنان :

 

من أهم الامور التي تخص الانسان المسيحي الحقيقي والتي تساعد على الخلاص ويجب ان يلتزم بها وينفذها هي أن يسمع الكلمة الإلهية، والتي يطالبنا بها السيد المسيح اليوم  من خلال الكتاب المقدس. إذ يقول القديس بولس: صادقة هي الكلمة ومستحقة كل القبول. إذا السماع لكلمة الرب يسوع ضرورية، ولكن لا تكفي للخلاص لوحدها، وإنما الحاجة الضرورية لان يترجم هذا السماع إلى فعل، أي عمل يأتي بثمر كثير

 

يعرض المقطع الإنجيل (مثل الزارع، إنجيل القديس متى: 13: 1-23) علينا نماذج عدة أو أنواع مختلفة من البشر الذين سمعوا الكلمة الإلهية، ويظهر أيضًا تفاوت التزامهم بها. وترك لنا الخيار بأن نحدد نحن الخيار من أي صنف أو من أي نوع نكون. يقول لنا بأن هناك الكثير من المسيحيين سمعوا الانجيل، أي بشروا بالكلمة الالهيةأ أي بيسوع المسيح، ولم يطبقوا ما سمعوا وآمنوا به. اذ يعرض المسيح من خلال هذا المثل نماذج من الايمان المختلف عند المسيحيين.

 

إذ يختم المسيح المثل الذي سمعناه الان بالقول من له أذنان للسمع فليسمع.

 

وكأنه يريد ان يخاطب كل واحد منا سائلا اياه ما نوعية ارضك اي قلبك، اي ايمانك؟ ما هي درجة قبولك للإيمان بالكلمة الالهية والالتزام بها؟ اين تزرع هذه الكلمة فيك. الفكرة الأساسية، إذاً، في هذا المثل هي: ان يسوع يزرع كلام الله في القلب، كما يزرع الفلاح الحبَ في قلب الارض. وكما ان انواع عديدة مختلفة من الارض، فكذلك قلب الانسان، فهناك القلب الطائش، القلب السطحي، القلب المختنق بهموم الحياة والقلب الطيب.

 

فمن أي قلب أنا؟ من أي نوع؟ المسيح جاء الينا لأجلنا وزرع فينا الزرع الالهي اي كلام الله الذي هو مكتوب في الكتاب المقدس ونحن آمنا بهذا الكتاب. ولكن هل دخل هذا الزرع قلبنا ودخل الارض الطيبة واعطت ثمارا ام لا؟. لذلك هناك مسيحيون قلوبهم طائشة سمعوا من يسوع في الانجيل كلام الله ولكن لم يفكروا به ولا تأملوا في معانيه ولا اهتموا لأخرتهم الابدية وليس عندهم حياة روحية إن مثل هذا القلب الطائش يسمح للشيطان ان ينزع منه الايمان والاخلاق فتنقلب حياته وتصبح فارغة وملوثة بالخطايا .فمثل هذا القلب لا يحمل معه الى الابدية اي عمل صالح يشفع فيه يوم الدينونة.

 

هناك ايضا قلوب مسيحية قلبها سطحي مثل الارض محجرة. ان هذه القلوب تشبه ارض التي ينتشر على وجهها تراب رقيق يخفي تحته الصخر القاسي فلا يوجد عمق لأجل زراعته .فسرعان ما يموت الزرع ،اذ لا يوجد فيها مكان يتأصل فيه اي يشرّش فلا يأتي  ثمر من هذا النوع من الارض .هكذا الانسان ذو القلب السطحي وبدون حياة ونمو روحي، فسرعان يموت بدون ان يقوم بأعمال صالحة تفيده للحياة الابدية.

 

اما النوع الثالث هو القلب المختنق بهموم وملذات الحياة  الدنيا، ان صاحب هذا القلب كان في ايام صباه مسيحيا تقيا ولكن اغراءات العالم الفاسد انهالت عليه فلم يعد يقاومها بل انغمس فيها ،واصبحت اشواكا حادة خنقت كلام الله الذي زرع فيه، فقض حياته دون ان يحمل معه عند الموت اعمالا صالحة.

 

اما النوع الاخير الذي تحدث عنه يسوع هو القلب الطيب، التي قبل كلام الله. هذا هو القلب المسيحي الحقيقي الصادق الذي احب الله حبا صافيا، وبقي ثابتا على حبه وايمانه وتقواه على الرغم من التجارب والاغراءات .كانت حياته مليئة بالفضائل طاعة لله وحبا لإخوته البشر المحتاجين. فتلك القلوب الطيبة هي مثل الحبة التي وقعت في الارض واثمرت. ان هذه القلوب المحبة هي افضل القلوب واقربها لله ،اذ أن اصحابها قد اعطوا المجال لنمو كلام الله فيهم وخضعوا كاملا لإرادته.

 

أخيرا يطرح المقطع الإنجيلي اليوم او المثل علينا سؤال: من أي نوع قلبنا؟ أهو قلب طائش ام سطحي ام متلذذ بالحطام الدنيا ام قلب طيب. ارجو ان تكون قلوبنا طيبة. هذا يعني اننا صالحين لان تنبت فينا الكلمة التي يزرعها ويلقيها الرب في العالم من خلالنا ومن خلال قلوبنا الطيبة.