موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
في بادرة انسانية رائعة لرئيس وزراء أوروبي، وهو رئيس وزراء فرنسا، السيد مانويل فالس، الذي قام اليوم بزيارة ابناء العراق الاصلاء الذين تم تهجيرهم من ارضهم ووطنهم بقوة الكراهية والتخلف تلك القوى الاجرامية التي قامت بطرد اصحاب الارض الذين سكنوها قبل الاف السنين ليطردونهم ويقتلعونهم من جذورهم لتبقى اليوم مدينتهم ظلماء تبكي اهلها، الذين غادروها عنوة فجاء من تألم لهم من البعيد من فرنسا ليزورهم ويرفع من معنوياتهم ويمسح تلك الدمعة المتألمة من عيون ابناء العراق الاصلاء اطفالا ورجالا ونساء. اليوم كنا في حضور لهذا الرجل الانسان الذي أدمعت عيناه عندما وجد هؤلاء الاطفال اللذين رنموا بتراتيل المحبة والسلام في ارض السلام التي احتضنتهم ورعتهم واسبغت عليهم الحنان بعد ان فقدوا ذلك الحنان من ارض اجدادهم، وحتى حكامهم الذين تخلوا عنهم في وقت هم احوج اليه بان يقفون مع المظلوم. ولكن راح البعض من ابناء جلدتهم من المسؤولين عن دولتهم يزيدون ايلامهم وعذاباتهم بحرمانهم من حقوقهم وقطع رواتب موظيفهم وحقوق عوائلهم؟ عوضاً ان يقوموا برعايتهم؟ فجاء من يرفع الالم عنهم الغريب من بعيد، بعد ان تخلى عنهم القريب من رؤساء بلدهم الذين يجولون حول العالم ولم تتحرك فيهم قيم الانسانية لكي يقومون بزيارة لهؤلاء الاصلاء ويستمعوا الى معاناتهم وحوائجهم. واذكر قبل اكثر من عشرة اشهر جاء احد المسؤلين الكبار من العراق ليزور هؤلاء النازحين اللذين تواجدوا في الاردن بمكرمة اردنية هاشمية اصيلة وزار هؤلاء النازحين اللذين تراح عددهم بحدود 8500 نازح سكنوا قسم منهم في قاعات الكنائس والقسم الاخر في كرافانات موضوعة في عراء الحر والبرد. فوقف مبهورا بكلماتهم وعتابهم على وطنهم الام الذي تخلى عنهم. فلم يكن بهذا المسؤول إلا ان تبرع بمبلغ صدم الجميع وجعلهم يتندمون من استقبال هذا الزائر الذي منح هؤلاء الـ8500 نازح مبلغ قدره 4000 دولار نعم اربعة الالف دولار، لكي يكسيهم ويطعمهم ويؤويهم. هكذا هم حكامنا اليوم، بينما ياتي رئيس لا يعرف لغتنا ولا يعرف تقاليدنا وغريب على قيمنا ويقف بين هؤلاء النازحين ليقول وبكل جراة ويدعو ويقدم الدعم لهؤلاء النازحين. كما ويقف بكل جراءة ليقول انه سيدعم ويساعد هؤلاء النازحين، بل ويطالب بوقفة جريئة وانسانية لدعم هذا البلد الاردن الذي استقبل هؤلاء النازحين، الذين رعتهم كنيسة الاردن الغالية، ومن خلال منظمة الكاريتاس التي بذلت وتبذل كل ما يمكنها لمساعدة هؤلاء النازحين، لأن الانسانية متجذرة بهؤلاء الاخوة والاصدقاء. كما تكلم السيد رئيس الوزراء الفرنسي، وبكل جراءة، وطالب المجتمع الدولي بدعم ومساندة لهؤلاء النازحين ايضاً، لتوفير ما يمكن توفيره من علاج ودواء واسكان وغذاء لهم. ولم يكتفي رئيس الوزراء الفرنسي فالس بلقاء هؤلاء النازحين بل اصر على ان يجول في غرفهم واماكن اقامتهم ليطلع بنفسه على ظروف معيشتهم وما يعانوه من اوضاع نفسية واجتماعية بعد ان كانوا يعيشون في بيوتهم العامرة التي سلبتها منهم القوى الظلامية التكفيرية بالرغم من انها ارضهم، هذه الارض المباركة التي كانت منبع الاديان. اليوم الاثنين عندما حضرت مع عائلتي هذه الزيارة واطلعت على الاحاسيس الانسانية لهذا الرجل الذي جاء عبر الالف الاميال ليلتقي بهؤلاء المعذبين رافقني حزني الكبير على وطني العراق، بلد الاصالة، بلد الخيرات، الذي تنصل من يقوده اليوم عن مساعدة ابنائه الاصلاء، فجاء من يساعدهم من الذي يسمونهم اغراب عن الارض والوطن. ولكن هذا الاحساس يدعوني أن أقول أن الاغراب هم من مسح دمعة طفلة باكية على وطن مسلوب وطن تخلى عن ابنائه فجاء من يرسم البسمة على شفاه الأطفال وعلى هؤلاء المعذبين. وأكثر إيلاماً لنا جميعاً عندما تقدم النازحون ليقدموا هدية متواضعة إلى رئيس الوزراء السيد فالس وهي عبارة عن لوحة فنية تحكي قصة عذاب النازحين وهجرتهم من مدينتهم وارضهم، رسمها أحد الشباب من النازحين، والتي تعبّر عن اسى وحزن عميق لفراق الارض واسماها (لوحة التهجير) من الوطن الأم الوطن الذي تخلى عن أبنائه وجاء من يرفع عنهم الظلم بكلمته وحنانه. كم كانت امنية كبيرة من القلب ان يحن على ابناء الوطن قادته، وليس كما يقولون غربائه، الذين اصبحوا اليوم أقرب إلى القلب من الآخرين. ألف تحية لإنسانية الغرباء ومحبتهم للسلام. محبة من القلب للبلد الذي احتضن بحنانه هؤلاء النازحين وألف تحية وتحية لمن خطط وعمل على زيارة هذا الغريب؟ الى اهله الجدد؟ وقلوب محبيه الغرباء؟