موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
والد يوحنا هو زكريا النبي ووالدته هي أليصابات وكلاهما من أسباط بني إسرائيل وتحديدًا من السبط الذي أوكل إليه حسب رواية العهد القديم منذ أيام النبي موسى شؤون الخدمة الدينية للأسباط وهو سبط اللاويين، وكانت مهام السبط تشمل خدمة تابوت العهد وبعد أن شيد النبي سليمان هيكل بيت المقدس أوكل إليهم خدمته أيضًا وبشكل احتكاري، بحيث يورث الآباء مهنتهم للأبناء وقد كانت عادة كل سبط أن يقسم بدوره إلى مجموعة من الفرق، بحيث تشكل كل فرقة من ذرية أحد شيوخ السبط، وبحسب إنجيل لوقا فإن يوحنا ينتسب لفرقة أبيا (لوقا 1\5).
أما أليصابات فهي بدورها من سبط لاوي، إذ يشير إنجيل لوقا أنها من ذرية هارون شقيق موسى النبي، ومن المعروف أن سبط اللاويين إنما هو ذرية النبي هارون، حسب ما جاء في رواية سفري الخروج والعدد، غير أنه صمت حول فرقتها (لوقا 1\5). وسبب تقسيم سبط اللاويين بنوع خاص إلى فرق يعود لكثرة عددهم، فخلال عهد الملك هيرودس كان يوجد نحو عشرين ألف كاهن في كل أنحاء البلاد، وهو عدد ضخم من أن يتمكن معه كل الكهنة من الخدمة في الوقت نفسه، ولذلك تم تقسيم الكهنة إلى أربع وعشرين فرقة منفصلة قوام كل فرقة بين 800 و1000 كاهن وذلك حسب تعليمات مذكورة في سفر أخبار الأيام الأول.
وعن حياة هذه العائلة يقول الإنجيل: "وكان كلاهما بارين أمام الله، يسلكان في وفقًا لوصايا الرّب وأحكامه كلها بغير لوم" (لوقا 1\6)، غير أنّ أليصابات كانت عاقرًا وهي وزوجها متقدمين في السن. وفي المجتمعات الشرقية القديمة ومنها المجتمع اليهودي فإن قيمة المرأة كانت تقاس بمقدار قدرتها على إنجاب الأطفال، ولذلك فإنّ التقدم في السن بدون إنجاب غالبًا ما يؤدي إلى مشكلات شخصية وعار اجتماعي، إلى جانب ذلك كان ينظر إليه كمصاب من قبل الله، لعدم صلاح العائلة. ما يشكل -من وجهة نظر المجمع- سببًا إضافيًا لمزيد من النبذ والعزلة. وبالتالي تنطوي آية إنجيل لوقا على تنفاض من وجهة نظر المجتمع آنذاك: "وكان كلاهما بارين أمام الله، يسلكان وفقًا لوصايا الرب وأحكامه كلها بغير لوم، ولكن لم يكن لهما ولد، إذ كانت أليصابات عاقرًا وكلاهما قد تقدما في السن كثيرًا" (لوقا 1\5-6)، وبالتالي فإن إنجيل لوقا يحاول أن يظهر أن ما قد يعتبر تناقضًا في الظاهر لا يمكن أن يحتمل تناقضًا حتميًا من وجهة نظر الله.
وبينما كان زكريا يحرق البخور "ظهر له ملاك من عند الرّب واقفًا عن يمين مذبح البخور" (لوقا 1). ويكشف إنجيل القديس لوقا على لسان الملاك أنه جبرائيل، هو نفسه الملاك الذي نقل بشارة حمل مريم العذراء. أما ردة فعل زكريا فقد كانت الخوف الشديد، لذلك طمأنه الملاك: "لا تخف يا زكريا، فإن طلبتك قد سُمعت، وزوجتك أليصابات ستلد لك ابنًا".
أخبر الملاك ما يجب أن يسمى به الطفل عندما يولد "وأنت تسميه يوحنا" (لوقا 1\13)، وتابع الملاك بأن مولد يوحنا سيسبب الفرح والابتهاج ليس فقط لأسرته بل "سيفرح الكثيرون بولادته" (لوقا 1\14) وذلك كما يقول الملاك في إنجيل لوقا لأنه سيكون ممتلئًا من الروح القدس، "منذ أن يكون في بطن أمه"، ولأنه "سيرد الكثيرين من بني إسرائيل إلى الرب إلههم"، ولأنه "سيكون له روح إيليا وقدرته" فيردّ "العصاة إلى حكمة الأبرار" وبالتالي فهو "عظيم أمام الرب" إذ "يهيئ له شعبًا معدًا".