موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ١٣ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠٢٥
مؤتمر دولي في عمّان يبحث دور المسيحيين في الإصلاحات الإقليمية والتحديات الراهنة
بتنظيم من المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام ومؤسسة كونراد أديناور

أبونا :

 

تحت رعاية معالي الدكتور رجائي المعشر، نائب رئيس الوزراء الأسبق، نظم المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام، بالتعاون مع مؤسسة كونراد أديناور، على مدار اليوم الاثنين، مؤتمرًا دوليًا بعنوان: "المسيحيون في الأردن والشرق الأوسط: دورهم في ظل الإصلاحات الداخلية والصراعات الإقليمية".

 

وألقى الأب الدكتور رفعت بدر، مدير عام المركز الكاثوليكي، في حفل الافتتاح الذي تولّت عرافته الدكتورة هبه عباسي، كلمة أشار فيها إلى أن هذا اللقاء يكمّل سلسلة مؤتمرات ومبادرات بدأت مع كونراد أديناور في عام 2015 في كومو بإيطاليا حول المسيحية العربية، وامتدت إلى برلين عام 2016 حول ما ينتظره المسيحيون من العالم الغربي، ثم عمّان 2023 حول واقع ومستقبل المسيحيين في الشرق.

 

ورحّب الأب بدر بالحضور وبراعي المؤتمر معالي الدكتور رجائي المعشر، مؤكدًا أن اختياره لرعاية هذا الحدث وموضوعه لم يكن صدفة، فهو أحد أبرز الشخصيات الوطنية والمسيحية في الأردن، ويجسّد التوازن بين الانتماء الوطني والولاء للقيادة الهاشمية الحكيمة.

 

وأشار إلى أنّ المؤتمر يهدف إلى تسليط الضوء على نجاح التجرية الأردنية في احترام كافة المكوّنات الدينية، مؤكدّا أن الحضور المسيحي في المجتمع الأردني يُعدّ حضورًا مشرّفًا ورائدًا ورائعًا وفعّالًا ونشطًا ومثمرًا في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية. كما لفت إلى أنّ المؤتمر يسعى أيضًا إلى تشجيع الإخوة في سوريا والعراق ليبقى الدين عامل محبة وسلام وليس أبدًا عامل تفرقه وخصام.

 

وختم الأب بدر كلمته بالتأكيد على أهمية استمرار جهود السلام، وأن يكون اتفاق غزة خطوة نحو سلام دائم وشامل وعادل، وبالأخص للشعب الفلسطيني الذي يتوق للحرية والاستقلال، مشيدًا في هذا السياق بدور جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظّم وسمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، وكل من يسهم في بناء السلام في فلسطين والعالم.

إدموند راتكا

 

من جهته قال الدكتور إدموند راتكا، الممثل المقيم لمكتب مؤسسة كونراد أديناور في الأردن، إنّه يشعر بالفخر لأن هذا اللقاء يُعدّ آخر فعالية كبرى يشارك في تنظيمها بعد خمس سنوات أمضاها في المملكة، وأشار إلى أنّ المؤتمر يمسّ أحد المحاور الأساسية التي تعمل من أجلها المؤسسة، والمتمثلة في تعزيز الحوار وبناء الجسور، لا سيّما في زمن تتّسم ملامحه بعدم اليقين.

 

وأوضح أنّ مؤسسة كونراد أديناور تسعى إلى ترسيخ جسور التفاهم في عالم يشهد انقسامًا واستقطابًا متزايدين، وخللاً في النظام الدولي كما تجلّى ذلك في الأحداث الأخيرة في غزة. وفي هذا السياق، أشاد بدور جلالة الملك عبدالله الثاني، واصفًا إيًاه بصوت السلام في المنطقة والعالم.

 

كما أكد على الدور المهم الذي يضطلع به المسيحيون محليًا ودوليًا، مشيرًا إلى أنّ المسيحيين العرب قدّموا اسهامات كبيرة في خدمة الإنسانية، معربًا عن أمله بأن يسهم المؤتمر في تقديم رؤية وتوجّه بنّاء أمام التحديات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وبلاد الشام على وجه الخصوص.

كلمة المطران خريستوفوروس

 

وألقى الأرشمندريت فنيدكتوس كيّال كلمة باسم سيادة المطران خريستوفوروس عطالله، رئيس مجلس الكنائس في المملكة ورئيس الكنيسة الأرثوذكسية في الأردن، أشار فيها إلى أنّ المؤتمر ينعقد في زمنٍ من التحوّل والإصلاح، تسعى خلاله مجتمعات المنطقة إلى تعميق فهمها للمواطنة الحقيقية. وأكد أنّ الحضور المسيحي في الشرق الأوسط هو حضور فاعل وشاهد، مدعوّ إلى الإسهام في بناء الأوطان وخدمة الخير العام.

 

ولفت إلى أنّ الإيمان المسيحي يدعو أبناء الكنيسة إلى المشاركة الإيجابية في الحياة العامة، مستنيرين بقيم العدالة والمساواة والمحبة، مشدّدًا على أهمية تعزيز التعليم وتكافؤ الفرص والمشاركة في الحياة المدنية، باعتبارها ركائز أساسية تمكّن المجتمعات من تحقيق رسالتها الإيمانية والإنسانية.

 

كما دعا سيادته إلى توطيد الروابط بين المسيحيين في الشرق الأوسط وإخوتهم حول العالم، وبناء الجسور التي تعزّز التضامن والسلام، مؤكدًا أن الشبكات المسيحية الإقليمية والدولية تُعدّ أدوات ثمينة لتعزيز الحوار والعيش المشترك.

الدكتور المعشر

 

وحملت الجلسة الأولى من المؤتمر عنوان "المسيحيون في الأردن: مثال للعيش المشترك، والوحدة الوطنية والمواطنة"، وألقى فيها معالي الدكتور رجائي المعشر كلمة تناولت التجربة الأردنيّة المتميزة في احترام كافة المكوّنات الدينية وأثرها على تعزيز الوحدة الوطنية، وعلّق عليها كل من القاضية في محكمة الاستئناف الكنسيّة الأرثوذكسية في عمّان كرستين فضول، ومؤسّس ومدير مركز القدس للدراسات السياسية الأستاذ عريب الرنتاوي، فيما أدارت الجلسة الصحافية رنا صويص.

 

وأكّد الدكتور المعشر على أهمية استحضار التاريخ العربي المسيحي لفهم عمق الالتزام الوطني، وترسيخ الوحدة المسيحية، وتوضيح مفهوم المواطنة الصالحة. وبيّن أنّ العرب المسيحيين شاركوا بفاعلية في ثلاثة مفاصل رئيسية تمثّلت في الإسهام بتأسيس الدولة العربية والإسلامية والحضارة الإنسانية، والدفاع عن الوجود العربي والإسلامي في مواجهة الغزوات الأجنبية، والمشاركة في النهضة العربية الحديثة والمعارك ضد الاستعمار والصهيونية. وأوضح أن مصير العرب المسيحيين مرتبط بمصير العرب المسلمين في إطار العروبة الجامعة، التي تشكّل الوعاء التاريخي والاجتماعي والحضاري المشترك للطرفين.

وأشار المعشر إلى أن مسؤولية المسيحيين العرب الوطنية تكمن في تفعيل الشراكة الإسلامية المسيحية من خلال الحوار الداخلي، والسعي لترتيب البيت العربي الواحد، وتوسيع دائرة هذا الحوار ليصل إلى مختلف شرائح المجتمع. كما دعا إلى إحياء التراث التنويري القومي الذي ساهم في صياغته المثقفون العرب، ولا سيّما المسيحيون منهم، الذين درسوا الإسلام ودافعوا عنه في سياق النهضة العربية الحديثة، مؤكدًا أن هذه الشراكة التاريخية كانت وما تزال حجر الأساس في الحفاظ على وحدة المجتمعات العربية وتماسكها.

 

وأضاف أنّ المسيحيين الأردنيين يعتزون بالروح التي قامت عليها الدولة الأردنية، ويتمسكون بالقيم والمبادئ التي أسست عليها المملكة، معتبرًا أن هذه الروح هي مصدر قوة الوطن ومنعته. وأشاد المعشر برؤية جلالة الملك عبدالله الثاني في ترسيخ مبادئ المواطنة الحقة كما وردت في "رسالة عمّان" والأوراق النقاشية الملكية، والتي تقوم على المبادرة البنّاءة وقبول التنوّع والاختلاف واحترام الرأي الآخر. وأكد أنّ على العرب المسيحيين مسؤولية سياسية واجتماعية وثقافية لتعزيز النسيج الوطني في مجتمعاتهم العربية، وترسيخ قيم المشاركة والانتماء والوحدة في مواجهة التحديات الراهنة.

جلسات المؤتمر

 

وركّزت الجلسة الثانية على "بين الطموح الوطني، الخصوصيات العرقية والبحث عن المواطنة في سوريا، لبنان والعراق"، وشارك فيها كل من مساعد رئيس أساقفة عكار وأسقف بانياس في سوريا المطران ديمتريوس شربك، ومدير مؤسسة أديان في سوريا روجيه أصفر، وأستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية في العراق الدكتور سعد سلوم، بالإضافة إلى الخبير في التنوع الإداري والحوكمة في لبنان والإمارات الدكتور إيلي الهندي، فيما أدار الجلسة مدير البرنامج المقيم للمؤسسة الجمهورية الدولية في الأردن الدكتور جيك جونز.

 

وتناولت الجلسة الثالثة موضوع "الإيمان والحوار الدولي: رؤى، شبكات، والقدرة على الحوار"، وشارك فيها السفير البابوي في الأردن سيادة المطران جيوفاني بيترو دال توسو، وأمين عام الجنة المركزية للكاثوليك في ألمانيا مارك فرينجز، وأستاذ العلوم السياسية في الجامعة الهاشمية الدكتور جمال شلبي، فيما ترأس الجلسة الدكتور إدموند راتكا.

 

واختتم المؤتمر بجلسة رابعة بعنوان "المسيحيون في فلسطين: نقاش كُتّاب"، وتركزت على تقديم ومناقشة كتاب الأستاذ خافيير أبو عيد بعنوان "متجذرون في فلسطين: المسيحيون الفلسطينيون والنضال من أجل التحرير الوطني (1917-2004)"، وشارك في التعليق مدير عام هيئة شبكة الإعلام في الأردن الأستاذ داوود كُتّاب، فيما ترأس الجلسة الممثل المقيم لمؤسسة كونراد أديناور في رام الله سيمون إنجلكس.