موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأحد، ٣٠ ابريل / نيسان ٢٠٢٣
مع إطلالة شهر أيار

أشخين ديمرجيان :

 

مع اطلالة شهر ايار الشهر المكرّس لإكرام أمّنا مريم العذراء نقول: خلق الله في مريم العذراء نفساً مملوءة من النعمة، تلك النعمة التي وجّهت كيانها كلّه نحوه تعالى منذ اللحظة الأولى لوجودها. أي أنّ نفس مريم أمّ النور كانت قدّيسة طاهرة على قدر ما تستطيع خليقة أن تكون. وهذا هو معنى تحيّة الملاك جبرائيل: "السلام عليكِ يا ممتلئة نعمة الربّ معك، مباركة أنتِ في النساء" (لو 1 :28). وهذا الامتياز لمريم كان تهيئة لأمومتها الإلهيّة، اذ ولدت ابن الله المتجسّد. وبمقارنة آباء الكنيسة مريم بحواء، يسمّون مريم أمّ الأحياء (إبيفانوس). ويُصرّحون مراراً: "على يد حواء كان الموت، وبمريم كانت الحياة" (إيرونيموس). "وما ربطته حواء بقلّة إيمانها، حلّته مريم بإيمانها" (إيريناوس).

 

ومن هنا إكرامنا لمريم العذراء التي كانت وستبقى رمز الطهر والقداسة والتواضع، تغنّى بها عيون الشعراء والكتّاب والقدّيسين والمؤمنين فأبدعوا، وكتبوا عنها بإسهاب كلمات لا أحلى ولا أبهى! أطلقوا عليها أجمل الألقاب للتعبيرعن مدى إكرامهم لها كما ورد في طُلبة العذراء مريم في الطقس اللاتيني، ولتفسير مزاياها السامية وأجملها: "المباركة في النساء وأمّ النور"... ولإبراز صفاتها السامية ومنها: "الممتلئة نعمة، أمّنا، سبب سرورنا"... ولإظهار عظمتها الفريدة فهي "سلطانة السماء والأرض، الملكة، ثيوتوكوس" ولتَبيان دورها العظيم! كيف لا؟ وهي "الشفيعة" لا لنيل الخلاص بل للحصول على نِعَم ثانويّة، و"ملجأ الخطأة"، و"معزّية الحزانى .

 

هناك ألقاب كثيرة وردت في العهد القديم ومنها: "العذراء، باب الحياة، قدس الأقداس، نهر مـاء الحيـاة". وكلّها تعكس نبوءات ورموزاً عن السيدة البتول. وألقاب أخرى وردت في العهد الجديد من الكتاب المقدّس، على سبيل المثال: "أتاها الربّ فضلاً عظيمًا، أمّ المسيح، تطوّبها جميع الأجيال، سلطانة الرسل، دائمة البتوليّة" وغيرها كثير...

 

في رؤيا قال السيّد المسيح للقدّيسة "بريجيت": "قلبي وقلب أمّي قلب واحد". وهذا نداء للمؤمنين أن يقدروا سيّدتنا مريم حقّ قدرها فهي أمّ المحبّة اللامتناهية تمنحه لجميع مَن يلتجىء إليها ويثق بها. وتقودنا إليه تعالى رجاء نفوسنا وبلسم جراحنا والشعاع الذي يضيء ظلمات حياتنا .

 

والقدّيس غريغوريوس أسقف قيصرية وصانع العجائب ، يفسّر لنا سبب اختيار النعمة الإلهيّة للعذراء مريم دون سواها من النساء: "لأنّها اتحدت وجدانيًّا بالله بالصلاة والتأمل وبرهنت على حكمتها... اختارت النعمة مريم العذراء دون سواها من بين كلّ الاجيال لأنّها في الحقيقة قد أثبتت رزانتها فى كلّ الامور ولم توجد مثلها امرأة أو عذراء فى كلّ الاجيال".

 

القدّيس أغسطينوس يقول: "لا نكرم العذراء من أجل ذاتها وإنّما لانتسابها لله. لو أفسد ميلاد السيّد المسيح بتوليّة القديسة مريم، لما حُسِب مولودًا من عذراء، وتكون شهادة الكنيسة الجامعة بأنّه وُلد من العذراء مريم، شهادة باطلة". ويخاطب السيّد المسيح قائلاً: "عجيبة هي أمّك! مَن يستطيع أن يُدرك أعجوبة الأعاجيب هذه عذراء تحبل.. عذراء تلد.. عذراء تبقى عذراء بعد الولادة".

 

خاتمة

 

كلّك جميلة يا مريم وليس فيكِ عيب... نتضرّع إليك أن تتشفّعي فينا ليعمّ السلام على الأنام بقوّة الباري تعالى. نحن نكرمك ونشكرك لأنّك هيّأتِ لنا بشرى الخلاص وفتحتِ أبواب الحياة والنعيم الأبديّ، على نقيض حوّاء التي جلبت للإنسان الموت والخطيئة والعصيان والهلاك الأبديّ.