موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
بعد تسعة أشهر من الاحتفال بعيد الحبل بها بلا دنس في 8 كانون أوّل من كلّ عام، تحتفل الكنيسة الكاثوليكية في الثامن من أيلول بميلاد سيّدتنا مريم العذراء.
ومن الضروري التركيز على النعمة التي حظيت بها سيّدتنا مريم العذراء وهي أنّها أجمل ما خلقه الله، وأنّ سبحانه تعالى قد صانها من مسّ الخطيئة الأصليّة ومن كلّ عيب. وهي أعظم امرأة في الوجود، وأعظم من الملائكة. "المصطفاة فوق نساء العالمين". ولم يمسّها الشيطان حينما وُلِدت. خطّط الله منذ الأزل أن تكون أمًّا لكلمته المتجسّدة، فأرادها مسكنًا طاهرًا يليق به وهيكلاً مقدّسًا محفوظًا وبريئًا من وصمة الخطيئة الأصليّة والفعليّة، وهي "الجنّة المقفلة والبئر المختومة" التي أشاد بها النشيد... وفي قديم الزمان سبق الأنبياء وتنبّأوا عنها أنّها عذراء حتّى بعد حملها: "ها إنّ العذراء تحبل وتلد ابنًا" (أشعيا 8: 8 و10 و14). ولعلّ صيغة التعريف في لفظة "العذراء" تدلّ على وضعها النهائي وإلاّ لقال النبيّ: "ها إنّ عذراء تحبل وتلد...".
في إطار عبادة الإله الواحد، هناك صيَغ كثيرة لإكرام مريم العذراء في الطقوس الشرقيّة من سريانية وقبطية ومارونية وبيزنطيّة وأرمنية وكلدانية وأشورية وسواها. وكلّهم في ذلك يحقّق النبوءة الإنجيليّة المريميّة: "ها منذ الآن تطوّبني جميع الأجيال" (لوقا 1 : 47 وتابع)! كما أنّ مؤمني الكنائس الشرقية يشتركون أحيانًا وعن طيب خاطر في صلوات الشهر المريميّ الأغرّ لدى الكنيسة الغربيّة، في شهر أيار.
كمٌّ كبير من آباء الكنيسة والقدّيسين يكنّون للسيّدة مريم العذراء محبّة واحترامًا شديدَين. ويكتب القدّيس غريغوريوس العجائبي: "اختارت النعمة مريم العذراء دون سواها من بين كلّ الأجيال لانّها في الحقيقة برهنت على رصانتها في كلّ الأمور وما من امرأة أو عذراء مثلها على مرّ العصور".
إنّ الصلاة المؤثّرة التي ألّفها القدّيس توما الأكويني تنمّ عن ورعه ونبوغه، وقد تحوّلت إلى ترتيلة شهيرة : "أيّتها البتول مريم الممتلئة نعمة وتطويبًا وعذوبة، إنّني أستودع رأفتكِ ذاتي ونفسي وجسدي وأفكاري وأعمالي وحياتي وموتي. فساعديني يا سيّدتي وقوّيني على الصّعاب والتّجارب. واستمدّي لي الحبّ الحقيقيّ الكامل الّذي به أحبّ من كلّ قلبي ابنك الحبيب يسوع المسيح سيّدي. وبعد حبّي له، أحبّكِ إيّاكِ يا سلطانتي، فوق الكلّ. فاجعليني يا أمّي، بوجاهتك كليّة الاقتدار لدى المخلّص ابنك، أثبتُ في هذه المحبّة، حتّى إذا فصلني الموت عن هذه الحياة، تقودين أنتِ نفسي إلى الفردوس السّماويّ. آمين"
خاتمة
تحتفل الكنيسة أيضًا بعيدَي: اسم مريم المقدّس في 12 أيلول، وأحزان مريم في 15 أيلول.
وبشفاعتك يا أمّنا مريم العذراء، نرجو أن تُكثّفي من تضرّعاتك لأجلنا كي يتخلّص العالم أجمع من هيمنة الشيطان. حتّى لو أخبركِ المسيح بأنّ ساعته لم تأتِ بعد لمجيئه الثاني، لأنّه سوف يستجيب لطلبك ويُكرمك ويُغيّر الميعاد الذي حدّده إن شاء الله...