موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
عدل وسلام
نشر الأحد، ١٦ فبراير / شباط ٢٠٢٥
مواقف ملكية ثابتة في رفض مخططات التهجير والتصفية وتأكيد الثوابت الأردنية

د. طلال ابو غزالة :

 

لدي خمس ملاحظات للرد على كل من أساء فهم الموقف الذي أعقب لقاء جلالة الملك مع الرئيس الأمريكي يوم الثلاثاء الفائت، أقول أساء فهم الموقف جهلا أو بقصد سيء.

 

1. للقاءات التي تتم على مستوى القمة قواعد وأصول معروفة، وتتم مراعاتها بدقة ويتم الاتفاق على تفاصيلها مسبقا. ومن الواضح أنه لم يتم الاتفاق في الحالة التي نتحدث عنها عن عقد مؤتمر صحفي. ما حدث أن جلالة الملك وجد نفسه فجأة أمام حشد من الصحفيين يوجهون وابلا من الأسئلة للرئيس الامريكي فيما يشبه التظاهرة الإعلامية التي خرجت كليا عن طور المناسبة متضمنة مهاترات وتصريحات لا علاقة لها بالقانون الدولي أو قواعد العلاقات بين الدول ولا بالمنطق أولا بالزيارة ولا حتى بأصول الضيافة.

 

2. من الطبيعي في هذه الحالة أن يجد الضيف نفسه، أي جلالة الملك، في وضع حرج. وهذا ما عبر عنه جسديا، حيث لم يكن مضمون الحديث يسمح بحوار عقلاني هادئ، لذا آثر جلالته الصمت والترفع عن الانجرار في مبادلات نافية لذاتها، كونها تكرار لتصاريح سابقة، رفضها جلالة الملك ورفضتها الدول العربية ورفضها الفلسطينيون، ورفضتها معظم دول العالم، ورفضتها الهيئات والمنظمات الدولية، وسخرت منها وسائل الإعلام العالمية والأمريكية وحتى الإسرائيلية لبعدها عن الواقع واستحالة تطبيقها وعدوانيتها وتنكرها لكل قواعد التعامل القانوني بين الدول.

 

3. مع أن المفروض في مثل هذه الحالات أن توجه الأسئلة للضيف، كما للمضيف، إلا أن أكثر الأسئلة كانت توجه للرئيس الأمريكي، أكثرها استهجانا لتصريحاته الخيالية حول غزة والاستيلاء عليها، وتهجير أهلها. ولم يشعر جلالة الملك أنه ملزم بما كان يقال. فهو كان قد وضع موقفه أصلا من موضوع التهجير في اللقاء الذي سبق المؤتمر الصحفي مع الرئيس الأمريكي، وكان قد أعلنه مكرّرا قبل ذلك، معبرا عن رفضه ورفض الشعب الأردني مباشرة ومن خلال البرلمان ومجلس الاعيان وكل مكونات المجتمع الأردني للتهجير ولأي مساس بالحقوق الفلسطينية والقانونية.

 

لم يكن هنالك اي مجال للتساؤل او التشكيك في موقف جلالة الملك او موقف الأردن من رفض التهجير والدعم المطلق للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في الصمود على ارضه واقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني.

 

4. رد جلالة الملك باقتضاب وهدوء وبالتزام واضح بأصول الحوار على السؤال الذي وجه اليه حول موقفه مما سمع قائلا إن الرد سياتي بعد الاجتماع العربي المخصص للموضوع والذي دعا اليه سمو ولي العهد السعودي والذي سينقله الرئيس المصري لواشنطن. من الواضح أن جلالة الملك لم يشعر انه كان بحاجة لإعادة توضيح موقف الأردن من مسألة التهجير لأنها واضحة وجلية ومعروفة لكل متابع. ولكنه احتراما لأشقائه القادة العرب ما اراد أن يستبق نتائج القمة المرتقبة التي كان سياتي بها الرئيس المصري لواشنطن، وقد تبين فعلا أن هناك مقترح عربي تجري من?قشته بين الدول العربية حول إنهاء الحرب العدوانية على غزة والضفة الغربية وإعادة الإعمار دون الحاجة لإبعاد فلسطيني واحد من غزة خلال عمليه الإعمار باستثناء الحالات الإنسانية العلاجية الملحة والتي بحاجة للعلاج خارج غزة، التي دمّر العدوان الصهيوني كل مرافقها الطبية - بل كل شيء فيها.

 

مثل الحالة التي اشار اليها جلالة الملك باستقبال الفي طفل للعلاج في الأردن، ليس لتهجيرهم، بل لعلاجهم ثم إعادتهم لوطنهم كما كافة الحالات العلاجية. وقد درج الأردن على مدى العقود على استقبال مثل هذه الحالات من غزة اضافة للمستشفيات التي اقامها في قطاع غزة وشحنات الأدوية المتواصلة اليها.

 

5. يكفي أن يشهد كل مغرض وكل مصطاد في الماء العكر الإجماع الأردني على دعم مواقف جلالة الملك والالتفاف حول قيادته الحكيمة، تلك المواقف المشرفة والصارمة والتي لن تساوم يوما على حقوق الشعب الفلسطيني ولا على الثوابت الأردنية لأي سبب كان. وها هي الدعوات من كل بيت أردني للإشادة بمواقف جلالته الثابتة والصارمة والدعوات للتواجد في المطار لاستقبال جلالته لدى عودته من تلك المهمة الوطنية الكبيرة وما هي إلا بعض فصول المسيرة التي لم تتباطأ منذ تولي جلالته سلطاته الدستورية حتى يومنا هذا.