موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
اليوم الموافق الاحد 17-9-2017 تبلغنا وباسف بالغ وحزن عميق رحيل رجل قدم للكنيسة العراقية في الاردن كل ما يستطيع ووقف مع اهله وابناء وطنه النازحين من الموصل وقرى سهل نينوى بعد ان غدرهم الغادرون، وبعد ان حملوا صليبهم المجروح وغادروا مدينتهم مدينة الكنائس والاديرة تلك المدينة التي انجبت الخوري عمانوئيل البنا واشقائه الاخرون اللذين نذروا انفسهم لخدمة الكنيسة والسيدة العذراء. رحل وترجل عنا ذلك الرجل المؤمن الذي عرفته في الشدائد والملمات وتقربت اليه من خلال عملي في تقديم العون والدعم للنازحين برفقه عدد من الاخوة والمحبين لكنيسة العراق بعد ان الغينا من قوائمنا ومن ملفاتنا كل ما يعكر صفوة المحبة في ان نكون اولا مسيحيين، وثانيا مسيحيين، وثالثا مسيحيين، ولم نلتفت الى من يدعي الطائفية والتفرقة المقيتة. بل وضعنا في رسالتنا ان نقدم العون والمساعدة والدعم لكل مهجر ونازح وبهذا كان يجتمع عند المرحوم الاب الخوري عمانوئيل البنا جميع رجال واباء كنيستنا العراقية بغض النظر عن الطائفة التي يحاول البعض من المرضىان يضع التفرقة بين طوائفنا وبين ابناء السيد المسيح. واليوم عندما ترجل هذا الفارس المسيحي الملتزم بتعاليم السيد المسيح أصبحنا جميعا في ذهول ووحشة، فالالم يعتصرنا جميعا وخاصة ونحن بعيدن لفترة قصيرة (عن بلدنا الثاني الاردن هذه الايام). الاردن بلد الامن والامان هذا البلد الذي احتضننا جميعا وحما ابنائنا النازحين بالاف وقدم لهم كل ما يمكن تقديمه. وكان للاب والاخ والصديق الخوري عمانوئيل الدور المميز في دعم ومساعدة النازحين بجميع طوائفهم بعيدا عن الطائفة والمذهب بل وضع في قلبه حب العراقيين جميعا واواهم وسندهم وقدم لهم كل ما يمكن وفتح ذراعيه لكي يحتضن المتالم والمجروح والنازح فقد كان عشقه هو الوقوف مع النازحين وعالمه الكبير هو الم هؤلاء النازحين الذين غدر بهم المجرمين والقتله من الدواعش اللذين دمروا الحجر والبشر، وكان كلما التقيته في كنيسته التي بناها وسهر على بنائها وحاول كل ما يمكنه لاعلاء شأن هذه الكنيسة من خلال عمله الدؤوب في ترتيب البيت المسيحي العراقي في الاردن كان يؤكد لي انه يتالم ومجروح بسبب وجود هؤلاء النازحين المعذبين خارج بلدهم وانه على استعداد ليفعل اي شيء لمعاونة هؤلاء النازحين. وكان كلما التقى بالاباء الكهنة الاب زيد حبابة والاب زهير ككي والاب شاموئيل وبحضوري لكي نناقش كيفية رفع الحزن عن هؤلاء النازحين ومساعدتهم يبدي لنا المه وحزنه على ما يجري لهؤلاء النازحين، وكم عمل هذا الاب الفاضل الخوري عمانوئيل في عشق الايمان وبذل من اجل ايمانه الغالي والنفيس متنقلا من بيت الى بيت ومن قاعة الى اخرى في سبيل رفع دمعة ام او طفل مهجر ونازح من وطنه ليترك لهم الابتسامة والفرحة في عيونهم. وكم عمل هذا الرجل بهمة وجهد واخلاص وتفانٍ منقطع النظير، يصل الليل بالنهار، ويسترخص جهده ومرضه لكي يهتم بهذا النازح وذلك المهاجر المريض أو المعوز. ورغم المه ومرضه ففي احدى زياراتنا له وهو يرقد على فراش الشفاء في المستشفى العربي في الاردن، برفقة الاب الفاضل زيد حبابة، وبتلك الزيارة وجدناه يتسامى على الالم ويسالنا عن النازحين والامهم ومعاناتهم وحاجاتهم بروح حديدية وبقلب جسور يملؤه الايمان بالسيد المسيح، وكان حلمه الكبير ان يعود النازحين الى ارضهم ووطنهم والا يتالم احد منهم؟ نم قرير العين ايها الاب الصالح. نم قرير العين ايها الاب المضحي من اجل ايمانه ومسيحيته. نم قرير العين ايها الاب الذي ابكيتنا لفراقك الغالي. نم قرير العين في عليين مع الملائكة والقديسين لانك افنيت روحك ودربك من اجل مسيحيتك ومن اجل شعبك المسيحي دون تحديد ودون تفريق. وكم هي امنيات ان يكون الباقين من حملة الصليب هم بمستواك وقلبك وحبك للمسيحيين دون تمييز او تفريق. نم قرير العين ايها الاب النبيل فلن تنساك الانسانية وسوف تخلد ذكراك رحم الله الاب الخوري عمانوئيل البنا، والصبر والسلوان لمحبيك. خسارة كبيرة لكنيستنا المسيحية. سنذكرك دومًا ويذكرك التاريخ. فأنت افضل منا جميعا. تعازينا لمحبيك ولاهلك ولعائلتك. الوداع ايها الاب الرحوم العطوف.