موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
«ما لَنا وَلَكَ يا يَسوعُ ٱلنّاصِرِيّ؟ أَجِئتَ لِتُهلِكَنا؟ أَنا أَعرِفُ مَن أَنت: أَنتَ قُدّوسُ ٱلله»
كان وراء اختيار أبوينا الأوّلين المعصيةَ صوتٌ مُغرٍ معارضٌ لله يحملهما، حسدًا، على السقوط والموت. إنّ الكتاب المقدّس وتقليد الكنيسة يريان في هذا الكائن ملاكًا ساقطًا يُدعى شيطانًا أو إبليس. فالكنيسة تُعَلِّمُ بأنّه كان أوّلاً ملاكًا صالحًا من صُنع الله: الشيطان وسائر الأبالسة خلقهم الله صالحين في طبيعتهم، ولكنّهم هم بأنفسهم انقلبوا أشرارًا.
والكتاب المقدّس يذكر لهؤلاء الملائكة خطيئة. وهذا "السقوط" كان باختيارٍ حُرٍّ لهؤلاء الأرواح المخلوقة، الذين رفضوا رفضًا باتًّا وثابتًا الله وملكوته. وإنّنا نجد إشارةً إلى هذا العصيان في أقوال المجرِّب لأبوينا الأولين: "تصيران كآلهة" (تك 3: 5). ويقول الكتاب في مكانٍ آخر: "إِبْليس خاطِئٌ مُنذُ البَدْء" (1يو 3: 8)، وهو "أبو الكذب" (يو 8: 44). إنّ ميزة الاختيار الثابت للملائكة -وليس تقصيرٌ من الرحمة الإلهيّة غير المتناهية- هي التي جعلت خطيئتهم غير قابلة الغفران. "فلا ندامة لهم بعد السقوط، كما أنّه لا ندامة للبشر بعد الموت"
الكتاب المقدّس يُثبت الأثر المشؤوم للذي يقول الرّب يسوع بأنّه "كانَ مُنذُ البَدءِ قَتَّالاً لِلنَّاس" (يو 8: 44)، والذي حاول أن يحوّل الرّب يسوع نفسه عن الرسالة التي تقبّلها من الآب. "وإِنَّما ظَهَرَ ابنُ اللهِ لِيُحبِطَ أَعمالَ إِبْليس" (1يو 3: 8). وأفظع نتائج أعماله كان الإغراء الكاذب الذي جرَّ الإنسان إلى عصيان الله.
ولكنّ مقدرة إبليس ليست غير متناهية. إنّه مُجرّد خليقة، قديرة لكونها روحًا محضًا، ولكنّه لا يخرج عن كونه خليقة: لا يستطيع أن يمنع بناء ملكوت الله.